البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

أثر المقاطعة الاقتصاديّة على الاستعمار

الباحث :  أ. إبراهيم خالد لطف الجودي
اسم المجلة :  الاستعمار
العدد :  3
السنة :  ربيع _ 2025 م
تاريخ إضافة البحث :  April / 13 / 2025
عدد زيارات البحث :  113
تحميل  ( 420.795 KB )
المقاطعة الاقتصاديّة يجب أنْ تتمثّل في رفض التعامل التجاري بيعًا وشراءً، وهي حالةٌ من العداء التي تُخلق نتيجة حربٍ قائمةٍ أو عدوٍّ مترصّد، وهو مثالٌ من أمثلة الجهاد التي شرعت للمسلمين لمواجهة أعدائهم، فالمقاطعة الاقتصاديّة منهجٌ قرآنيّ له دلائل وآيات تثبته. وقد كان اليهود أوّل جهة قاطعها المسلمون، إضافة إلى ذلك أنّ منهج العلماء كان داعمًا لهذا الأمر، وأنّ المقاطعة الاقتصاديّة حدثٌ تاريخيّ قد حصل بمختلف الأشكال في مختلف الأزمان، مثل عمل اليهود الذين كانوا يسيئون به للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك ما حدث من المخلّفين الثلاثة عن القتال مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد تعدّدت تجارب هذه المقاطعة الاقتصاديّة، وقد كان للحوزة العلميّة دورٌ مهمٌّ في ثورة التنباك، وقد امتازت المقاطعة الاقتصاديّة بأنّها تحقّقت أولًا في اليهود، وتجدّدت مرةً أخرى ضد اليهود، وقد كانت المقاطعة الاقتصاديّة أسلوبًا قويًّا لمواجهة الاستعمار، كما فعل ذلك غاندي الذي جعل من المقاطعة الاقتصاديّة طريقًا لمواجهة الاستعمار.

الكلمات المفتاحية:
الاستعمار، الاقتصاد، المقاطعة، راعنا، غاندي. تمهيد

عمدنا إلى كتابة هذا البحث الموسوم بعنوان (أثر المقاطعة الاقتصاديّة على الاستعمار) لبيان أهميّة ودور المقاطعة في التأثير على سياسة المستعمِر، التي تصل في بعض الأحيان إلى ارغام المستعمِر على التنازل عمّا يروم تنفيذه من خططٍ وأهدافٍ شيطانيّة، والأخذ بعين الاعتبار لتبعات سياسته، وأيضًا محاولة معرفة من هو العدو الذي يجب أنْ نقاطعه اقتصاديًّا، إضافة إلى أنّ المقاطعة الاقتصاديّة قد جربت من قبل العديد من الأمم والشعوب، وغالبًا ما كانت الاهداف واحدة، وهي تغيير سياسة المستعمِر أو الدولة، أو حتى المؤسسة.
لطالما كان الاقتصاد هو صمام أمانٍ لكلّ كيانٍ قائم، وفي قوة الاقتصاد تكون قوة الدولة؛ ولذا فالاقتصاد هو معيار الدول، وتحديد المكانة التي سوف توضع فيها الدولة على المستوى الاقتصادي، وبسبب الفجوة التي حصلت في الأمة الإسلاميّة من تضارب القوى السياسيّة فيها، والتنازع الحاصل بين الطوائف، كانت القارة الأوروبيّة تسعى وتجدّ وتركّز كلّ قوّتها لتسيطر على الشرق الأوسط بكلّ سهولة، وهذا ما عملته بعد سقوط الدولة العثمانيّة، إذ تقاسمت الدولةَ العثمانيّةَ كتركة عبر الانتدابات الغربيّة، فتجزّأت الأوطان العربيّة، ورسمت الحدود لا كقوميّة عربيّة، بل كتركةٍ تقتسمها الدول الأوروبيّة لتصنع فيها ما تصنع، فكانت مصر والجزائر وسوريا بيد فرنسا، وليبيا بيد ايطاليا، والمغرب بيد إسبانيا، والعراق واليمن بيد بريطانيا، وقِسْ على ذلك بقية الدول سواء كانت عربية أم لم تكن، فالاستعمار بفترةٍ واسعةٍ سحق فيها كلّ الأوطان، وسلب الناس أوطانهم وهويّتهم، حتى وصل به الأمر إلى سلبه لغتهم، وبعد قيام الثوراتٍ وسنين طويلةٍ من النضال، خرجت هذه القوى، لكن قد تركت هدفًا جديدًا لها، للعودة من دون خسائر، بل للعودة بشكلٍ مربح، وهذا ما عملت عليه طوال هذا العقد.
كان الوجه القديم للمستعمِر هو الاستيطان والاحتلال للأرض وتهجير المواطن الأصلي من بلاده، وبعد انتهاء عصر الاستعمار الاستيطاني عمد المستعمِر الغربي إلى وجهٍ جديدٍ من أوجه الاستعمار وهو الاقتصاد، فأصبح يسيطر على السوق العالميّة، ويجعلها محطّ استهلاكٍ للبضائع الغربيّة، وتكون هذه السوق معتمدةً اعتمادًا كليًّا على السوق الغربي، بينما الغربي نفسه يعمد إلى التحكّم بالأسعار، وقيمة العملة على المستوى العالمي، ونحن نرى ذلك، ونحسّه من خلال عملة الدولار؛ إذ إنّها مرةً ترتفع قيمتها التجارية، ومرةً تهبط قيمتها التجاريّة. كان هذا هو هدف المستعمر أنْ يضع بضاعته ليشتريه العربي المسلم أو المواطن الشرقي، وأنْ يستثمر ويجمد العقل العربي وغيره من العقول، ويربح منه، ثم يجعل المجتمع العربي وغيره من المجتمعات مجتمعاتٍ استهلاكيّةً لبضائعه، بل لا تستطيع أنْ تعمل حتى الشيء البسيط الذي يعمله العقل الغربي.

لذا ركّزنا في هذا البحث بشكلٍ مكثّفٍ على أنْ نقّدم للمجتمع الإسلامي والعربي أهميّة المقاطعة الاقتصاديّة، وأنّها واجبٌ ديني وشرعي، قام به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ المقاطعة الاقتصاديّة عملٌ لا يستغنى عنه في مواجهة الأعداء بشكلٍ عام، ومواجهة اليهود بشكلٍ خاص، إضافة إلى أنّها تساعد على صحوة المجتمعات العربيّة والإسلاميّة، وتنشيطها للعمل على سلك الانتاج، وأنْ تكون هذه الأمّة أمّةً منتجةً مكتفيةً ليست بحاجةٍ إلى أيّ أمّةٍ أخرى، أو ليست سوقًا استهلاكيّةً لأيّ دولةٍ أخرى.
فالمقاطعة الاقتصاديّة لا زالت وحشًا يخافه العدو؛ لأنّه بمجرد العمل على المقاطعة سينهار ماديًّا، وسيعمل على معالجة أوضاعه الاقتصاديّة منشغلًا بها، وبهذا سدّت ثغرةً على المسلمين كان يستغلّها العدو، فيصدر بضاعته، ويأخذ أموال المسلمين، ثم يقتلهم بها، وستؤثر على المجتمع العربي والمسلم؛ لأنّها تخلق فيه وعيًا بخطورة شراء المنتجات الخاصّة بالغرب الذي يعمل على استعمار الدول العربيّة والإسلاميّة، وجعلها حظيرةً لتصفية حساباته مع الدول الأخرى.
وهنا تكمن أهميّة هذا البحث؛ أي أنّه يوضّح ويبيّن للمجتمع خطورة المستعمِر من الناحية الاقتصاديّة، محاولًا إيصال الفكرة بشكلٍ ديني شرعي، معتمدًا على الآيات الشريفة وآراء العلماء الربانيّين، وكذا إيصالها بشكلٍ تاريخي، وأنْ المقاطعة الاقتصاديّة قد نجحت، وأثّرت على الاستعمار، وذلك من خلال التجارب الناجحة التي سوف ننقلها.

ولقد اعتمدت في هذا البحث على المنهج التحليلي، فأضع الفكرة وتحليلها والآراء فيها، وكذلك المنهج التاريخي، فقد وضعت بعض القضايا التاريخيّة التي تضمّنت المقاطعة الاقتصاديّة لنعرف من خلال ذلك دور المقاطعة وأهميّتها.

وقد قسّمت البحث إلى خمسة مطالب:
المطلب الأول من هذا البحث يناقش المفاهيم، والمطلب الثاني منه يطرح قضية المقاطعة بوصفها قضيّةً دينيّةً شرعيّة وردت في الذكر الحكيم، والمطلب الثالث عن العدو الذي يجب مقاطعته، والمطلب الرابع منه يبين المحاولات التاريخيّة في المقاطعة الاقتصاديّة ونجاحها، والمطلب الخامس يتحدّث عن مقاطعة إسرائيل وفتاوي العلماء التي تتعلّق بها.

المطلب الأول: تعريف المقاطعة الاقتصاديّة
في هذا المطلب يمكننا معرفة اثنين من المفاهيم المتعلّقة بموضوع البحث، وهما: المقاطعة، والاقتصاد.

1- الاقتصاد
يعود مصدر هذه الكلمة إلى مفردة (قصد)، التي تأتي بمعنى الاستقامة، والتوسّط، والانقسام[2]، وأمّا المعنى الذي أخذ منه مصطلح الاقتصاد فهو التوسّط، أي الاقتصاد في المعيشة بحيث يكون متوسّطًا لا مسرفًا ولا مقترًا[3]، وهو ضدّ الإفراط[4].
أمّا في الاصطلاح فيستعمل الاقتصاد فقهيًّا بمعنى التوسّط بين طرفي الإفراط والتفريط[5]، ويعرف بالمفهوم الإسلامي اقتصاد إسلامي، ويعني النظام الذي يعالج توزيع الأموال والمنافع على جميع أفراد الرعية وتمكينهم من الانتفاع بها، وكيفيّة السعي لها وحيازتها[6]، إذًا الاقتصاد نظامٌ قائمٌ ينظّم ويعالج كلّ ما يخص الأموال.

2- المقاطعة
يعود مصدر كلمة مقاطعة إلى مفردة (قطع)، وهي على عدة معانٍ منها: الترك، والانتهاء، والتجاوز، والقسمة[7].
أمّا في الاصطلاح فتعني ترك الاتصال بشخصٍ معينٍ أو التعامل معه، ومنها المقاطعة الاجتماعيّة والاقتصاديّة[8]، وغيرها من الجوانب العديد التي تندرج تحت هذا المصطلح، إذًا فالمقاطعة هي تتضمن ترك التعامل، فلو قلنا كان التعامل اقتصاديًّا فتسمّى المقاطعة اقتصاديّة وعلى هذا فقِسْ.

3- ماهيّة المقاطعة الاقتصاديّة
بمجرد ذكر مفردة المقاطعة الاقتصاديّة يتبادر إلى الذهن العربي مقاطعة إسرائيل، وذلك في أنّ هذا الكيان مثل الحرب الاستعماريّة بمختلف جوانبها وأبعادها، وقد كانت الشعوب العربيّة تسعى دائمًا إلى مقاطعته بوصفه العدو الأول للأمة الإسلاميّة، وأنّ كلّ فلسٍ ينفق على بضائعه سوف يكون له أثرٌ وضررٌ على الشعب الفلسطيني.
تعني المقاطعة الرفض أو التحريض على رفض التعامل التجاري أو الاجتماعي مع مجموعاتٍ معتدية أو أفراد[9]، أو رفض التعامل مع شخصٍ أو منظمةٍ أو دولة، وتشمل معظم أنواع المقاطعة، مثل رفض شراء منتجات الشركة أو الدولة[10].

فهذه المقاطعة تهدف إلى المواجهة والصراع غير المباشر مع العدو الذي يسعى لترويج وبيع بضاعته، والربح من خلال المستهلك؛ ولذا فالمقاطعة وسيلةٌ تلجأ إليها دولةٌ أو أكثر أو مواطنوها بقصد خلق متاعب اقتصاديّةٍ لدولةٍ معينة[11]، وتأخذ طريق الضغط لتحطيم التجارة الخارجيّة العاديّة للدولة المستهدفة، وتعطيل علاقاتها الماليّة، وفي أغلب الأحيان يكون رفض هذه المقاطعة عملًا سياسيًّا يستهدف التأثير على ممارسات أو سياسات الدولة المعتدية، وتكون الأسلحة الاقتصاديّة هي القوة الضاغطة[12].
فالمقاطعة وسيلةٌ من وسائل الضغط الجماعي، الغرض منها الامتناع عن التعامل اجتماعيًّا أو اقتصاديًا مع شخصٍ أو جماعةٍ ما؛ إبرازًا لروح السخط وعدم الرضا، فمن ثم كانت المقاطعة لا سيّما في المجال السياسي سلاحًا من أسلحة المقاومة السلبيّة[13].

ولتحقّق المقاطعة يجب أنْ تكون بشكلٍ جماعي بحيث تتحقّق وسيلة الضغط على الجهة المعادية، فلو كانت المقاطعة فرديةً لما أتت أكلها، وتحقّق الهدف المنشود منها؛ فلذا يجب أنْ يكون هناك وعيٌ تامٌّ لدى المجتمعات بأهميّة المقاطعة، وأنّ المقاطعة يجب أنْ تكون من خلال المجتمع نفسه، فالتفاعل يأتي جماعيًّا لا فرديًّا؛ ولذا حين تصبح المقاطعة جماعيّةً سيضطر المورد لهذه البضائع أنْ يلغي استيراده لهذه المادة؛ لأنّ إقبال المجتمع عليها لم يعد مثل السابق، فيسبّب ذلك خسائر ماديّة كبيرة.
ويعرف الدكتور شحاته المقاطعة الاقتصاديّة بأنّها: «قطع المعاملات الاقتصاديّة والمالية وما في حكم ذلك مع العدو، ومن يعاونه، أو يدعمه، كنموذجٍ من نماذج العقاب، وإرسال رسالةٍ عزيزةٍ وقويّةٍ إليهم بهذا المعنى، كما تعتبر من أهم أسلحة الجهاد المشروعة ضدّ المعتدين ومن في حكمهم»[14]. فالمقاطعة الاقتصاديّة تتم مع العدو لا مع الصديق، والغرض منها هو جعله يدخل في خسائر ماديّة إضافة إلى إرغامه على تغيير سياسته.

المطلب الثاني: المقاطعة منهجٌ وأسلوبٌ قرآني
في هذا المطلب سنعرف أنّ المقاطعة قاعدةٌ شرعيّةٌ، ومنهجٌ قرآنيّ، وقد عاصرها وعايشها المسلمون في الرعيل الأول منهم.

1- آية المقاطعة
كان المسلمون يعيشون في مجتمعٍ مختلفٍ بطوائفه، وأعراقه؛ فقد كان في المدينة المنورة معقل المسلمين طائفةٌ من اليهود ليست بالقليلة تتمثّل في ثلاث قبائل محيطةٍ بالمدينة المنورة، وهي بنو النضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع، وقد كان في شبه الجزيرة العربيّة العديد من الملل والنحل من مسلمين ووثنيين ومجوس ومسيحيين، إضافة إلى الدول التي تحيط بالجزيرة العربيّة، كالفرس والروم.

ولا يخفى على الباحث أنّ المسلمين قد خاضوا حروبًا ضدّ المشركين في قريش بشكلٍ متكرّر، وكذلك الأمر بالنسبة لليهود؛ فقد عاش المسلمون وسط حربٍ مستمرةٍ تختلف أسبابها، وتتوحّد الجهات المتقاتلة فيها.
فكان عدو اليهود والمشركين في قريش عدوًا مشتركًا، وهم المسلمون؛ ولذا كان هذان الطرفان دائمي النزاع مع المسلمين، ومتحالفين مع بعضهم محاولين بذلك كسر بيضة الإسلام، وقتل الاسلام في مهده الأول؛ لذا كان يعمد اليهود إلى كلّ حيلةٍ يريدون بها الكيد للإسلام، ونشر السخريّة والإشاعة فيهم وعليهم.
وقد توهم البعض أنّ المقاطعة أسلوبٌ سياسيٌّ من أساليب مواجهة العدو بشكلٍ اقتصادي، وليس هناك خلافٌ في أنّ المقاطعة أصبحت أسلوبًا رائجًا تقوم به الدول تجاه الدول الأخرى المعادية لها، بوصفها سياسةً دوليّةً تقوم بها الأنظمة العالميّة لمقاطعة دولةٍ ما بسبب سياسةٍ تقوم بها، كما يحصل الآن مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، بل المقاطعة أيضًا هي منهجٌ قرآنيّ حرص عليه القرآن والدين الحنيف كوسيلةٍ من وسائل مواجهة العدوان.

ومن أمثال المقاطعة ما حصل مع المسلمين عندما كانوا يخاطبون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذا ألقى إليهم كلامًا، فيقولون له: (راعنا يا رسول الله)، يريدون بذلك إمهالهم حتى يفهموا، وكانت هذه المفردة (راعنا) موجودة في لغة اليهود؛ فاغتنم اليهود ذلك ليغيّروا معنى هذه المفردة، ويسيئون بها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانوا يخاطبون بها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مظهرين بذلك التأدب معه، وهم يريدون شتمه والإساءة إليه[15]، فنزل قوله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا ﴾[16]، وقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾[17]، فنهى الله تعالى المؤمنين عن قول هذه الكلمة (راعنا)، واستبدلها بكلمة (انظرنا)، حتى لا يكون لليهود ثغرة يصلون بها للمسلمين للاستهزاء بهم.

إذًا فهذه هي الآية أو إنْ صح القول الدليل على المقاطعة؛ لأنّ الله (عزّ وجلّ)، قد نهى المسلمين عن قول كلمةٍ واحدةٍ استفاد منها اليهود للجرح والاستهزاء بالمسلمين، فكيف إذا كان الأمر متعلقًا بأموالٍ يربح منها اليهود وغيرهم من أعداء الأمة الإسلاميّة؟!

2- معنى كلمة (راعنا)
إنّ مفردة (راعنا) هي مفردةٌ موجودةٌ في اللغتين؛ اللغة العربيّة، واللغة العبرية. أمّا في اللغة العربيّة فقد قال اللغويّون إنّها بمعنى (اجعل الينا)[18]، فيقال: راعنا سمعك، أي أعطنا سمعك، فهي كلمةٌ عربيةٌ موجودةٌ يتداولها العرب، ولو لم يكن لها أصلٌ لما كان المسلمون يقولونها حتى أتى لهم الخطاب بالنهي عن قولها.
أمّا في اللغة العبريّة فهي تأتي بمعنى الشتم والاساءة؛ لذا نُهي المؤمنون عنها، وقد قال الشيخ البلاغي: «قد تتبعت العهد القديم العبراني فوجدت أنّ كلمة (راع) بفتحة مشاله إلى الألف، وتسمّى عندهم (قامص)، بمعنى الشرّ أو القبيح، ومن ذلك ما في الفصل الأول من توراتهم، وبمعنى الشرير واحد الأشرار، ومن ذلك ما في الفصل الأول من السفر الخامس، وفي الرابع والستين والثامن والسبعين من مزاميرهم، وفي ترجمة الأناجيل بالعبرانية، و(نا) ضمير المتكلّم، وفي العبرانية تبدل ألفها واوًا، أو تمال إلى الواو، فتكون (راعنا) في العبرانية بمعنى شريرنا، ونحو ذلك... ونُهي المؤمنون عن قولهم لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) (راعنا) لئلا يتّخذها اليهود في خطابهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيلةً لسبّه والطعن في الدين»[19]، وقد نُقل ذلك عن الإمام الباقر(عليه السلام) حيث قال: «هذه الكلمة سبٌّ بالعبرانيّة، وإليه كانوا يذهبون»[20]، أي اليهود كانوا يستعملون هذه المفردة (راعنا)، بغرض الاساءة لشخص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذا جاء التشريع الإسلامي صارمًا غير متهاونٍ مع هذه الإساءة فأمرهم الله ﷻ إلى استبدال هذه الكلمة بكلمةٍ أخرى بديلةٍ عنها، فأسّس بذلك الشرع الإسلامي مصطلح البديل مع مصطلح المقاطعة.

3- منهج العلماء في ذلك
لقد اتّفق علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في أنّ هذه الآية نزلت لكي تحرّم وتنهى المؤمنين عن استخدام تلك الكلمة التي أراد اليهود بها أنْ يسيئوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن هؤلاء العلماء الأعلام: الشيخ السبزواري[21]، والسيد عبد الله شبر[22]، والكاشاني[23]، والطهراني[24]، وقرائتي[25]، والعاملي[26]، والطبرسي[27]، والشيخ فتح الله الكاشاني[28]، والسيد النقوي[29]، والسيد الجزائري[30]، والمشهدي[31]، والسيد الحائري[32]، والسيد السبزواري[33]، وغيرهم من العلماء سواء أكانوا من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) أم غيرهم.
وقد جرى علمائنا الأعلام في إيضاح أهميّة المقاطعة من خلال تفسيرهم المباشر لهذه الآية الشريفة[34]، معتمدين بذلك على الحجج والبراهين التي تثبت سوء اليهود، وسوء المقصد الذي يرومون إليه، فقد وصل بهم الحد إلى أنْ يستغلّوا كلمةً عربيّةً صادفت بأنّ له نظيرًا في اللغة العبريّة.

يقول الشيخ مكارم الشيرازي: «نستنتج أنّ على المسلمين ألّا يوفروا للأعداء فرصة الطعن بهم، وألّا يتيحوا لهم بفعلٍ أو قولٍ ذريعةً يسيئون بها إلى الجماعة المسلمة، عليهم أنْ يتجنّبوا حتى ترديد عبارة يستغلّها العدو لصالحه، الآية تصرّح بالنهي عن قول عبارةٍ تمكّن الأعداء أنْ يستثمروا أحد معانيها لتضعيف معنويات المسلمين، وتأمرهم باستعمال كلمةٍ أخرى غير تلك الكلمة القابلة للتحريف ولطعن الأعداء»[35]، فهؤلاء الأعداء ليسوا بالعدو السهل الذي يمكن الإغفال عنه، بل هؤلاء هم أخطر القوم وأمكرهم، وقد وصفهم الله (عزّ وجلّ) في كتابة الكريم بكلّ وصفٍ مشينٍ يدلّ على خبثهم وحقارة أنفسهم، ولؤمهم الكبير وحقدهم العظيم الذي يكنونه تجاه الإسلام حتى وصل بهم الأمر إلى استغلال كلمةٍ واحدةٍ محاولين بذلك إهانة الإسلام من خلالها.

يقول تعالى: ﴿ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ واللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ واللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾[36]. لقد ألحق الله (عزّ وجلّ) هذه الآية بالآية التي قبلها، بحيث تتكامل الفكرة في ذهنيّة المسلم، ويعي بشكلٍ كاملٍ الأسباب والنتائج، وأنّ هذا العدو لا يريد الخير للإنسان المسلم، ولا يجب الركون إليه أو الاتحاد والتعاون معه، وعندما نأخذ بالحذر سوف نستطيع مواجهة هذا العدو. والمقاطعة الاقتصاديّة واجبة على كلّ إنسانٍ مسلمٍ، فيروي الإمام الصادق × عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الظلمة وأعوانهم، من لاق لهم دواة، أو ربط لهم كيسًا، أو مدّ لهم مدّة قلمٍ فاحشروهم معهم»[37].

4- شواهد للمقاطعة
لم تكن آية المقاطعة هي الآية الوحيدة التي جرت كشرعٍ وقانونٍ إسلامي، بل هناك شواهد أخرى تثبت صحّة المقاطعة ووجودها على الواقع الإسلامي:

أولًا: في القرآن الكريم
كانت غزوة تبوك هي الغزوة التي يعذر فيها أيّ مسلمٍ لتخلفه عنه لصعوبة الموقف، وكذلك أيضًا لما قام به المنافقون من تثبيط للمسلمين عن المشاركة في هذه الغزوة، وقد أثرت هذه الشائعات التي بثها المنافقون في أوساط المسلمين على البعض، وكان منهم ثلاثة قد ذكر الله تعالى قصّتهم في كتابه الكريم، فيقول : ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّـهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[38].
فنزلت هذه الآية تعاتب ثلاثة من المسلمين تخلّفوا عن غزوة تبوك فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألّا يتكلّم معهم أحدٌ من المؤمنين عقابًا لهم لتخلّفهم[39]، وهذا من المقاطعة التي جرت على المسلمين كعقاب لهم، ولو لم تكن المقاطعة عقابًا؛ لما قام بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تكلّمنَّ أحدًا من هؤلاء الثلاثة». ففعلت مقاطعة الناس للمخلفين فعلتها، وضغطت عليهم نفسيًّا بشدة حتى ضاقت عليهم الأرض على رحابتها[40]؛ ولذا فالمقاطعة استخدمت وسيلةً للعقاب بحيث تعطي نتيجة، وكانت النتيجة في هذا الموقف المذكور سابقًا هو عودة المخلفين إلى جادة الصواب.

ثانيًا: في السيرة النبويّة
لقد وردت العديد من الموارد التي تذكر فيها المقاطعة، وقد جرت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

أ- المقاطعة التي قامت بها قريش
بعد أنْ استمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدعوة إلى الإسلام أرادت قريش أنْ تمنعه من ذلك بمختلف الوسائل فلم يمتنع؛ ولذا فقد قاموا بعقابٍ عامٍّ أصدروه على بني هاشم، فلذا فقد قامت قريش بجمع بني هاشم إلى شعب أبي طالب وحاصروهم فيه ثلاث سنوات، وقاطعوهم لدرجة أنّهم ائتمروا على ألّا ينكحوا منهم، أو يبتاعوا منهم شيء[41].
ولذا فقد كان ما قامت به قريش هو من باب المقاطعة التي جرت على بني هاشم، وقد كانت مقاطعة عامة، منها اقتصادية؛ فلذا فقد تضمن اتفاقهم على عدم التجارة مع بني هاشم مطلقًا بيعًا وشراء، وكذلك مقاطعة اجتماعيّة، فقد اتفقوا على عدم الزواج منهم.

ب- ما قام به ثمامة بن أثال
كان أحد المسلمين من بني حنيفة من اليمامة، وقد كان بني حنيفة لديهم علاقاتٌ وثيقةٌ مع قريش، وكانوا يتاجرون معهم، وعندما أسلم ثمامة بن أثال قام بقطع التجارة هذه عن قريش[42]، ولم يصدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقدٌ ظاهرٌ لما فعله ثمامة تجاه قريش، وقد كان ما عمله ثمامة أسلوب ضغطٍ على قريش، وورقةً رابحةً ضدّهم، دفعت قريش للنزول إلى رغبة ثمامة.
إذا فقد كانت هذه هي الوسائل التي كانت تستخدم للضغط وهي الضغط الاقتصادي، وأسلوب المقاطعة أسلوب يستخدم لإرغام الطرف الآخر على النزول إلى رغبة الطرف المقاطع، وفي هذا الفرع نعرف بأنّ المقاطعة كانت تستخدم من جميع الأطراف، سواء أكان هذا الطرف قويًا أم ضعيفًا، حقًّا أم باطلًا، فكلّ من يستخدمها يريد تحقيق أهدافه.

5- أدلة المقاطعة
أ- قال تعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وظاهَرُوا عَلى‏ إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[43].
الذي ينهانا الله عنهم هم أهل مكة، ويقول السيّد الجزائري إنّ الذين ظاهروا هم عاونوا أهل مكة، أي الرؤساء على إخراج المسلمين من مكة[44]، وهذا يدلّ على عظمة الموقف، وأنّ النهي أتى حتى على مستوى الذين عاونوا رؤساء مكة، ويأتي النهي كما قال الشيخ الطبرسي في الموالاة والتودّد أو مكاتبتهم بإظهار أسرار المسلمين[45]، والنهي يأتي بمعنى طلب الكفّ عن الفعل[46]؛ ولذا فالآية دلالتها في أنّ على المسلمين الانقطاع عن الكفّار الذي قاتلوهم بحيث لا يوالوهم أو يتوددوا لهم؛ فلذا يجب أنْ يتم مقاطعة من يكونون في حالة العداء مع الطرف الآخر، فضرورة القتال والحرب تحتم المقاطعة الاقتصاديّة فليس من العقل أنْ تكون هناك علاقات اقتصاديّة تقام بين دولتين ذات طابع عدائي، والميدان بالنسبة لهما ساحة حرب؛ فلذا من البديهي أنْ تتم محاربة العدو على المستويات والأصعدة كافة، والمقاطعة الاقتصاديّة هي أحد تلك المستويات التي يجب أن تقام.

ب- ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾[47].
يقول الشيخ محسن قرائتي: «إنّ العدو يسعى بكافة الوسائل والأساليب لإطفاء نور الله»[48]؛ ولذا فالعدو سيحاول بكلّ جهدٍ لديه أنْ يغلب المسلمين بكافة المجالات وعبر كلّ الجوانب، من حيث نشعر أو لا نشعر؛ ولذا قال الله تعالى بأنّ هذا الدين سيظهر على كلّ الناس وعلى كلّ الأديان، وفي كلّ الأماكن، والمقاطعة الاقتصاديّة طريقٌ من طرق محاربة الكفّار الذي يسعون لإطفاء نور الله تعالى، وقد تكون البضائع التي تنشر في السوق الإسلاميّة وهي ليست بضائع إسلاميّة إنّما بضائع أعداء يقاتلون الأمة الإسلاميّة تعدّ من محاولات الكفّار في إطفاء نور الله من خلال جعل هذه الأمة أمةً مستنزفةً لما تصنعه يد الأعداء الذين يحاولون جاهدين في أنْ يجعلوا الأمة الإسلاميّة أمةً مستهلكةً لكلّ ما ينتجونه.
ت- ﴿ولَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي ولا تَقْرَبُونِ﴾[49].

هدّد نبيّ الله يوسف (عليه السلام) إخوته بأنّهم لو لم يأتوا بأخيهم الآخر سوف يقطع عنهم الطحين، و(لا تقربون)، أي لا تأتون إليّ، فهذا الأمر يندرج تحت المقاطعة فهو هدّدهم بالمقاطعة لكي ينزلوا إلى رغبته.
إذًا من خلال الآية تبيّن لنا أحد فوائد المقاطعة الاقتصاديّة، وهي تحقيق الهدف المنشود من خلال المقاطعة بحيث إنّ المقاطعة تصبح مرحلة لتحقيق الأهداف السياسيّة منها أو حتى الأهداف الاقتصاديّة.
ج- ﴿ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ ولا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ولا يَطَؤُنَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ ولا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾[50].
الموطئ الذي يغيظ الكفار يظهر ويعرف؛ فلذا المقاطعة وسيلةٌ وسبيلٌ لإغاظة الكفّار، فهي على هذا جهادٌ في سبيل الله في الجانب الاقتصادي، وكذلك تعدّ من وسائل النيل من العدو، فلو قلنا إنّ الآية قد حدّدت مراحل عديدة لمواجهة العدو، وهذه المراحل التي يتم من خلالها مواجهة العدو هي عملٌ يقوم به المسلم؛ فلذا يترتب على ذلك أنّ المقاطعة صفة ذات جانبٍ عملي، بحيث تكون عمليّة حين المقاطعة، وعمليّة حين الإنتاج، والموطئ الذي يغيظ الكفّار؛ لأنّ العدو لا يريد أنْ تكون الأمة الإسلاميّة منتجة.

د- ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ ومَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾[51].
المقاطعة الاقتصاديّة تأتي وفق هذه الآية بمعنى الغلظة، فهي من الغلظة في العداء.
إذًا نخرج ممّا تقدّم بنتائج عدّة، منها أنّ للمقاطعة الاقتصاديّة عدة أدلة باستثناء الآية التي سورة في البقرة، ومن هذه الأدلة:

١- أنّ المقاطعة الاقتصاديّة تأتي تحت باب عدم التعاون مع الكفّار، أو التعامل معهم، خاصة من بينهم وبين المسلمين حرب وقتال؛ ولذا فيجب أنْ تكون أحد عوامل ردّة الفعل من المسلمين هي الانتهاء عن الكفّار حتى على مستوى التودّد، فلا ينبغي إظهار الحبّ لهم أو التودّد لهم بسبب حالة العداء القائمة بينهم وبين المسلمين.
٢- أنّ المقاطعة الاقتصاديّة تأتي تحت باب إظهار دين الله تعالى، فلو كان الإسلام رائجًا في الاقتصاد كان هذا أحد عوامل ظهوره في كلّ مكانٍ وعلى كلّ الأديان، ولكنّ المشركين يسعون بمختلف الأساليب إلى عدم إظهار دين الله تعالى، وانتشارهم الاقتصادي في بلاد المسلمين أحد الأساليب التي تحاول إطفاء نور الله؛ فهم ببضائعهم يجعلون المسلمين في حال جمودٍ، وسوقًا استهلاكيّةً لهم.
٣- أنّ المقاطعة الاقتصاديّة أتت في قصّة النبي يوسف (عليه السلام) بوصفها وسيلةً في إخضاع الطرف الآخر لتلبية رغبات المقاطِع؛ ولذا قام أبناء النبي يعقوب (عليه السلام) بمراجعة أبيهم، وفعلًا أحضروا للنبيّ يوسف (عليه السلام) أخاهم الصغير؛ ولذا فالتهديد بالمقاطعة الاقتصاديّة أنزلهم تحت رغبة النبي يوسف (عليه السلام)، وهذا يعدّ أحد فوائد ونتائج المقاطعة الاقتصاديّة.
٤- أن المقاطعة الاقتصاديّة جانبٌ مهمٌّ من جوانب محاربة الكفّار، ويعدّ موطئ غيظٍ لهم؛ كون المقاطعة الاقتصاديّة تشكّل تهديدًا اقتصاديًّا عليهم، وخسائر ماليّة فادحة.

المطلب الثالث: العدو الذي يجب مقاطعته
من خلال الآيات القرآنيّة التي بحثنا فيها، عرفنا أنّ اليهود هم الذين كانوا يقصدون الإساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ ولذا فهم جزءٌ من هذه الدائرة التي يجب مقاطعتها. ولليهود سجلٌ إجراميٌّ كبير، ولهم ماضٍ أسود، وقد حذرنا القرآن الكريم منهم، فأعطنا لنا طابعًا مهمًّا للتعامل معهم على وفق قواعد قرآنيّةٍ ثابتةٍ لا تتغيّر ولا تتبدّل.

ولذا يمكننا أنْ نستعرض الآيات التي من خلال نعرف من العدو الذي يجب أنْ نقاطعه:
يقول في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وقُولُوا انْظُرْنا واسْمَعُوا ولِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ واللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ واللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾[52].

فهذه الآية هي الأساس الأول للمقاطعة وكذا المنهج الثابت، ولا يمكن المحاججة بخلاف ذلك، وقد لحقت الآية بآيةٍ أخرى تتكلّم عن نوايا الأعداء، وقد صرّح القرآن الكريم بجنس هؤلاء الأعداء الذين هم على قسمين، أهل الكتاب، والمشركين؛ فالمسلمون يتعاملون مع نوعين من الأعداء لديهم اعتقادات مخالفة، ولديهم أهداف مختلفة، ولديهم دوافع متباينة.
أمّا بالنسبة لأهل الكتاب فهم الخارجون عن الملة الحنيفيّة، والشريعة الإسلاميّة ممن يقول بشريعة وأحكام، وحدود وأعلام، وهم قد انقسموا إلى من له كتاب محقّق مثل التوراة والإنجيل، وعن هذا يخاطبهم التنزيل بأهل الكتاب، وإلى من له شبهة مثل المجوس والمانوية، فإنّ الصحف التي أنزلت على إبراهيم (عليه السلام)، قد رفُعت إلى السماء لأحداث أحدثها المجوس؛ ولهذا يجوز عقد العهد والذمام معهم، وينحى بهم نحو اليهود والنصارى، إذ هم من أهل الكتاب[53].

أمّا بالنسبة للمشركين فهم الذي أشركوا مع الله إلهًا تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا إذًا فهؤلاء هم في الأصح جميع البشر باستثناء المسلمين؛ إذ إنّ المسلم لا يدخل من ضمنهم إلّا إذا تولاهم كما في مضمون الآيات القرآنيّة الكثيرة التي تتحدّث عن ذلك.

المطلب الرابع: تجربة المقاطعة الاقتصاديّة تاريخيًّا
إذا كنا نريد معرفة أثر المقاطعة وأهميّتها يجب علينا العودة إلى معرفة التجارب التي حصلت من خلال تجربة المقاطعة، ومدى تأثيرها الذي أحدثته.
تعدّ المقاطعة الاقتصاديّة سلاحًا فعّالًا بيد الشعوب وكذلك الدول، وليس هناك شريطة في أنْ يكون المستخدم لهذا السلاح ذا مظلوميةٍ، فقد يستخدم هذا السلاح من قبل الظالم نفسه؛ إضافةً إلى المقاطعة الاقتصاديّة تعدّ قانونًا من قوانين العقوبات الدوليّة التي تجريها الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، وقد كان في عصبة الأمم قانونٌ يقنن ذلك، حيث كانت المقاطعة الاقتصاديّة تعدّ أحد مواثيق قانون عصبة الأمم، وكان ذلك القانون ينصّ على أنّ: «تقطع دول العصبة علاقاتها التجاريّة والماليّة معها، ومنع كلّ اتصالٍ بين أهاليها وأهالي تلك الدولة -أي المخالفة- وكذلك تعمل على منع كلّ علاقةٍ ماليّةٍ أو تجاريّة أو شخصيّة بين أهالي تلك الدولة وأهالي أيّ دولة أخرى عضو في العصبة أو غير عضوٍ فيها»[54].

أ- علاقة العمال بالمقاطعة الاقتصاديّة
قد يلجأ العمال لمثل هذه الأعمال، لاسترداد حقوقهم، أو لزيادة رواتبهم، كون الشركات كانت في الأغلب ذات أنظمةٍ دكتاتوريّة، وكانت في العادة تشكّل نقاباتٍ للعمل أو يقوم المستهلكون أنفسهم بمقاطعة شركة لإجبارها على تغيير سياستها[55].

ب- تجارب الشعوب في المقاطعة
وقعت العديد من المقاطعات من قبل الشعوب، ففي أوروبا بعد الحرب العالميّة الثانية امتنع كثيرٌ من الناس عن شراء البضائع المصنّعة في ألمانيا بسبب احتلالها لبلادهم[56]، وهذا يدلّ على الوعي المجتمعي الحاصل في الدول الأوروبيّة، فها هم يقاطعون البضائع الألمانيّة حتى بعد انتهاء الحرب عليهم، وأمّا في الولايات المتّحدة الأمريكية في العام ١٩٥٥م، قام السود في مدينة مونتجومري بولاية ألباما بمقاطعة نظام سير حافلات المدينة ممّا قضى على سياسة الفصل الاجتماعي داخل الحافلات منذ الستينيّات[57]، وتحقّق لهم ذلك.
«وفي إيرلندا إبّان حركة تحريرها من الإنجليز قام الفلّاحون بحركة مقاطعةٍ بدأت بامتناعهم عن التعامل مع وكيل أحد اللوردات الإنجليز من أصحاب الإقطاعات الزراعيّة في إيرلندا، وبعدها عرفت المقاطعة الاقتصاديّة في الدول الأوروبية باسم (بويكوت)، وهو اسم هذا الوكيل الإنجليزي»[58].

وفي عام ١٩١٢م، أعلن الأتراك قيامهم بمقاطعة كلّ ما هو إيطالي من منتجاتٍ وغيرها، وذلك بسبب الحرب على طرابلس[59]، وقد كان هذا الأسلوب هو ديدن الشعوب في مواجهة المستعمِرين أو مواجهة سياسة الحكومات أو الشركات الاستغلاليّة التي تتحكم بالمواد الغذائيّة، أو بالأوضاع المعيشيّة للبلدان.

ج- المقاطعة الاقتصاديّة في مصر
لقد كانت مصر أحدى الدول العربيّة البارزة في مواجهة الغرب، وخاصة الاستعمار البريطاني أو الإنجليزي؛ إذ كانت المقاطعة تمثّل سلاحًا سياسيًّا بارزًا، وقد قامت الحكومة المصريّة بمقاطعة لجنة ملنر في عام ١٩١٩م، بوصفها لجنة تحقيق بريطانية؛ إذ مثل هذه اللجان لا تُشكّل إلّا إذا أوفدت إلى المستعمَرات، وقد قام أيضًا حزب الوفد في مصر بعد اعتقال رئيس الحزب سعد زغلول ونفيه إلى إصدار قرار مقاطعة، وكان ممّا تضمنه هذا القرار: «يجب على كلّ مصري أنْ يقطع العلاقات الاجتماعيّة مع الإنجليز والغرض منه أنْ يشعر الإنجليز بعزلتهم من جميع عناصر الأمة، وعلى المصريين أنْ يسحبوا ودائعهم من المصارف الإنجليزيّة، وعلى التاجر المصري أنْ يحتم على عملائه في الخارج ألّا يشحنوا بضائعة على سفن إنجليزيّة، ويجب تفضيل المصنوعات الوطنيّة، أمّا التاجر الإنجليزي فيجب مقاطعته مقاطعة تامة، وواجب الأهالي تجاهل وجود الموظفين الإنجليز، وأنْ يرفعوا أعمالهم الى الموظّفين المصريين»[60].
فقد تضمن هذا القرار المقاطعة بكافة أنواعها وجوانبها، وقد كان قرارًا تاريخيًّا، وردة فعلٍ قويةٍ من الشارع المصري تجاه الاحتلال.

د- سياسة غاندي تجاه الاستعمار
قام غاندي القائد الهندي بثورةٍ على الاحتلال البريطاني للأراضي الهنديّة، وكان صاحب رؤيةٍ نافذة، وصاحب طموحاتٍ قد حقّقها للشعب الهندي، وكانت لديه سياسةٌ تسمّى الساتياغراها، وقد كانت معالم هذه السياسة واضحة فهي ترفض التعاون مع سلطات الاحتلال وإدارتها للبلاد، وتعتمد على رفض الألقاب التي تخلعها السلطات البريطانيّة على الهنود، وتقاطع الخدمة العسكريّة، وتترك دفع الضرائب ومقاطعة المحاكم البريطانيّة، وأخيرًا مقاطعة شاملة للبضائع البريطانيّة[61].

واستمر غاندي في اعتماد هذه السياسة لمحاربة الاستعمار البريطاني من العام ١٩٢٠م، وفي العام نفسه أطلق غاندي برنامج -النسيج والحياكة اليدويان- والذي كان يهدف من خلال هذا البرنامج إلى دعم الحريّة الاقتصاديّة للبلاد والخروج من كنف المستعمِر البريطاني، وكذلك تطوير الاكتفاء الذاتي للبلاد، وتطوير اليد العاملة التي تعمل من أجل نجاح موطنها، والحريّة الاجتماعيّة التي ستجعل الهندي يخرج من تحت العباءة البريطانيّة، وبهذا البرنامج تحدّى غاندي المستعمِر البريطاني ونافسه في صناعة الملبوسات، وقاطع الشعب الهندي تلك الملبوسات البريطانيّة، وبعد مضي سبع سنين من إطلاق غاندي للبرنامج، وكذا اعتماده سياسة الساتياغراها أرسلت بريطانيا في عام ١٩٢٧م، بعثة مفاوضة للدستور الهندي الجديد، لكن القائد الحكيم غاندي رفض الاشتراك في هذه المفاوضات، ودعا إلى مقاطعة هذه البعثة، والخروج للشوارع طوال وجودها في الهند، وفعلًا استطاع غاندي أنْ يجعل هذه البعثة ترجع خائبةً دون نتيجة[62].

و- ثورة التنباك
كانت إيران في عهد الشاه ناصر الدين قاجار مضطربة الأوضاع، وقد كان الشاه لا يملك صفات الحاكم الذي يحمي سيادة دولته، وأوضاع بلاده الاقتصاديّة. وقد كانت إيران في عهد ناصر الدين قاجار تسير نحو التدهور الاقتصادي بسبب سياسته الماليّة، وسوء تدبيره وتبذيره، وقد أنهكت سفريّاته إلى الدول الأوروبيّة ميزانيّة الدولة الإيرانيّة[63] حتى وصل به الأمر إلى تسليم زمام أمره إلى بريطانيا بسبب انبهاره بهم.
وهنا قام الشاه ناصر الدين قاجار بعمل اتفاقيةٍ مع شركة الدخان البريطانيّة في عام ١٨٩٠م، أعطى بموجبها حقّ استثمار التبغ لمدة خمسين سنة مقابل خمسة عشر ألف جنيه إسترليني للحكومة الإيرانيّة، وربع أرباح الشركة سنويًّا، وقد بدأت الشركة بشراء محصول التبغ بأسعارٍ زهيدة، وبيعه بعد تصنيفه بأسعارٍ مرتفعة، حتى سرت النقمة في أوساط الفلاحين، الذين قد بدأوا يتضايقون من تزايد الشركات الأجنبيّة في إيران، حتى قاموا بالاعتداء على الشركة من جهة، وعلى منع الأجانب من دخول المدينة من جهةٍ أخرى[64]، وبعد اندلاع ثورةٍ شعبيّةٍ رجع العلماء إلى مرجعهم الأعلى ليؤيّد حركتهم، وكان آنذاك هو المجدد الشيرازي (قدس سره)، الذي أرسل رسالةً إلى الشاه ليحذّره من أعماله، وبعد إصرار الشاه أصدر المجدد الشيرازي فتوى تحريم التنباك عام ١٨٩٢م، التي قال فيها بالنهي عن استخدام التدخين ونصت على: «التدخين الآن حرام، هو بمثابة محاربة إمام الزمان». وقد أخذت هذه الفتوى تأثيرها بالمجتمع الإيراني[65]، حتى وصل الأمر بالمقاطعة أنّ الشاه نفسه طلب لنفسه (نارجيلة) فقيل له: إنّها كُسرت مع جميع لوازمها تنفيذًا لأمر المجدد الشيرازي، وبعد مدّةٍ قصيرةٍ انهارت الشركة وأعلنت إفلاسها، وفشل المشروع البريطاني[66]، وبعد ذلك أُجبر الشاه ناصر الدين على إلغاء العقد الذي برمه مع الشركة البريطانيّة[67]، وبذلك فتوى صغيرة سيطرت على كلّ اقتصاد إيران، وأجبرت الشاه على الرضوخ.

إنّ الدول الغربيّة تستفيد من جعل الأمة الإسلاميّة سوقًا استهلاكيّةً لأسبابٍ متعدّدة، ومن أهمّ هذه الأسباب:
١- السيطرة الكاملة على السوق الاقتصاديّة الخاصّة بالمسلمين والعرب، وجعلهم بحاجةٍ ماسّةٍ ودائمةٍ للبضائع الغربيّة ومنتجاتهم.
٢- التحكّم بسعر العملة والاحتكار الدائم للصناعات، وشعل الأزمات بشكلٍ مستمر، ويظهر هذا الأمر كثيرًا في المجتمعات الرأسماليّة التي يتحكّم في سعر عملتها فردٌ أو جماعةٌ أو مؤسّسةٌ إنتاجيّةٌ في عدة موارد إنتاجيّة، وهو ما يعرف بنظام التروست[68].

المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
آل قاسم، الشيخ عدنان فرحان، تاريخ الحوزات العلميّة والمدارس الدينيّة عند الشيعة الإماميّة، بيروت، دار السلام، ط١، ١٤٣٦هـ-٢٠١٦م.
البلاغي، محمد جواد، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، قم المقدسة، مؤسسة البعثة، ط١، ١٤٢٠هـ.
الجاف، حسن عبد الكريم، موسوعة إيران، بيروت، الدار العربيّة للموسوعات، ط١، ١٤٢٨هـ-٢٠٠٨م.
الجزائري، السيّد نعمة الله، عقود المرجان في تفسير القرآن، قم المقدسة، مؤسّسة إحياء الكتب الإسلاميّة، ط١، ١٣٨٨هـ.ش.
الحائري، السيّد مير علي، تفسير مقتنيات الدرر، قم المقدسة، مؤسسة دار الكتاب الإسلامي، ط١، ١٤٣٣هـ.
حماد، نزيه، معجم المصطلحات المالية والاقتصاديّة في لغة الفقهاء، دمشق، دار القلم، ط١، ١٤٢٩هـ-٢٠٠٨م.
الخوئي، السيد أبو القاسم، صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات، قم المقدسة، دار الاعتصام، ١٤١٧هـ.
السبحاني، جعفر، سيد المرسلين، قم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ط٤، ١٤٢٩هـ.
السبزواري، محمد، الجديد في تفسير القرآن المجيد، بيروت، دار التعارف، ط1، ١٤٠٢هـ-١٩٨٢م.
السبزواري، السيد عبد الأعلى، مواهب الرحمن في تفسير القرآن، قم المقدّسة، نكين، ط٥، ١٤٣١هـ.
السيستاني، السيد علي، الموقع الإلكتروني الخاص بسماحته.
شبر، السيد عبد الله، الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين، الكويت، مكتبة الألفين، ط١، ١٤٠٧هـ-١٩٨٦م.
شحاته، حسين، الاقتصاد الإسلامي بين النظرية والتطبيق، القاهرة، دار النشر للجامعات، ط١، ٢٠٠٨م.
الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط١، ١٤٢٧هـ-٢٠٠٦م.
الشيرازي، الشيخ ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم المقدسة، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ط١، ١٤٢٦هـ.
الصادقي الطهراني، محمد، الفرقان في تفسير القرآن، بيروت، طيعة دار الأميرة.
صديق، رامي عطا، غاندي رسالة اللاعنف والتسامح، بيروت، جداول، ط١، ٢٠١٤م.
الصغير، محمد حسين، المرجعيّة الدينيّة العليا في النجف الأشرف مسير ألف عام، كربلاء، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ط١، ١٤٣٧هـ-٢٠١٦م.
الصدر، السيد محمد، مسائل وردود، بيروت، دار ومكتبة البصائر، ١٤٣٢هـ-٢٠١١م.
الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط١، ١٤١٧هـ-١٩٩٧م.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار العلوم، ط١، ١٤٢٦هـ-٢٠٠٥م.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جامع الجوامع، قم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ط٢، ١٤٢٣هـ.
الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان، الجيزة، دار هجر، ط١، ١٤٢٢هـ-٢٠٠١م.
الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك المعروف بتاريخ الطبري، القاهرة، دار المعارف، ط٢، ١٩٦٨م.
الطريقي، عبد الله بن عبد المحسن، الاقتصاد الإسلامي أسس ومبادئ وأهداف، الرياض، مؤسسة الجريسي، ط١١، ١٤٣٠هـ-٢٠٠٩م.
العاملي، الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع، الوجيز في تفسير القرآن العزيز، قم المقدسة، دار القرآن الكريم، ١٤١٣هـ.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة بيروت، دار الكتب العلمية، ط١، ١٤١٥هـ-١٩٩٥م.
عطية الله، أحمد، القاموس السياسي، القاهرة، دار النهضة العربيّة، ط3، ١٩٦٨م.
شفيق أحمد، علي، في جنازة المقاطعة العربيّة لإسرائيل، القاهرة، مركز الحضارة العربيّة، ط2، ١٩٩٨م.
الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، بيروت، دار الكتب العلمية، ط١، ١٤٢٤هـ-٢٠٠٣م.
فضل الله، السيد محمد حسين، تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملاك، ط2، ١٤١٩هـ-١٩٩٨م.
الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط8، ١٤٢٦هـ-٢٠٠٥م.
قرائتي، محسن، تفسير النور، بيروت، دار المؤرخ العربي، ط١، ١٤٣٥هـ-٢٠١٤م.
القزويني، جودت، المرجعيّة الدينيّة العليا عند الشيعة الإماميّة، بيروت، دار الرافدين، ط١، ١٤٢٦هـ-٢٠٠٥م.
قلعة جي، محمد رواس، معجم لغة الفقهاء، بيروت، دار النفائس، ط١، ١٤١٦هـ-١٩٩٦م.
الكاشاني، الشيخ فتح الله، زبدة التفاسير، طبعة مؤسسة المعارف الإسلاميّة.
الكاشاني، محمد بن مرتضى الفيض، الصافي في تفسير القرآن، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، ط١، ١٤١٩هـ.
الكيالي، عبد الوهاب، موسوعة السياسة، بيروت، طبعة دار الهدى.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، ١٤٠٣هـ-١٩٨٣م.
مجموعة مؤلّفين، الموسوعة العربيّة العالميّة، الرياض، مؤسسة أعمال الموسوعة، ط2، ١٤١٩هـ-١٩٩٩م.
مجموعة مؤلّفين، الفكر السياسي الأمريكي المعاصر وأثره على الوطن العربي، بيروت، دار الروافد الثقافية، ط١، ٢٠١٦م.
المشهدي، محمد بن محمد رضا، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب، طهران، منشورات مؤسسة شمس الضحى، ط١، ١٤٣٠هـ.
النقوي، السيّد محمد تقي، ضياء الفرقان في تفسير القرآن، طهران، مطبعة قائن، ط١، ١٤٣٤هـ.
النهاوندي، محمد بن عبد الرحيم، نفحات الرحمن في تفسير القرآن، قم المقدسة، مؤسسة البعثة، ط١، ١٤٢٩هـ.


-----------------------------------------
[1]. باحث وطالب دراسات عليا في الشريعة والقانون/ اليمن.
[2]. الفراهيدي، العين،٣: ٣٩٣.
[3]. م .ن، ٣: ٣٩٣.
[4]. الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ٣١٠.
[5]. حماد، معجم المصطلحات الماليّة والاقتصاديّة في لغة الفقهاء، ٧٢.
[6]. قلعة جي، معجم لغة الفقهاء، ٦٣.
[7]. الفراهيدي، العين، ٣: ٤٠٣.
[8]. حماد، معجم المصطلحات الماليّة والاقتصاديّة في لغة الفقهاء، ٤٢١.
[9]. الكيالي، موسوعة السياسة، ٦: ٢٨٦.
[10]. مجموعة مؤلفين، الموسوعة العربيّة العالميّة، ٢٣: ٥٦١.
[11]. الكيالي، موسوعة السياسة، ٦: ٢٨٧.
[12]. م .ن، 287.
[13]. عطية الله، القاموس السياسي، ١٢٠٦.
[14]. شحاته، الاقتصاد الإسلامي بين النظرية والتطبيق، ١٨٤.
[15]. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ١: ٢٤٥.
[16]. النساء: ٤٦.
[17]. البقرة: ١٠٤.
[18]. الفراهيدي، العين، ٢: ١٣١.
[19]. البلاغي، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، ١: ٢٤٥.
[20]. الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ١: ٢٤٥.
[21]. السبزواري، الجديد في تفسير القرآن المجيد، ١: ١٢٤.
[22]. شبر، الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين، ١: ١٣١.
[23]. الكاشاني، الصافي في تفسير القرآن، ١: ٢٦١.
[24]. الصادقي الطهراني، الفرقان في تفسير القرآن، ٢: ١٣٩.
[25]. قرائتي، تفسير النور، ١: ١٦٩.
[26]. العاملي، الوجيز في تفسير القرآن العزيز، ١: ١٣١.
[27]. الطبرسي، جامع الجوامع، ١: ١٣٦.
[28]. الكاشاني، زبدة التفاسير، ١: ٢٠٦.
[29]. النقوي، ضياء الفرقان في تفسير القرآن، ١: ٥٢٩.
[30]. الجزائري، عقود المرجان في تفسير القرآن، ١: ١١٠.
[31]. المشهدي، كنز الدقائق وبحر الغرائب، ٢: ١١٥.
[32]. السبزواري، مواهب الرحمن في تفسير القرآن، ١: ٥٠٨.
[33]. النهاوندي، نفحات الرحمن في تفسير القرآن، ١: ٣٠٦.
[34]. البقرة: ١٠٤.
[35]. الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ١: ٢٧٠.
[36]. البقرة: ١٠٤.
[37]. المجلسي، بحار الانوار، ٧٥: ٣٧٢.
[38]. التوبة: ١١٨.
[39]. الطبري، جامع البيان، ١٢: ٥٨.
[40]. السبحاني، سيد المرسلين، ٢: ٥٧٧.
[41]. الطبري،تاريخ الرسل والملوك المعروف بتاريخ الطبري، ٢: ٣٣٦.
[42]. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ١: ٥٢٦.
[43]. الممتحنة: ٨-٩.
[44]. الجزائري، عقود المرجان في تفسير القرآن، ٥: ١١٠.
[45]. الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ٩: ٣٤٥.
[46]. قلعة جي، معجم لغة الفقهاء، ٤٦٠.
[47]. الصف: ٩.
[48]. قرائتي، تفسير النور، ٩: ٥٩٨.
[49]. يوسف: ٥٩-٦٠.
[50]. التوبة: ١٢٠.
[51]. التوبة: ٧٣.
[52]. البقرة: ١٠٤-١٠٥.
[53]. الشهرستاني، الملل والنحل، ٢١٠.
[54]. عطية الله، القاموس السياسي، ١٢٠٦.
[55]. مجموعة مؤلّفين، الموسوعة العربيّة العالمية، ٢٣: ٥٦١.
[56]. م. ن، 561.
[57]. م. ن، 561.
[58]. عطية الله، القاموس السياسي، ١٢٠٦.
[59]. م. ن، 1206.
[60]. م. ن، 1206.
[61]. صديق، غاندي رسالة اللاعنف والتسامح، ١٦.
[62]. م. ن، 17.
[63]. الجاف، موسوعة إيران، ٣: ٢٦٨.
[64]. القزويني، المرجعية الدينيّة العليا عند الشيعة الإماميّة، ٢٢٤.
[65]. م. ن، 225.
[66]. الصغير، المرجعيّة الدينيّة العليا في النجف الأشرف، ٢١٥.
[67]. آل قاسم، تاريخ الحوزات العلميّة والمدارس الدينيّة عند الشيعة الإماميّة، ٣: ١٤٩.
[68]. الطريقي، الاقتصاد الإسلامي أسس ومبادئ وأهداف، الرياض، ٩٤.