الباحث : د. ربيع يوسف عثمان
اسم المجلة : الاستعمار
العدد : 3
السنة : ربيع _ 2025 م
تاريخ إضافة البحث : April / 13 / 2025
عدد زيارات البحث : 96
تأثّر المجتمع السوري بالسياسات الاستعماريّة الفرنسيّة التي انتهجتها السلطات الفرنسيّة في سورية عقب احتلالها البلاد في عام 1920م، وقد ارتكزت تلك السياسات على محاولة ربط البلاد والمجتمع السوري بالثقافة الفرنسيّة وفرض سياسة الفرنسة على مختلف الصُعد الإداريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة حيث لعب الحكام الفرنسيّون في سورية دورًا مؤثّرًا في الحياة الاجتماعيّة السوريّة، وتجلّى ذلك في الأثر الكبير الذي خلّفه الاستعمار الفرنسي على التركيبة السكانيّة والاجتماعيّة السوريّة عبر محاولة تقسيم البلاد إلى دويلاتٍ صغيرةٍ على أُسسٍ طائفيّةٍ وعرقيّة، كما حاولت السلطات الفرنسيّة طبع بعض الجوانب الاجتماعيّة في سورية بالطابع الفرنسي كالقطاع الصحي والتعليمي من خلال فرض النظام الصحي والتعليمي الفرنسي في سورية حيث كان الهدف الفرنسي من تلك السياسات فرض السيطرة الكاملة على سورية ومقدّرتها وإمكاناتها كافة.
الكلمات المفتاحيّة:
سورية – الاستعمار الفرنسي – الحياة الاجتماعيّة - الصحة – التعليم. مقدمة:
لمحة عن الأوضاع الاجتماعيّة في سوريا قبيل الاحتلال الفرنسي
تأثرت الحياة الاجتماعية في سورية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بالتطورات السياسية التي شهدتها المنطقة في تلك المرحلة التاريخية الهامة من تاريخ سورية الحديث، فانعكس ذلك على الواقع الاجتماعي للسكان المحليين حيث انقسم المجتمع المحلي إلى طبقات اجتماعية متعددة كان على رأسها الطبقة الحاكمة التي كانت تشمل الولاة وكبار الموظفين وضباط الجيش العثماني والموظفين الحكوميين، بالإضافة إلى ممثلي السلطة الدينية كالقضاة والمفتين، فضلًا عن أعيان المدن ووجهائها[2].
وضمت الطبقة الثانية الفئات المحكومة من العامة كصغار التجار والحرفيون والفلاحون الذين لم يكن لهم أي دور أو مشاركة فعلية في السلطة، ولكن ما ميز هذه الطبقة، وخاصة الحرفيين منهم وجود نظام خاص بهم ومستقل يعرف باسم الطوائف الحرفية التي لعبت دورًا مهمًا تنظيم عمل الحرفين وعلاقتهم بالسلطة، لكن مع نهايات الحكم العثماني تراجع دور هذا التنظيم متأثرًا بعدة عوامل أهمها الأزمات المالية التي عاشتها الطوائف الحرفية بسبب المنافسة الشديدة مع البضائع الأوروبية التي غزت في الاسواق المحلية بعد قيام الثورة الصناعية وازدهارها في أوروبا[3].
عانى المجتمع المحلّي في سورية في نهايات الحكم العثماني من عدة أزماتٍ واضطراباتٍ اجتماعيّةٍ سببها تردّي الأحوال الاقتصاديّة لمختلف طبقات المجتمع بسبب ضعف الدولة العثمانيّة وازدياد النفوذ الأجنبي في مختلف الولايات العثمانيّة وخاصّة بلاد الشام، وهذا ما ساعد الدول الأوروبيّة على تحقيق أطماعها الاستعماريّة في المنطقة لاحقًا عبر التغلغل بين مختلف الفئات المجتمع للحيلولة دون حدوث نهوضٍ اقتصادي، والعمل على نشر التخلّف والفساد في المجتمع لتسهيل السيطرة على البلاد[4].
حافظ المجتمع السوري قبيل الاحتلال الفرنسي على العادات والتقاليد والأعراف المتبعة في المناسبات العامّة كالزواج والأعراس والمناسبات الدينيّة كالاحتفال بالأعياد الدينيّة الإسلاميّة كالمولد النبوي وعيد الفطر والأضحى، وبعض الأعياد والمناسبات الخاصّة بالمسيحيين كعيد الميلاد وعيد الفصح وما يرافق تلك المناسبات الدينيّة من مظاهر وعادات، كما كان يجري الاحتفال ببعض المناسبات المدنية التي كانت تقام بمناسبة جلوس أحد السلاطين العثمانيين على كرسي الحكم، وأيضًا الاحتفال بخروج وعودة قافلة الحج الشامي من الديار المقدّسة في الحجاز[5].
كما بقيت المرأة السوريّة في تلك المرحلة ضمن أطرها التقليديّة ملتزمةً بيتها، وبعيدةً كلّ البعد عن الشأن العام من العمل وتحصيل العلم، باستثناء بعض الحالات القليلة نتيجة الاختلاط والتأثّر بحياة بعض الجاليات الأوروبيّة التي أقامت في المدن السوريّة الكبرى[6]. أمّا فيما يتعلّق بالعناية والخدمات الصحيّة فقد ساد في المجتمع السوري الطبّ التقليدي المتعارف عليه منذ عدة عقود، لكن في نهايات الحكم العثماني تم بناء بعض المستشفيات، وخاصّة في المدن الكبرى كدمشق وحلب، كما حافظ التعليم على تقاليده الخاصّة المتبعة منذ عدة قرونٍ حيث وجد التعليم الديني المتّبع في حلقات التعليم في المساجد التي تركز على العلوم المرتبطة بالدين الإسلامي الحنيف، فضلًا عن مبادى القراءة والحساب، لكن ذلك لم يمنع من انتشار المدراس الحكوميّة، وخاصة إبّان تسلم الوالي مدحت باشا الحكم في ولاية دمشق الذي أظهر اهتمامًا كبيرًا بالتعليم وتجلى ذلك في تأسيس عددٍ كبيرٍ من المدارس، وخاصة المدارس التخصصيّة التي تعنى بتدريس فرعٍ من اختصاصٍ علميّ محدّدٍ[7].
أولًا: أثر الاستعمار الفرنسي على التركيبة الاجتماعيّة والسكانيّة والهجرة في سورية
تأثرت التركيبة الاجتماعيّة والسكانيّة في سورية بممارسات السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في البلاد، ولعلّ أفضل الوثائق التي توضّح أثر الاستعمار الفرنسي على التركيبة السكانيّة والبنى الاجتماعيّة في سورية البرقيات السريّة المتبادلة بين الرئيس الفرنسي ميلران والجنرال غورو خلال الفترة بين 6 إلى ۲۳ من شهر آب عام ۱۹۲۰م، إذ تقدّم هذه المناقشات مادةً غنيةً تساعد الباحثين في فهم أشكال التعامل الاستعماري الفرنسي مع البنى الاجتماعيّة والسكانيّة السوريّة، وكيفيّة استخدام خصوصيّات المجتمع السوري في خدمة الأجندة الاستعماريّة الفرنسيّة في سورية التي كانت تهدف إلى وضع كامل البلاد في القبضة الاستعماريّة الفرنسيّة[8].
كانت وجهة الرئيس ميليران وجوب تقسيم سورية إلى مجموعةٍ من الدويلات التي يمكن أنْ تشكّل أجزاءً من الفدراليّة السوريّة المقترحة أو وحداتٍ مستقلة عنها؛ إذ راهن المستعمِر الفرنسي على التنوّع الدينيّ والعرقيّ في سورية في محاولةٍ للاستفادة منه في فرض سيطرته على البلاد معتبرًا أنّ لكلّ منطقةٍ سوريّةٍ خصوصيّةً وطابعًا خاصًّا يميّزها عن المناطق الأخرى؛ لذلك عمد إلى تقسيم سورية إلى دويلاتٍ على أسسٍ طائفيّةٍ وعرقيّة؛ فعدّ العلويين المقيمين في المنطقة الساحليّة الجبليّة جماعةً دينيّةً مرتبطةً نظريًّا بالإسلام، لكنّها في الواقع منفصلة عنه تمامًا؛ لذلك حاول الفرنسيّون ترويج هذه الفكرة لإبعاد هذه الفئة عن الارتباط والاندماج بالمسلمين السوريين مستخدمين طرقًا عدّة. كذلك الأمر مع منطقة جبل العرب حيث يشكّل الدروز النسبة الغالبة من السكان، فعمد المستعمِر الفرنسي إلى اتّباع ذات الأساليب التي طبّقها في منطقة الساحل في محاولة لإبعاد المنطقتين وسكانهما عن أيّ روابط قد تربطهم مع بقيّة أفراد الشعب السوري في بقية المناطق السوريّة[9].
لذلك تم الإعلان عن قيام دولة العلويين في أول من تموز عام ١٩٢٢م، والتي تألّفت من لواء اللاذقيّة القديم، بما فيه أقضية صهيون وجبلة وبانياس وقضاء حصن الأكراد وصافيتا وناحية طرطوس وقضاء مصياف من أعمال حماة. كما أعلنت دولة جبل الدروز في ۲۰ نيسان ۱۹۲۱م، وأنشئت فيها حكومة برئاسة سليم الأطرش بعد المؤتمر الذي عقده الدروز في ٢٠ كانون الأول ۱۹۲۰م، وأعلنت دولة حلب في ٨ أيلول۱۹۲۰م، ودولة دمشق في ٣ كانون الأول العام نفسه [10].
كما شهدت سورية خلال فترة الانتداب الفرنسي موجات هجرةٍ عديدة إليها بتأثير الظروف الدوليّة والإقليميّة التي فرضتها التطوّرات السياسيّة في المنطقة التي كان للاستعمار الفرنسي دورٌ مؤثّرٌ فيها كموجات الهجرة الأرمنيّة الثانية في أعقاب توقيع اتفاقية أنقرة عام 1921م بين تركيا وفرنسا بوصفها الدولة المنتدبة على سوريا، والتي نصّت على تسليم الفرنسيين للأتراك مناطق واسعةً في الشمال السوري، إذ قامت الأقلّيّات الموجودة في تلك المناطق بالهجرة منها، على الرغم من إصدار الجنرال غورو بيانًا مطوّلًا إلى سكان كيليكيا وعينتاب وكلس وغيرها من تلك المناطق يدعوهم إلى عدم الهجرة من تلك المناطق التي ستسلم إلى الحكومة التركيّة، التي ستلتزم بموجب ذلك الاتفاق بضمان حقوق الأقلّيّات بموجب اتفاقية بويون، لكن تلك الأقليات لم تعرْ أيّ اهتمامٍ لذلك البيان، وخاصّة الأرمن الذين لهم تجارب مريرة مع الأتراك في السابق، فقام نحو30 ألف أرمنيّ بالجلاء عن تلك المناطق، والتوجّه إلى سورية ولبنان[11].
حاولت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة استخدام الأرمن القادمين إلى سورية من مناطق كيليكيا، واستثمارهم في زراعة القطن؛ نظرًا للخبرات الكبيرة التي كانوا يمتلكونها في هذا المجال، وخاصّة في ظلّ ارتفاع وتيرة ما أُطلق عليه في تلك المرحلة بحمى القطن في سورية لدى السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة، والتفكير في تحويل سورية إلى مزرعةٍ للقطن في الشرق[12]. وقد قدّر المؤرّخ الحلبي الشيخ كامل الغزي أعداد الأرمن المهجّرين، الذين توافدوا إلى حلب في نهايات الحكم العثماني، وبداية الوجود الفرنسي في سورية، بنحو 60 ألف. في حين قدّر أعداد المهجّرين السريان القادمين من مناطق ماردين وأطرافها بنحو 10 آلاف مهاجر[13]، الأمر الذي كان له نتائج إيجابية وسلبية على الوضع العام في سورية في ظلّ توافد تلك الأعداد الكبيرة من المهجّرين خاصّة في ظلّ تفاقم أزمةٍ عقاريّةٍ كبيرةٍ ومزاحمة الوافدين الجدد للعمال في سورية حيث كانوا يقبلون بأيّ عملٍ، وأيّ أجرٍ بسبب حاجتهم إلى الأموال لتأمين متطلّبات حياتهم اليوميّة[14].
وعلى الرغم من المشكلات العديدة التي خلقتها عمليّة استيعاب المهاجرين الجدد التي كانت معظمها ماليّةً وسكنيّةً بالدرجة الأولى، فإنّ السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة خشيت من حدوث اضطراباتٍ وتوتراتٍ بين السكّان المحليين والمهاجرين الجدد يمكن أنْ تنعكس سلبًا على التواجد الفرنسيّ في سورية خاصّة في ظلّ السياسات التي انتهجتها السلطات الفرنسيّة، القائمة على محاولة تغير التوازنات التركيبيّة الإثنيّة والعرقيّة والسكانيّة في سورية عبر منح مزايا عديدة للمهاجرين المسيحيين، وتوطينهم في المدن الكبرى؛ لموازنة الأكثرية المسلمة المعادية للانتداب الفرنسي على سورية؛ لذلك اقترح الجنرال الفرنسي (ويغان) في عام 1924م على السلطات التركية تنظيم الهجرة عبر عقد اتفاقٍ لتبادل السكان بين مسيحي كيكليكيا وأتراك اسكندرون على غرار الاتفاق الذي كان قد عقده الأتراك مع اليونانيين في كانون الثاني علم 1923م، لكن الحكومة التركية رفضت ذلك الاقتراح؛ لأنّ لها أطماعًا في اسكندرون، وكانت تتبع سياسيةً تقوم على تعزيز التواجد التركي في اللواء، كما أنّها لم تكن مضطرةً لعقد مثل ذلك الاتفاق بعد نجاحها في دفع المهجّرين المسيحيين من الأرمن والسريان إلى ترك مناطقهم طوعًا أو كرهًا[15].
اقترحت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في سورية بعد الرفض التركي للمقترح الفرنسي السابق على الحكومة الفرنسية في باريس ثلاثة حلولٍ للخروج من المعضلات والمشاكل التي خلّفتها الموجات الجديدة من المهاجرين المسيحيين الوافدين من تركيا إلى سورية حيث كان الأول: يقضي بترحيل عددٍ مماثلٍ من الأتراك المقيمين في سورية يوازي عدد المهاجرين القادمين، أما الحلّ الثاني، فكان يقضي بطرد المهاجرين وإعادتهم قسرًا إلى تركيا، فيما قضى الحلّ الثالث برصد اعتماداتٍ ماليةٍ كافيةٍ لاستيعاب المهاجرين، لكن الحكومة الفرنسيّة لم تعتمد على أيّ حلٍّ من الحلول الثالثة المطروحة، ممّا أجبر السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في سورية على استيعاب المهاجرين ضمّ الإمكانات الماليّة المتاحة والاعتماد عليهم في توسيع وزيادة عدد الوحدات العسكريّة المحليّة الخاصّة، والاستفادة من مهارتهم وخبرتهم في رفع ونمو الاقتصاد السوري[16].
كما عرفت سورية في أعقاب سلخ لواء اسكندرون وضمه إلى تركيا موجات هجرةٍ جديدة من سكانه العرب إلى مختلف المدن السوريّة، فعلى الرغم من أنّ صك الانتداب يجبر الدولة المنتدبة على المحافظة على سلامة ووحدة أراضي الدولة المنتدبة عليها[17]، كما أكدت ذلك المعاهدة الفرنسيّة السوريّة التي عُقدت في عام 1936م، والتي لم تطبّق على أرض الواقع بعد سقوط حكومة الجبهة الشعبيّة الفرنسيّة التي كان يرأسها ليون بلوم حيث قام مجلس الشيوخ الفرنسي برفض المصادقة على المعاهدة بحجة الظروف الدوليّة المستجدة [18]، المتمثّلة في ظهور بوادر حربٍ عالميّةٍ جديدة، لكن واقع الحال كان عكس ذلك حيث هدفت الحكومة الفرنسيّة إلى استقطاب الحكومة التركيّة إلى جانبها في الحرب المقبلة، لذلك أثيرت قضية لواء اسكندرون من قبل الحكومة التركية عبر وزير خارجيتها توفيق رشدي آراس في اجتماع مجلس عصبة الأمم في جنيف 26 أيلول عام 1936م[19]، مطالبًا الحكومة الفرنسيّة الدخول في مفاوضاتٍ لمناقشة قضيّة اللواء الذي يضمّ حسب زعمه أكثريّةً تركيّة[20]، ليردّ ممثّل فرنسا في عصبة الأمم أنّ الحكومة الفرنسيّة مستعدةٌ للمفاوضة ضمن اتفاقية أنقرة عام 1921م.
وفي النهاية تمكّنت تركيا من انتزاع اللواء وضمّه إليها بسبب تواطئ السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة[21]، في المقابل شهدت سورية حركة هجرةٍ ونزوحٍ خارجيّةٍ خاصّة في عشرينيّات وثلاثينيّات القرن العشرين باتجاه الولايات المتّحدة الأمريكية والبرازيل والأرجنتين بتأثير الظروف الاقتصاديّة الصعبة في ظلّ السياسات الاستعماريّة الفرنسية في البلاد، وكان أغلب المهاجرين من المسيحيين[22].
ثانيًا: دور الاستعمار الفرنسي في تحديث المجتمع السوري وتغريبه
تأثرت ظواهر التحديث والتغريب التي بدأت بالانتشار داخل المجتمع السوري في أعقاب فرض الانتداب الفرنسي على البلاد بالمؤثّرات الفرنسيّة المباشرة، وخاصّة في المدن الكبرى التي كانت أكثر تأثّرًا من المناطق الريفيّة[23]، وقد حاولت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة عند قدومها إلى سورية أنْ تعطي انطباعًا عامًّا لدى المجتمع السوري بأنّ الأهداف الاجتماعيّة التي تروم تحقيقها في البلاد، والمتمثّلة في تطوير تحديث المجتمع السوري واقتصاده بموجب التفويض الممنوح لها من عصبة الأمم، لا يمكن أنْ تتحقق إلّا من خلال فرض سيطرتها الكاملة على القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلاد[24].
اعتمدت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في محاولة تغريب المجتمع السوري منذ بدايات الانتداب الفرنسي على عدة وسائل، أهمّها استخدام الموظّفين والإداريين الفرنسيين في الدوائر الحكوميّة في البلاد، يضاف إلى ذلك اعتمادها على الموظّفين السابقين الذين كانوا موجودين في السلطة وفي الدوائر الحكوميّة في البلاد منذ الحكم العثماني من ذوي الميول إلى الثقافة الغربيّة، كما قامت باستخدام وتوظيف كثيرٍ من الموظّفين السوريين ذوي الثقافة الفرنسيّة ممّن درسوا في مدراس البعثات التبشيريّة في السابق، حيث كان اعتقادهم أنّ العمل مع السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة قد يعجل من عمليّة تحديث المجتمع المحلّي للأخذ بالثقافة الغريبّة وتطور مجتمعهم، كما أعادت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة افتتاح عددٍ كبيرٍ من مدراس البعثات التبشيريّة التي كان قد أغلقها العثمانيون أثناء الحرب العالميّة الأولى، ذلك كلّه في سبيل فرض الثقافة الفرنسيّة الغربيّة على المجتمع السوري[25].
ولعلّ من أبرز مظاهر تحديث المجتمع السوري وتغريبه التطوير الذي طرأ على القطاع الصحي في سورية؛ إذ افتتح الفرنسيّون منذ مطلع العشرينيّات من القرن الماضي عددًا كبيرًا من المشافي والمستوصفات في مختلف أنحاء البلاد، كما قامت السلطات الاستعماريّة باعتماد النظام الفرنسي في القطاع الصحي عبر إعادة ترتيب دوائر الصحّة المحلّية، وزيادة عدد المراقبين الصحيين، ووضع لوائح لمراقبة وتنظيم تجارة الأطعمة، وعمل المطاعم والمدارس وغيرها من المرافق الحكوميّة العامّة[26].
كذلك الأمر بالنسبة للقطاع التعليمي الذي لقي اهتمامًا كبيرًا من السلطات الفرنسيّة، لكن ذلك الاهتمام انصب بالدرجة الأولى لخدمة أجندتها ومصالحها الاستعماريّة في البلاد، فكان التطوير والتحديث في هذا القطاع يجب أنْ يتوافق مع مصالح فرنسا في البلاد، فجرى بناء العديد من المدراس والمرافق الخاصّة بالتعليم[27]، كما قامت السلطات الاستعماريّة الفرنسية بتدريب وتأهيل الكوادر الفنيّة في البلاد على النمط الغربي معتمدة على الخبراء والمستشارين الفرنسيين الذين كانوا يحصلون على رواتب عالية لقاء عملهم على رفع مستوى الكوادر المحلّيّة، فتم تخريج وتأهيل عددٍ كبيرٍ من المهندسين والفنّيين السوريين الذين تخرّج أغلبهم في المعهد الفرنسي للمهندسين التابع للجامعة اليسوعيّة في بيروت.
كما امتدت محاولات السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة تحديث المجتمع السوري وتغريبه إلى قطاعات الانتاج، فتم البدء بإدخال واستخدام الآلات الزراعيّة والمعدّات الصناعيّة اللازمة في عمليّات الانتاج الزراعي[28]، وبعض الصناعات الخفيفة التي تحتاجها السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة، التي كان هدفها الأول والأخير من عمليات تحديث وتطوير مختلف القطاعات الانتاجيّة في البلاد تحقيق مصالحها ومراميها في سورية[29].
ثالثًا: أثر الاستعمار الفرنسي على القطاع الصحي
كان للمؤسسات الدينيّة والبعثات التبشيريّة الفرنسيّة نشاطٌ كبيرٌ في سوريا قبل الاحتلال الفرنسي عام 1920م، وقد تعدّد نشاطاتها من التعليميّة إلى تقديم بعض الخدمات الاجتماعيّة، وخاصّة في القطاع الصحي؛ إذ أقامت بعض تلك المؤسّسات منشآت للإسعاف، وتساعدها وزارة الخارجيّة الفرنسيّة، وازداد دور هذه المؤسّسات ونشاطها في القطاع الصحي خلال الحرب العالميّة الأولى بعد طرد العثمانيين، وأضحى لها مشفى خاصّ في دمشق يُسمّى (مشفى القديس لويس)، فضلًا عن عددٍ كبيرٍ من المستوصفات التي انتشرت في مختلف المناطق السوريّة في دمشق وحلب وحمص وأنطاكية، التي كان يتردّد عليها المرضى ذوو الدخل المحدود للحصول على العلاج وأخذ الأدوية[30].
عانى القطّاع الصحي في سورية كثيرًا من الصعوبات في ظلّ الإدارة العثمانيّة التي لم تكن تهتم بالحالة الصحيّة للسكّان، ولم تأخذ الإجراءات المناسبة لمكافحة الأمراض والأوبئة السارية التي كانت تفتك بالسكّان، لكن الأمر اختلف مع وصول جيوش الحلفاء وقوات الثورة العربيّة إلى سورية في تشرين الأول عام ۱۹۱۸م، إذ عمد الحلفاء إلى تقديم بعض المساعدات والخدمات الطبيّة العاجلة، وتوزيع بعض الأدوية لمكافحة الأمراض والأوبئة، ونقص التغذية التي انتشرت بين الأهالي؛ بسبب الأوضاع والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة التي عاشتها البلاد خلال الحرب العالميّة الأولى بسبب الإجراءات العثمانيّة القاسية التي عمدت إلى مصادرة المُؤن والغلال ووضعها وتسخيرها في خدمة قواتها العسكريّة المتواجدة على جبهات القتال؛ لذلك قامت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في أعقاب السيطرة الفرنسيّة على سوريا بعد معركة ميسلون بإقامة وإنشاء دوائر الإسعاف العام في سورية، وتنظيم دائرة الخدمات الصحيّة والإسعاف، وتم تطوير وتوسيع مجال الدائرة الصحيّة في مختلف المناطق السوريّة[31].
اهتمت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة بالقطاع الصحي، فهي كانت تعدّ الحفاظ على الصحّة العامّة للسكّان، وإسعاف المرضى والجرحى والأطفال من أهم الأعمال التي يجب أنْ تقوم بها السلطات الفرنسيّة في جميع المستعمَرات الخاضعة لسيطرتها، ووجدتها فرصة كبيرة لتوسعة نفوذها واستغلال ثروات الاخرين، وتبعًا لهذه السياسة ازداد خلال الانتداب الفرنسي في سورية عدد مستشفيات الحكوميّة ومستوصفاتها، كما زاد حجم الانفاق الحكومي على القطاع الصحّي حيث كانت الموارد الماليّة المخصّصة لهذا القطاع تجبى من موارد المحلّيّة للدولة السوريّة، وكان قسمٌ كبيرٌ منها يذهب رواتب إلى الموظّفين والقائمين على هذه القطاع، والذين كان جلّهم من الفرنسيين من الأطباء والممرضين والإداريين المشرفين على إدارة القطاع الصحّي في سورية[32].
أقامت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة عددًا من المشافي والمستوصفات في مختلف المدن السوريّة، ففي دمشق أصلح مشفى القديس لويس من قبل المفوضيّة السامية الفرنسيّة، وأضحى فيه ۱۰۰ سرير، كما رُصِد مبلغٌ آخر لترميم المشفى المدني، وأحدث مشفى في حمص يضم ٦٠ سريرًا، ومشفى آخر في حماه يضم ۱۱۰ سريرًا، ومشفى درعا يضم ۲۰ سريرًا، أمّا في حلب فقد قامت السلطات الفرنسيّة بإكمال بناء مشفى أخوات القديس يوسف الذي بدأ العمل بمخططه منذ عام 1914م، لكن ظروف الحرب وما أعقبها من تغيراتٍ سياسيّةٍ في سورية أخّرت عمليّة بناءه ليتم افتتاحه في أواخر عام 1920م، كما أعادت البعثات التبشيريّة الفرنسية فتح مستوصفاتها التي كانت موجودةً في سورية قبل الحرب[33].
كانت دائرة الصحّة والاسعاف العامّ التي أنشأها المندوب السامي الفرنسي بموجب القرار رقم (1) تاريخ ۱۸ كانون الأول ۱۹۱۹م، تابعةً للمندوبية السامية في دمشق، وقد عُيّن الرئيس الأعلى لدائرة الصحة في جيش المشرق الفرنسي مديرًا لهذه الدائرة التي كانت تجمع تحت سلطتها جميع الدوائر الصحّيّة المدنيّة والدوائر الخاصّة بالحجر الصحي في جميع الأراضي السوريّة الخاضعة للانتداب الفرنسي[34]، وقد اهتمت هذه الدائرة بمكافحة الأمراض والأوبئة المنتشرة بين السكّان، وخاصّة الملاريا حيث كانت حمى الملاريا تنتشر في عددٍ من المناطق السوريّة، وقد أودى هذا المرض بحياة كثيرٍ من السكّان والجنود الفرنسيين حيث أصيب بها عددٌ كبيرٌ الجنود الفرنسيين في حامية الإسكندرونة في عام ۱۹۱۹م، ممّا دفع بالسلطات الفرنسيّة إلى إنشاء دائرةٍ للوقاية من الملاريا[35].
وأيضا لأجل التوسع الاستعماري وإقناع الناس اكثر ومص غضب الشعب، أنشئت فرنسا دوائر محلّيّة للصحّة والإسعاف العامّ في جميع المناطق السوريّة حيث كانت تلك الدوائر تحت إشراف السلطات البلديّة والإدارة التقنيّة للطبيب المفتّش العام، وكان على رأس هذه الدوائر طبيبٌ مكلَّفٌ بتنفيذ الإجراءات الوقائيّة المحدّدة، كمراقبة الآبار والخزانات الخاصّة، والصرف الصحّي، وجمع القمامة والنفايات، ومراقبة أسواق الهال، والأسواق والمسالخ، وقد وضِع تحت إشراف هذا الطبيب عددٌ كبيرٌ من المساعدين للقيام بواجباته على أكمل وجهٍ، إذ كان أيضًا من ضمن صلاحيّاته الإشراف على دوائر التطهير من الجراثيم والتطعيم والتفتيش الصحّي في المدارس. وقد اهتمّت السلطات الفرنسيّة بمكافحة الملاريا والطاعون والجدري وغيرها من الأمراض السارية حيث نفذت أعمال تجفيف الأراضي في مناطق عدة خاضعة للانتداب الفرنسي، ففي دمشق كانت مستنقعات الميدان تحتلّ مساحة من الأراضي، فجرى تجفيفها بإنشاء قناةٍ يبلغ طولها ٦٠٠ م، وعمقها ١٠٥٠م، وفي حمص جُفِّفت مستنقعات واسعة من المياه الراكدة، كما جرى تجفيف مستنقعاتٍ عديدةٍ في الإسكندرونة[36].
وأيضا واحده من المشاريع الاستعمارية، والهدف منها التوسع، حيث أنشأت السلطات الفرنسيّة في عام 1919م دائرة تعرف باسم الشرطة الصحّيّة الخاصّة في بالحجر الصحّي في الموانئ والمنافذ الحدوديّة حيث كانت الإدارة الصحّيّة في الإمبراطوريّة العثمانيّة القديمة التي أنشئت في عام ١٨٤٠م، دائرة مشابه لها، وكانت صلاحياتها تمارس في المدن الكبرى وعلى الطرقات الكبرى التي تسلكها القوافل والحجاج، وكانت مهام الدائرة الجديدة (الشرطة الصحية) التي أنشأتها السلطات الفرنسيّة في سورية موضوعة وفقًا للاتفاق الصحي الدولي الموقع في باريس في 3 كانون الأول ۱۹۰۳م، الذي بدأ تطبيقه في بداية عام ۱۹۲۰م، في جميع المرافئ، وعلى الحدود البرية السوريّة الخاضعة للاحتلال الفرنسي[37].
كما اهتمت السلطات الفرنسيّة بإنشاء المحاجر الصحّية؛ إذ بُنِي في دمشق محجرٍ صحّي مع توافر أمكنة للقبول في المشفى، وأقيم في درعا مركزًا للحَجْر الصحّي بوصفها المركز الرئيسي لمرور قوافل الحجاج العائدين من مكّة بالسكة الحديدية الحجازيّة، كما بُني محجرٌ صحّيّ في حلب خُصص للمسافرين والحجّاج القادمين من الشمال والشرق، وآخر في دير الزور. فخلال وباء الطاعون والكوليرا التي انتشرت في العراق في الأعوام ١٩٢٣، ١٩٢٤، ۱۹۲٦، ۱۹۲۷م، اتّخذت السلطات الفرنسيّة إجراءاتٍ للوقاية، بحيث لم يسمح لأيّ مسافرٍ في الدخول إلى سورية إنْ لم يكن مزوّدًا بشهادةٍ حديثةٍ عن التطعيم المضادّ للطاعون أو المضاد للكوليرا. وكانت الحدود مغلقة خارج نقاط العبور للطرق التالية: طريق بغداد – دمشق، وطريق بغداد - حلب عن طريق دير الزور، وطريق الموصل - حلب عن طريق دير الزور، وعلى جميع هذه الطرقات أقيمت حواجز صحية[38]. وهذا كله هدفه توسعة استعمارها واستغلال ثرواتها، وامتصاص غضب شعبها.
رابعًا: أثر الاستعمار الفرنسي على العمل والبطالة
عملت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في سورية في مجالات العمل والبطالة، ولأغراض معروفة استعمارية على توفير بعض فرص العمل، واتّخاذ بعض الإجراءات والقوانين الناظمة للعمل ولشؤون العاملين، والحدّ من البطالة، وتخصيص بعض التعويضات لتخفيف من آثار غلاء تكاليف المعيشيّة، وارتفاع الأسعار خصوصًا في فترات الأزمات الاقتصاديّة التي عرفها العالم في ثلاثينات القرن الماضي، ففي عام 1933م[39]، وتحت ضغط التظاهرات الشعبيّة والإضرابات التي كانت تقوم بها بعض فئات المجتمع السوري المتضررة من الوضع الاقتصادي الصعب، أجبرت سلطات الانتداب الفرنسي على إقرار برنامجٍ خاصٍّ لتوفير فرص العمل، ومكافحة البطالة، إذ أعلن المفوّض السامي دي مارتل عن برنامجه الخاصّ بمكافحة البطالة، مخصّصًا لذلك مبلغ عشرة ملايين ليرة، كما وجه أوامره لإجراء بعض الدراسات لمحاولة إقامة بعض الصناعات في سورية، وكذلك دعم التعليم المهني والفني عبر زيادة المبالغ المخصّصة له حيث يمكن تسهم هذه الإجراءات في تخفيف الاستيراد، وخلق فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل في البلاد، ممّا يؤدي لتخفيف البطالة المنتشرة بين فئات المجتمع السوري[40].
كما أصدرت الإدارة الانتدابيّة الفرنسيّة في سورية ما بين عامي 1935-1936م، وتحت الضغط الشعبي عدة قوانين من أجل إيجاد نوعٍ من الرعاية الصحيّة للعاملين في مجال الصناعة، ولحماية النساء العاملات، والأطفال العاملين، كما عمل المفوّض السامي الفرنسي دي مارتل بعد انخفاض قيمة العملة نتيجة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة في ثلاثينيّات القرن العشرين على إصدار بعض القرارات التي نصّت رفع تعويضات غلاء المعيشة ومراتب الموظفين الحكوميين السوريّين العاملين في الدوائر الحكوميّة السوريّة، حيث عدّت النقابات العمّاليّة السوريّة تلك القوانين والإجراءات الخطوة الأولى باتجاه إصدار المزيد من القوانين لحماية العمال وحقوقهم، وخاصّة في مجال الوقاية من إصابات العمل، وتحديد عدد ساعات العمل[41].
كما شهدت الفترة الممتدة ما بين عامي 1936-1939م، حراكًا كبيرًا بين أوساط النقابات العمالية بهدف الضغط على مجلس النواب السوري لإجباره على إقرار وإصدار بعض التشريعات الخاصّة بالعمل والبطالة، كإقرار قوانين خاصّة لمنح العمال تعويضاتٍ عند البطالة، وإصابات العمل، وتحديد حدٍّ أدنى للأجور والرواتب، والاعتراف بقانونيّة وشرعّية النقابات العماليّة التي تم تشكيلها حديثًا في البلاد، والتي كان هدفها الرئيس المطالبة بحقوق العمال وحمايتهم، ومع أنّ العمال حصلوا في عام 1937م، على اعترافٍ مبدئيّ بحقّهم في تنظيم أنفسهم إزاء أصحاب العمل، إلّا إنّ مجلس النواب السوري لم يقر التشريعات العماليّة المطلوبة بسبب سيطرة أعضائه من أصحاب الأعمال المنتمين للطبقة البورجوازيّة الوطنيّة السوريّة على معظم مقاعده، فقد رفض الساسة الوطنيّون ورجال الأعمال السوريّون القيام بالإصلاحات المطلوبة خدمةً لمصالحهم الخاّصة كأصحاب أعمال، وللحفاظ على امتيازاتهم في المجتمع [42].
لكن جميع تلك الإجراءات والقوانين كانت مجرد إجراءاتٍ محدودةٍ هدفها امتصاص الغضب الشعبي بسبب الظروف السيئة التي كان يعيشها المجتمع السوري في ظلّ السياسات الفرنسيّة التي كان هدفها الأوّل تأمين المصالح الفرنسيّة في سورية، فمع حلول عام 1939م، أي قبل الحرب العالميّة الثانية مباشرة[43]، استمر تدخّل سلطة الانتداب بالشأن الاجتماعي، خاصّة المتصل بقضايا العمل والبطالة بشكلٍ محدودٍ حيث بقيت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة تعتقد أنّه ليس هناك ما يلزمها بأنْ تشرّع وتقرّ قوانين وإجراءات تسهم في تحسين الأوضاع المعيشيّة لمختلف طبقات وفئات المجتمع السوري، خاصّة في ظلّ التطوّرات الدوليّة المستجدة المتمثّلة في اندلاع الحرب العالميّة الثانية، فبقيت تلك القوانين والإجراءات السابقة التي أقرّها المسؤولون الفرنسيّون في سورية حبرًا على ورق من دون أنْ يكون لها فعّاليّة حقيقة على أرض الواقع[44].
خامسًا: أثر الاستعمار الفرنسي وتدخّله في الأوقاف
يعدّ الوقف من المؤسّسات المهمّة في المجتمعات العربيّة والإسلاميّة؛ لأنّه يمثل في أساسه المورد الذي ينفق من خلاله على المؤّسسات ذات النفع العام من مدارس ومساجد وغيرها، وكانت معظم الأراضي الموقوفة منذ فجر الإسلام أراضي زراعيّة، تم إيقافها على تلك المؤسسات الخيريّة كالمساجد والمدراس والسبل، أو كانت وقفًا على أسرة الواقف وسلالته حتى انقراضها، وقد عُرفت بالأوقاف الأهليّة أو الذريّة [45].
انتشر الفساد والفوضى داخل أروقة الدوائر الحكوميّة العثمانيّة المشرفة على إدارة الأوقاف في سورية خلال الحكم العثماني حيث استغلّ الحكّام العثمانيّون صلاحياتهم في إدارة الأوقاف لغاياتهم ومصالحهم الشخصيّة، وخاصّة في عهد السلطان عبد الحميد الذي أراد الاستفادة من الأوقاف ومواردها، فاستخدمها لأغراضٍ سياسيةٍ تخدم سياسته التي طرحها والمتعلّقة بفكرة الجامعة؛ إذ يشير المؤرّخ محمّد كرد علي إلى الحال السيّئ الذي وصلت إليه دوائر الأوقاف في بلاد الشام التي لم تكن أقلّ من بقيّة الدوائر الحكوميّة العثمانيّة الأخر خللًا وفسادًا «وكان أعوان السلطان يبيعون على مسمعٍ ومرأى منه الوظائف الدينيّة كالقضاء الشرعي والافتاء والتدريس العام والوعظ والإرشاد، ومن جملة ما يبيعون وظيفة مدير الأوقاف التي كانت تكد وتجد، وتبذل الجهد في جباية أموال الأوقاف، لتبعث بها بعد السلب والنهب والمقاسمة إلى العاصمة، فيقبض السلطان من هذه الأموال على الدجالين من مشايخ الطرق، وعلماء الرسوم والرتب والأوسمة باسم إحساناتٍ أو صدقاتٍ سلطانيّة» [46].
بعد انسحاب الأتراك من بلاد الشام أُسّس في عهد الحكومة العربيّة التي قامت في دمشق بزعامة فيصل بن الحسين ديوانٌ خاصٌّ بالأوقاف، وخلال هذه المرحلة ازدادت مداخيل الأوقاف بنحوٍ كبير، ويعود السبب في ذلك إلى أنّه قبل الحكم العربي خلال فترة السيطرة العثمانيّة على سورية كانت ترسل مبالغ ماليةً كبيرةً من واردات الأوقاف إلى العاصمة العثمانيّة استانبول، فعملت دائرة الأوقاف التابعة للحكومة العربيّة على إنفاق تلك الواردات على الوجه الشرعي الموقوفة عليه أساسًا، وبعد السيطرة الفرنسيّة على سورية عمدت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة إلى التدخّل في الأوقاف، مستندةً إلى المادة السادسة من صكّ الانتداب لشرعنة ذلك التدخّل في الأوقاف الإسلامية[47].
مرَّ تنظيم تلك الأوقاف خلال فترة الانتداب الفرنسي بعدة مراحل حيث بدأت مرحلته الأولى بإصدار قرار متعلقة بإدارة ومراقبة الأوقاف الإسلامية نصّت المادّة الأولى منه على إنشاء دائرة المراقبة العامّة للأوقاف الإسلاميّة في جميع المناطق السوريّة الخاضعة للانتداب الفرنسي على أنْ ترتبط إدارة الأوقاف المحلّية في كلّ منطقةٍ مباشرة بمراقب الأوقاف العام[48]، وقد ربطت المادّة الثانية من قرار إنشاء إدارة المراقبة العامّة للأوقاف الإسلاميّة هذ الإدارة مباشرة بالمفوض السامي الفرنسي، وهي تتألّف من مجلسٍ أعلى ولجنة عامّة والمراقب العام، ويتألّف المجلس الأعلى من أعلى قاضٍ في المحاكم الشرعيّة في كلًّا من دمشق وحلب واللاذقّية، ومندوبٍ عن المسيحيين، وعن كلّ من هذه المدن والمراقب العام[49].
ويعدّ هذا المجلس هو الهيأة العامّة العليا المشرّفة على شؤون الأوقاف الإسلامية، فهو يدرس التعديلات الهامة اللازم إدخالها، والأنظمة الخاصّة بالأوقاف الإسلاميّة، وهو من يتّخذ جميع القرارات بخصوص جميع التفسيرات الشرعيّة، أو بخصوص جميع القضايا الإداريّة المتعلّقة بالأوقاف، وهو المسؤول عن إصدار التوجيهات للمديرين المحلّيين والمسؤولين في تنظيم الأوقاف العامّة أو الخاصّة، ويعدّ هذا المجلس المسؤول أمام المفوض السامي، إذ يجب عليه تبيان وشرح ما يثبت من خللٍ واضطرابٍ في عمل وإدارة الأوقاف للمفوض السامي، وينبثق عن هذا المجلس لجنةٌ عامّةٌ لها مهام ووظائف ماليّة، فهي المسؤولة عن مناقشة الميزانيّة وتدقق حسابات الإدارة، والمصادقة على الميزانيّة العامّة، والحساب العام للأوقاف الإسلاميّة، اللذين يقدّمان لها من قبل المراقب العام، وتبدي رأيها في جميع المسائل التي تمسّ مصالح الأوقاف التي يطرحها عليها المجلس الأعلى أو اللجان المحلّيّة، كما تبدي رأيها في القضايا المتعلّقة بالإصلاحات العامّة التي ترى أنّ طرحها مفيدٌ فيما يتعلّق بإدارة المراقب العامّ والمجلس الأعلى[50].
أما وظيفة ومهام المراقب العام كما حدّدت المادة (۱۹) من قرار إنشاء إدارة ومراقبة الأوقاف الإسلاميّة، فهو المكلّف بتنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى وعن اللجنة العامة للأوقاف الإسلاميّة، وهو مسؤولٌ عن أعماله أمام المفوّض السامي، ويشترط أنْ يكون المراقب العام مُسلمًا، ويتولّى المراقب العام مع مسؤوليّته إدارة صندوق المراقبة العامة للأوقاف الإسلامية[51]، ويمكنه حسب نص المادة (۲۳) من قرار إنشاء إدارة ومراقبة الأوقاف الإسلامية بصفته ممثّلًا للأوقاف أنْ يقيم الدعاوى بنفسه، كما أنّه هو المكلّف بتحصيل الأموال المتأخّرة والرسوم والإيرادات، ويرتبط جميع مأموري الأوقاف الإسلاميّة بمراقب الأوقاف العام، ولا يمكن تعيين أو إحداث وظيفةٍ من قبل الحكومات المحليّة، أو من قبل المديريّة إلّا بإذنٍ من المراقب العامّ للأوقاف[52]، ونصّت المادة (24) على أنّ من صلاحية المراقب العام للأوقاف الإسلاميّة بالتعيين والفصل للموظّفين والمكلّفين بإدارة الأوقاف باقتراحٍ يقدّمه للمفوض السامي الفرنسي[53]، كما نصّت المادة (٢٥) على أنّ جميع القرارات التي يتّخذها المجلس الأعلى أو اللجنة العامّة للأوقاف الإسلامية، وكذلك تُعرض كلّ مقررات المراقب العام قبل تنفيذها على المفوض السامي للحصول على موافقته، ويمكن للمفوض السامي أنْ يؤكل عنه أحد موظّفيه، ونصّت المادة (٢٦) على أنّ مستشار الشؤون العقاريّة لدى المفوضيّة العليا الفرنسيّة هو المندوب الخاصّ الدائم للمفوض السامي لدى المراقبة العامّة للأوقاف الإسلاميّة[54]. وبهذا القرار تكون السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة قد أحكمت قبضتها على إدارة الأوقاف، فالمجلس الأعلى واللجنة العامّة، استشاريان في حين أنّ سلطة التنفيذ وتسيير الجهاز بأكمله تركت للمراقب العام أو بالأحرى لمستشاره الفرنسي، وربطت كلّ القرارات الهامّة بموافقة المفوض السامي الفرنسي[55]، وبذلك تكون سلطات الانتداب الفرنسي قد استكملت سيطرتها على إدارة الأوقاف عن طريق الإشراف عليها وعلى ماليّتها، وحوّلتها إلى أداةٍ في خدمة أغراضها الاستعماريّة، فلم يكن يُعيَّن في مناصب إدارة الأوقاف العليا، ويستفيد من خيراتها إلا الأشخاص القريبين من دائرة الانتداب الفرنسي[56].
يلاحظ أنّ إدارة الأوقاف التي أنشأتها السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة لم تقم بتأسيس أيّ مرافق عامّة تعود بالنفع العام على المجتمع كمدرسةٍ إسلاميّةٍ عالية، أو بناء ميتم، أو دار عجزة أو مشفى، كما أنّها لم تقم بأيّة أعمالٍ تشجّع الفقهاء ورجال الدين على رفع مستوى التدريس والخطابة في حلقات التعليم في المساجد، بل على العكس من ذلك فقد أعطيت حريّة كبيرة للمتولّين والمستأجرين للأوقاف لإدارتها والتصرّف فيها على وفق أهوائهم ومصالحهم، كما لم تسهم الإدارة التي أنشأتها السلطات الفرنسيّة في تحسين أوضاع الفلاحين العاملين في أراضي الأوقاف، بل زادت أوضاعهم سوءًا مع النظام المالي الجديد المتبع في الجباية[57].
ليزداد الوضع سوءًا في عام ۱۹۲٦م، عندما أصدر المفوّض السامي الفرنسي قرارًا سمح فيه بجواز استبدال العقارات الوقفيّة المبنية وغير المبنية ماعدا الجوامع، ويكون الاستبدال بالنقد أو بملكٍ آخر تعادل قيمته العقار المستبدل، فكان هدف المفوّض السامي من إصدار ذلك القرار التلاعب بملكيّة الأوقاف الإسلاميّة والسيطرة عليها، وأنْ يستفيد منها عملاء السلطات الاستعماريّة، وبالتالي يحقّق منافع ماليةً له ولكبار المسؤولين الفرنسيين في البلاد[58]، وهكذا فإنّ السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة تكون قد تدخّلت في شؤون الأوقاف الإسلاميّة ووضعتها تحت إشرافها، كما ذكر المؤرّخ محمد كرد علي، ولكنها لم تتدخّل في أوقاف المسيحيين واليهود، وتركت إدارتها إلى المجالس الطائفيّة[59].
الخاتمة:
حاولت السلطات الاستعماريّة الفرنسيّة فرض كثيرٍ من القيم والنظم الاجتماعيّة الغربيّة في سورية، واستخدامها في تسهيل السيطرة على البلاد ومقدراتها، فكان تأثر المجتمع السوري بالسياسات الاستعماريّة الفرنسيّة في بعض الجوانب الاجتماعيّة تأثيرًا واضحًا، فيما كان هذا التأثير محدودًا في جوانب أخرى، وتجلّى التأثير بشكلٍ واضحٍ في قطّاع الصحّة؛ حيث تم اعتماد النظم الفرنسيّة في مجال الصحّة والإسعاف، وآلية عمل المشافي والمستوصفات، ويمكن تفسير أسباب تأثّر قطّاع الصحّة بشكلٍ كبيرٍ بالنظم الفرنسيّة بخلاف باقي النواحي الاجتماعيّة الأخرى بضعف هذا الجانب وحداثته في البلاد؛ نتيجة عدم اهتمام السلطات العثمانيّة به قبل وقوع البلاد تحت الانتداب الفرنسي، ممّا سهّل عمليّة سيطرة السلطات الفرنسيّة عليه، وتسييره وفق النظم الفرنسيّة، وهذه من الأشياء التي استغلتها فرنسا لتوسعة استعمارها ونفوذها، فيما كان التأثير الفرنسي محدودًا خاصّة في الجوانب الاجتماعيّة المتصلة بالعادات والتقاليد، ومردُّ ذلك إلى الاختلاف الكبير في المورث الثقافي والاجتماعي بين المجتمعين السوري والفرنسي؛ إذ اقتصر التأثير الفرنسي في هذا الجانب على بعض الفئات القليلة، وخاصّة من المسيحيين، وبعض الأُسر المسلمة المتنفذة التي رغبت بتقليد ومحاكاة الغرب في بعض عاداته وتقاليده.
قائمة الوثائق المصادر والمراجع:
أولًا: الوثائق:
Τ.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (Ε 2822/284/65), Foreign Office, (No.907), 15 April 1939.
T.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (E 2202/474/93), (No.92), Telegram to Kr. Houston Boswell, Bagdad, to the Foreign Office, 29 March 1939
Τ.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (E. 3415/474/93), British Embassy, Angora, No.221/(807/3/39), 29 April 1939.
ثانيًا: المصادر والمراجع:
باروت، محمد جمال، التكوين التاريخي الحديث للجزيرة السوريّة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1،الدوحة، 2013.
بشور، أمل ميخائيل، دراسة في تاريخ سوريا السياسي المعاصر، توزيع جروس برس، الطبعة الأولى،طرابلس، 2003.
جانا، محمد توفيق، مجموعة قرارات المفوّضين السامين لسوريا ولبنان الكبير منذ الاحتلال الإفرنسي حتى اليوم، مطبعة الشعب،دمشق، 1933.
الجندي، أنور، العالم الإسلامي والاستعمار السياسي والاجتماعي والثقافي، دار الكتاب اللبناني، ط2، بيروت، 1983.
حكمت، علي إسماعيل، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928 بحث في تاريخ سوريا من خلال الوثائق، دار طلاس، ط1,دمشق، 1998.
حنّا، عبد الله، القضية الزراعيّة والحركات الفلاحيّة في سوريا ولبنان 1820 – 1920، دار الفارابي،بيروت، 1975.
الحكيم، يوسف، سوريا والانتداب الفرنسي، دار النهار للنشر، ط 2،بيروت، 1991.
الخالدي، محمد فاروق، المؤامرة الكبرى على بلاد الشام دراسة تحليليّة للنصف الأول من القرن العشرين، دار الراوي للتوزيع والنشر، ط1، الرياض، 2000.
خوري، فيليب، سوريا والانتداب الفرنسي سياسة القوميّة العربيّة 1920 – 1945، ترجمة مؤسسة الابحاث العربيّة، مؤسسة الأبحاث العربيّة، ط 1، بيروت، 1997.
قاسميّة، خيرية، الحكومة العربيّة في دمشق بين 1918 – 1920م، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، ط2، 1982.
رافق، عبد الكريم، قافلة الحج الشامي وأهميّتها في العهد العثماني، مجلة دراسات تاريخيّة، العدد السادس، دمشق، 1981.
رافق، عبد الكريم، تاريخ الجامعة السوريّة 1901 – 1946، مكتبة نوبل،دمشق، 2004.
رافق، عبد الكريم، مظاهر من التنظيم الحرفي في بلاد الشام في العهد العثماني، بحث ضمن كتاب بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام في التاريخ الحديث، دمشق، 1981.
الجبوري، زينب حسن عبد وهيثم محيي طالب الجبوري، أثر حركة الإصلاح العثماني في تطوير الحركة الفكرية في الوطن العربي في العهد العثماني المتأخر، مجلة جامل بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 23، العدد 3، 2015.
السباعي، بدر الدين، أضواء على الرأسمال الأجنبي في سوريا 1850 – 1958، دار الجماهير، دمشق، 1967.
سيعيدوني، ناصر الدين، نظرة في أراضي الميري في بلاد الشام في العهد العثماني، المؤتمر الدولي الثاني لتاريخ بلاد الشام، دمشق، 1978.
طربين، أحمد، تاريخ المشرق العربي المعاصر، جامعة دمشق، دمشق، 19850.
طقوش، محمد سهيل، تاريخ بلاد الشام الحديث والمعاصر، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 2014.
سلطان، علي، تاريخ سوريا في أواخر الحكم التركي 1908 - 1918م دراسة اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة، دمشق، 1991.
الغزي، محمد كامل، نهر الذهب في تاريخ حلب، المطبعة المارونية،حلب، (د. ت).
قرقوط، ذوقان، تطور الحركة الوطنية في سورية 1920 - 1939، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط 1، بيروت، 1975.
كوثراني، وجيه، بلاد الشام في مطلع القرن العشرين قراءة في وثائق الدبلوماسيّة الفرنسيّة السكان والاقتصاد وفلسطين والمشروع الصهيوني قراءة في وثائق الدبلوماسيّة الفرنسيّة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط 3،بيروت، 2013.
لونغريغ، ستيفن هامسلي، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ترجمة بيار عقل، دار الحقيقة، بيروت، (د. ت).
كرد علي، محمد، خطط الشام، بيروت، دار الکتب العلمية، 1969.
منسي، محمود صالح، الشرق العربي المعاصر القسم الأول الهلال الخصيب، القاهرة، (د. ن)، 1990.
المعلِّم، وليد، سوريا 1918 – 1958 التحدّي والمواجهة، دمشق، مطبعة عكرمة، 1985.
اليافي، عبد الكريم، التعليم في بلاد الشام في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مجلة التراث العربي، المجلد 12، العدد 45، 1991.
-------------------------------------
[1]. أستاذ مساعد، قسم التاريخ، كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة تشرين، اللاذقية، سورية
[2]. سلطان، تاريخ سوريا في أواخر الحكم التركي 1908 - 1918م دراسة اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة، 24 – 25.
[3]. رافق، مظاهر من التنظيم الحرفي في بلاد الشام في العهد العثماني، 162– 167.
[4]. بشور، دراسة في تاريخ سوريا السياسي المعاصر، 22 – 23.
[5]. رافق، قافلة الحج الشامي وأهميتها في العهد العثماني، 5 – 27.
[6]. سلطان، تاريخ سوريا في أواخر الحكم التركي 1908 - 1918م، 23.
[7]. اليافي، التعليم في بلاد الشام في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، 12: 13، العدد 45.
[8]. كوثراني، بلاد الشام في مطلع القرن العشرين قراءة في وثائق الدبلوماسية الفرنسيّة السكان والاقتصاد وفلسطين والمشروع الصهيوني قراءة في وثائق الدبلوماسيّة الفرنسيّة، 230.
[9]. الحكيم، سوريا والانتداب الفرنسي، 62 – 63.
[10]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، 160 – 162.
[11]. م. ن، 176.
[12]. خوري، سورية والانتداب الفرنسي سياسية القوميّة العربيّة 1920 – 1945، 76 – 77.
[13]. الغزي، نهر الذهب في تاريخ حلب، 325 – 326.
[14]. باروت، التكوين التاريخي الحديث للجزيرة السورية، 187.
[15]. م. ن، 188 – 189.
[16]. م. ن، 189.
[17]. طربين، تاريخ المشرق العربي المعاصر، 419 – 420.
[18]. Τ.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (Ε 2822/284/65), Foreign Office, (No.907), 15 April 1939.
[19]. T.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (E 2202/474/93), (No.92), Telegram to Kr. Houston Boswell, Bagdad, to the Foreign Office, 29 March 1939
[20]. Τ.Ν.Α., Ε.Ο. 371/ (E. 3415/474/93), British Embassy, Angora, No.221/(807/3/39), 29 April 1939.
[21]. طقوش، تاريخ بلاد الشام الحديث والمعاصر، 56.
[22]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، 357.
[23]. م. ن، 355.
[24]. بشور، دراسة في تاريخ سوريا السياسي المعاصر، 55.
[25]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي،360.
[26]. م. ن، 359.
[27]. حكمت، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928 بحث في تاريخ سوريا من خلال الوثائق، 282 – 283.
[28]. بشور، دراسة في تاريخ سوريا السياسي المعاصر، 58.
[29]. كوثراني، بلاد الشام في مطلع القرن العشرين، 129 – 130.
[30]. حكمت، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928، 311.
[31]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، 359.
[32]. حكمت، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928، 312.
[33]. م. ن، 313 - 316.
[34]. السباعي، أضواء على الرأسمال الأجنبي في سوريا 1850 – 1958، 205 – 206.
[35]. قرقوط، تطور الحركة الوطنية في سورية 1920 - 1939، 41.
[36]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، 359.
[37]. حكمت، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928، 316.
[38]. لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، 359 -360.
[39]. قرقوط، تطور الحركة الوطنية في سورية 1920 - 1939، 43 - 44.
[40]. الخالدي، المؤامرة الكبرى على بلاد الشام دراسة تحليلية للنصف الأول من القرن العشرين، 342.
[41]. خوري، سوريا والانتداب الفرنسي سياسة القوميّة العربيّة 1920 – 1945، 121.
[42]. م. ن، 122.
[43]. بشور، دراسة في تاريخ سوريا السياسي المعاصر، 55.
[44]. منسي، الشرق العربي المعاصر القسم الأول الهلال الخصيب، 118 – 119.
[45]. سيعيدوني، نظرة في اراضي الميري في بلاد الشام في العهد العثماني، 358.
[46]. كرد علي، خطط الشام، 5: 114.
[47]. للمزيد ينظر: المعلّم، سوريا 1918 – 1958م، التحدّي والمواجهة، 258 – 263
[48]. جانا، مجموعة قرارات المفوضين السامين لسوريا ولبنان الكبير منذ الاحتلال الإفرنسي حتى اليوم، 2: 70.
[49]. م. ن.
[50]. م. ن، 71 – 72.
[51]. م. ن، 75.
[52]. م. ن، 76.
[53]. م. ن، 76.
[54]. م. ن، 77.
[55]. الخالدي، المؤامرة الكبرى على بلاد الشام دراسة تحليليّة للنصف الأول من القرن العشرين،340.
[56]. حكمت، نظام الانتداب الفرنسي على سوريا 1920- 1928، 213.
[57]. حنا، القضيّة الزراعية والحركات الفلاحيّة في سوريا ولبنان 1820 – 1920، 2: 37.
[58]. خوري، سوريا والانتداب الفرنسي سياسة القوميّة العربيّة 1920 – 1945، 113.
[59]. كرد علي، خطط الشام، 5: 117 – 118.