البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

(عِرْقٌ مميّز) المجتمع الأوروبي في الهند الاستعماريّة

الباحث :  ساتوشي ميزوتاني
اسم المجلة :  الاستعمار
العدد :  3
السنة :  ربيع _ 2025 م
تاريخ إضافة البحث :  April / 13 / 2025
عدد زيارات البحث :  108
تحميل  ( 548.605 KB )
لم تكن أوروبيّة المجتمع الأوروبي في الهند البريطانيّة بديهيّةً كما قد نفترض بسهولة. فقد شُوّهت هيبته العرقيّة بسبب وجود عددٍ كبيرٍ من الأشخاص الذين لم يُعَدّوا (بيضًا بما فيه الكفاية)، بسبب أصولهم الطبقيّة أو العرقيّة غير الواضحة. علاوة على ذلك، ألحقت الادّعاءات والسلوكيّات العنصريّة للأوروبيين، وخصوصًا في القطاع غير الرسمي من المجتمع، ضررًا كبيرًا بالصورة المثاليّة للأوروبيين كـحاملي حضارةٍ وتقدّمٍ؛ لذلك، من أجل الحفاظ على وهم المجتمع الأوروبي كـعرقٍ منفصل، كان من الضروري مراقبة الأشكال الإشكاليّة من البياض، والتصرّف حيالها كلّما دعت الحاجة. وهكذا، طيلة الفترة الاستعماريّة المتأخرة، كانت الجهود تبذل باستمرارٍ للسيطرة على الاضطرابات التي تسببها الفئات مثل البيض الفقراء، والمقيمين الدائمين، والمجرمين الأوروبيين، وغيرهم.
ومع ذلك، لم تكن هذه الجهود شاملةً أو فعّالةً بما يكفي، ممّا ترك المجتمع الأوروبي في الهند منقسمًا ومراتبيًا بوضوح، بحدودٍ متناقضةٍ وواضحةٍ للعيان. كانت المشكلة بالنسبة للحكم الاستعماري أنّ هذه التناقضات والتوترات الداخلية أثّرت سلبًا في علاقات المجتمع الخارجيّة مع بقيّة المجتمع الهندي. وفي عصر القوميّة المناهضة للاستعمار، ثبت أنّ هذا الأمر كان مدمرًا. أدرك الهنود بنحوٍ متزايدٍ أنّهم محاصرون في مناصب دونية، ليس بسبب التفوق المفترض لأسيادهم الأوروبيين، بل بسبب المواقف العنصريّة لهؤلاء السادة تجاههم..

الكلمات المفتاحية:
الأوروبيّون المقيمون، استعمار الهند، العِرق المميّز، الأوراسيّون، شركة الهند الشرقيّة.

المقدّمة
ما معنى أنْ يتحدّث مؤرّخو الاستعمارــ لا سيّما أولئك الذين يدرسون نوع الاستعمار غير الاستيطاني كما في الهند البريطانيّة ــ عن مجتمعٍ أوروبي بوصفه (عِرقًا منفصلًا)[2]؟ يبدو من الطبيعي أنْ نفترض أنّ أفراد هذا المجتمع مختلفون عن بقيّة المجتمع الذي يقيمون فيه، بالمعنى الواضح أنّهم ينتمون إلى أمةٍ قامت بغزو وحكم الأراضي المعنية. ولونهم الأبيض كان يعدّ العلامة الأساسيّة التي تميّزهم اجتماعيًّا، خصوصًا من منتصف القرن التاسع عشر، حين استقرت فكرة (العِرق) كـ(حقيقةٍ كونيّة) لتبرير هيمنة أوروبا على المجتمعات غير الأوروبيّة. ومع أنّ هذه الرواية المألوفة ليست خاطئةً بالكامل، فإنّها ناقصةٌ ومحدودةٌ ذاتيًا؛ إذ تغلق الباب أمام احتمالاتٍ أُخر للبحث التاريخي.

في عام 1989، نشرت آن لورا ستولر[3]، عالمة الأنثروبولوجيا التاريخيّة المتخصّصة في جزر الهند الشرقية الهولندية، مقالًا تأريخيًّا يركز على التسلسلات الهرميّة الداخليّة، والتوترات التي كانت كامنةً في المجتمعات الأوروبيّة الاستعماريّة. وجود مجموعاتٍ كان يُنظر إلى بياضها على أنّه غير أصيلٍ أو متناقض، مثل (البيض الفقراء)[4]، والأشخاص من أصولٍ مختلطة، أثار تساؤلاتٍ حول معنى أنْ تكون (أوروبيًّا) من الأساس، وبالتبعية، حول التمييز الواضح بين المستعمِر والمستعمَر الذي جعل الحكم الإمبراطوري يبدو طبيعيًّا. جادلت ستولر بأنّ على الباحثين أنْ يتساءلوا عن ميلهم الخاصّ للتأريخ بطرقٍ تجعل من الاستعمار ووكلائه الأوروبيّين يظهرون كقوةٍ مجرّدة. كانت صورة المجتمع الأوروبي ككيانٍ متجانسٍ متماسكٍ بأهدافٍ ومصالح مشتركةٍ أقلّ انعكاسًا للواقع، بل هي بناء مُتخيّل – شيء خُلِق وشُكّلَ بوعي ــ وقد جاء هذا البناء، جزئيًّا، كاستجابةٍ لحالة عدم الاستقرار الناتجة عن تغيّر الظروف. منذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأت النزعة الاستعماريّة الأوروبيّة تتعرض لتحدّياتٍ سياسيّةٍ متزايدةٍ من قبل الشعوب المستعمَرة، ممّا أجبر مفاهيم الإدماج والاستبعاد على التكيّف تبعًا لذلك.
لا ينبغي النظر إلى البياض في هذا السياق كعلامةٍ على تمييزاتٍ محددةٍ وثابتةٍ سلفًا، بل أداة استعماريّة للتدخّل الاجتماعي، تخدم النظام الحاكم من خلال تمكينه من التحقيق في الحياة اليوميّة للأشخاص الذين يُعددون مسؤولين عن تهديد النظام الاجتماعي المبني على العنصريّة الذي يحتاجه الاستعمار، وعن الإحساس بعدم الأمن السياسي الناجم عنه[5].

في التأريخ الخاصّ بجنوب آسيا الاستعماريّة، سبق أنْ نشر ديفيد أرنولد[6]، ووالترود إرنست[7]، وكينيث بالهاتشيت[8] أعمالًا مهمّةً تتماشى مع اهتمامات ستولر[9]، لكن البحث المستلهم من رؤاها النظريّة اكتسب زخمًا منذ بداية الألفيّة الجديدة، من خلال نشر سلسلةٍ من الأعمال البحثيّة المطوّلة. وفي مقدمة هذه الأعمال، ركّز الكتاب المهم (الجنس والأسرة في الهند الاستعماريّة)[10] 2006م، الذي كتبه دوربا غوش[11]، على التعقيدات الاجتماعيّة والسياسيّة للعلاقات الجنسيّة بين الرجال البريطانيين والنساء الهنديّات في العقود الأولى من الحكم البريطاني[12]. تناولت كتب مثل (أبناء الاستعمار)[13] 2001م، لليونيل كابلان[14]، و(خطوط الأمة)[15] 2007م، للورا بير[16]، و(السياسة الأقلياتية للأنجلو-هنود في جنوب آسيا)[17] 2017م، لأوثر تشارلتون-ستيفنز[18]، تواريخ الفئات ذات الأصول المختلطة في الهند، المعروفة باسم (الأوراسيين)[19] الذين أُطلق عليهم رسميًّا (أنجلو-هنود)[20] منذ عام 1911م، وتناولت هذه الدراسات الطبقات، والجنس، والتسلسلات العرقيّة في المجتمع الأوروبي وما حوله[21].

كما درست إليزابيث كولينغهام[22] في كتابها (الأجساد الإمبريالية)[23] 2001م، الممارسات الجسديّة والاجتماعيّة للمقيمين البريطانيين في حياتهم اليوميّة، موضحةً كيف كانوا يعزّزون بياضهم بوعي، بدلًا من عدّه أمرًا بديهيًّا. وفي كتابها (عائلات الإمبراطورية)[24] 2004م، ركّزت إليزابيث بوتنر[25] على العائلة، موضّحةً جهود البريطانيين الأغنياء للحفاظ على بياضهم عبر الأجيال[26]. كما أعادت إليزابيث كولسكي[27] في كتابها (العدالة الاستعماريّة في الهند البريطانية)[28] 2010م، دراسة قضايا العنف الاستعماري والظلم القانوني، متناولةً الحياة اليوميّة للبريطانيين وعلاقتهم المتناقضة مع سيادة القانون[29]. في السياق نفسه، استكشف هارالد فيشر-تين[30] في كتابه (الأوروبيون المتدنّون والماجنون)[31] 2009 م، عوالم (السفليين البيض)[32] في الهند البريطانيّة، محللًا تأثير وجود مجموعات البيض الفقراء، رجالًا ونساءً، متناولًا مسائل تأريخيّةً مهمّةً تتعلّق بكلّ من العرق والطبقة في السياق الاستعماري[33]. على المنوال نفسه، حلّل كتابي (معنى البياض)[34] 2011 م، كيف أنّ الأوراسيّين والأوروبيّين المستوطنين[35] (البيض الذين استقرّوا بشكلٍ دائم في الهند) شكلوا تناقضًا للبياض، حيث أدى تزايد فقرهم إلى استهدافهم بتدخّلاتٍ من الدولة والمؤسّسات الخيريّة[36].
يعتمد هذا الفصل إلى حدٍّ كبيرٍ على هذه الإسهامات التي قُدمت خلال العقدين الماضيين. مع التركيز على فترة ما بعد التمرد، عندما أصبحت مسألة العِرق أكثر وضوحًا، أستعرض الجهود (التي لم تنجح في معظمها) لإنشاء مجتمعٍ أوروبي كعرقٍ منفصل.

التسلسلات الهرميّة الاستعماريّة والبناء الإمبراطوري للهويّات العرقيّة
قبل أنْ تبدأ بريطانيا احتلال الهند، الذي بدأ في البنغال في منتصف القرن الثامن عشر، كان الأوروبيّون في الهند من إمبراطوريّاتٍ غربيّةٍ متعدّدة، بما في ذلك البرتغاليّة، والهولنديّة، والفرنسيّة، إلى جانب البريطانيّة. في الفترة التي ندرسها، أصبحت الجالية أكثر طابعًا بريطانيًّا، خصوصًا في كلكتا، رغم أنّ الأمر لم يكن واضحًا في مدراس بومباي. وتماشيًا مع البنية السياسيّة لبريطانيا كـمملكة المتّحدة، كان المجتمع الأوروبي في الهند متنوّعًا من حيث الخلفيّة العرقيّة؛ إذ شمل أعضاء من الاسكتلنديّين، والويلزيّين، والإيرلنديّين، إلى جانب الإنجليز. من حيث الدين، كان المجتمع في الغالب بروتستانتيًّا، إلا أنّه، وبالتوازي مع التكوين العرقي المذكور، كان هناك قدرٌ من التنوّع الطائفي. وكانت التركيبة الجندريّة للمجتمع تميل بشكلٍ غير متناسب نحو الذكور، على الرغم من أنّ هذا الخلل تم تعديله جزئيًّا منذ أواخر القرن التاسع عشر. وبالمقارنة مع العدد الهائل من السكان الهنود، كان المجتمع الأوروبي صغيرًا للغاية. ورغم صعوبة تحديد الحجم العددي الدقيق للمجتمع الأوروبي - ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تعريفه وحدوده الغامضة - فإنّه من المحتمل أنّ عدد أفراده لم يتجاوز 100,000 مع بداية عقد 1910. من حيث الوظائف، كان أفراد المجتمع الأوروبي في الهند ينقسمون إلى مجموعتين رئيسيتين. من جهة، هناك المسؤولون، الذين خدموا الدولة الاستعماريّة، من المدنيين والعسكريين. ومن جهة أخرى، هناك مجموعة متنوعة من غير المسؤولين، تضمّ أصحاب الأعمال والمديرين، والمبشرين، وغيرهم.

لا يعطينا التوصيف الديموغرافي المذكور للمجتمع الأوروبي في حدّ ذاته كثيرًا من المعلومات حول كيفيّة رؤية أفراده لأنفسهم، أو حول من يتم تضمينهم أو استبعادهم من هذا المجتمع. لفهم نوع المجتمع الأوروبي الذي سعت الإمبراطوريّة البريطانيّة لبنائه في الهند، من الضروري إدراك أنّه، منذ أيام شركة الهند الشرقيّة، كان البريطانيون ينظرون إلى شبه القارة الهنديّة كمستعمرةٍ لاستخراج الموارد، وليس كمستعمرةٍ استيطانيّة[37]. وقد أكدت اللجنة المختارة للاستعمار والاستيطان[38]، التي عيّنتها الحكومة الإمبراطوريّة في عام 1858، هذا المبدأ بوضوح؛ ففي تقريرها، أوضحت اللجنة أنّ أفراد الأسر من الطبقة العاملة يجب أنْ يُشجَّعوا على الهجرة إلى أستراليا أو مستعمراتٍ استيطانيّةٍ أخرى، وليس إلى الهند[39]. لم يكن وجود المجتمع الأوروبي في الهند من أجل توطين الأرض، بل من أجل حكمها؛ وذلك لاستخراج الفائض الاقتصادي من مواردها. ووفقًا لهذا التوجّه، كان من المفترض أنْ يأتي أفراد هذا المجتمع من الطبقات العليا للمجتمع البريطاني، وأنْ يكون هدفهم في الهند خدمة المصالح البريطانيّة، كموظفين رفيعي المستوى، ورجال أعمال، ومحترفين، بالإضافة إلى المبشرين والفاعلين الخيريين.
بوصفهم أعضاء مختارين من أمةٍ حاكمة، كان من المتوقّع من هؤلاء الأفراد ممارسة ما يمكن أنْ نسمّيه (سياسة الهيبة البيضاء). وفي ظلّ الغياب المتعمد للطبقة العاملة، جادلت اللجنة بأنّ هؤلاء الأشخاص من (الطبقة المحترمة) سيتمكنون من تجسيد الحضارة المتقّدمة لبريطانيا. كان يُتوقع من كلّ فردٍ من هؤلاء الأوروبيين أنْ يكون واعيًا دائمًا بالمعنى الإمبراطوري لوجوده، وأنْ يعتني بالتأنق حتى يتمكّن من استحضار الاحترام والرهبة لدى المستعمَرين. ولن يتمكنوا من الوقوف في وجه النظرة الانتقاديّة المتزايدة للهنود إلّا من خلال العيش وفقًا لمعايير السلوك المثاليّة[40].

كانت سياسة الهيبة البيضاء مرتبطةً بشكلٍ وثيقٍ بمجموعةٍ من الممارسات التي من خلالها سعى الأوروبيّون للابتعاد عن بقيّة المجتمع. فقد كانت الأنشطة الاجتماعيّة للبريطانيين المحترمين تقتصر بشكلٍ كبيرٍ على ما يُعرف بـ (النادي)، الذي وفّر للسادة (sahibs) – وتعني الأوروبيين ذوي المكانة العالية – وسائل الراحة المعتادة للالتقاء والترفيه. كان النادي مؤسّسةً حصريّةً تمنع دخول غير الأوروبيين، ممّا كان يوضح بجلاء الحدود الفاصلة بين المستعمِر والمستعمَر[41].

سعى الأوروبيّون أيضًا للابتعاد عن المجتمع الذي استعمروا في حياتهم اليوميّة. ظهر هذا، على سبيل المثال، في ترتيباتهم السكنيّة والمنزليّة. فقد كانت المساكن البريطانيّة التي بُنيت بعد التمرد تقع في أحياء واسعة تُعرف بـ (الخطوط المدنية)[42]، التي كانت مفصولةً بوضوح عن البلدات أو (البازارات)[43] . كان الهدف من البنية المعماريّة لهذه المساكن، التي تُعرف باسم (البنغالو)[44]، هو حماية سكّانها من المناخ الحار والرطب، فضلًا عن الظروف التي كانت تُعدّ غير صحيّةٍ في البيئة المحيطة. وقد صُمّم حجم البنغل الكبير ليبهر الهنود بعظمة سكانه، مع فرض تنظيمٍ لدخولهم إليه[45].

خلال النصف الأخير من الحكم البريطاني، كانت الحياة المنزليّة داخل البنغالو تحت سيطرة (المِمساهبات)[46] – زوجات السادة – اللاتي تزايد عددهن بشكلٍ كبير بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م، ممّا خفض بشكلٍ كبيرٍ الوقت والتكلفة للوصول إلى الهند[47]. أدّى تزايد وجود النساء البيض في المجال المنزلي للمجتمع الأوروبي إلى تمكين راج من مراقبة وتعزيز سياسة الهيبة البيضاء. لقد وضعت آراء النظام الحاكم، التي انتشرت من خلال الكتيبات الطبيّة وكتب التدبير المنزلي، هؤلاء النساء في موقع ذي أهميّةٍ سياسيّةٍ خاصّة. كان يُنتظر منهن أنْ يؤدّين دورًا مهمًّا في (إعادة) إنتاج النظامين الثقافي والأخلاقي داخل المجتمع[48]. وشملت أدوارهن المحدّدة الإشراف الدقيق على المربيّات الهنديّات والخدم المقيمين[49]. وبوصفهن زوجات، كان يُتوقّع من وجودهن أنْ يحمي الرجال البريطانيين من النساء الأخريات، وخصوصًا النساء ذوات الأصول المختلطة، اللاتي كان يُزعم أنّهن يسعين إلى إغراء الرجال البريطانيّين بعلاقاتٍ جنسيّةٍ على أمل تحسين أوضاعهن الاجتماعيّة والاقتصاديّة[50].

كانت ممارسة العزل الذاتي تُطبّق أيضًا على مستويات كليّة. فعلى سبيل المثال، تجلّت الطموحات البريطانيّة لإنشاء مناطق بيضاء غير ملوثةٍ تحت حكمهم من خلال انتشار (المحطات الجبلية)[51] المنتشرة في السلاسل الجبليّة لشبه القارة[52]. غير أنّ هذه الاستراتيجيّات للتباعد الذاتي واجهت صعوبات. فرغم كلّ الجهود، لم يكن بإمكان البريطانيين العيش دون شرب المياه الهنديّة، أو تناول الطعام الهندي، أو تنفس الهواء الهندي، بينما اعتمدوا على الهنود في العمل المنزلي وغيره من الأعمال. وكلّما سعوا بحرص إلى حماية أنفسهم من التأثيرات الهنديّة، زاد شعورهم الحاد بانعدام الأمان[53]. رغم ثبات إيمان البريطانيين بتفوّقهم الذاتي، كان هذا الإيمان معقّدًا بشكلٍ حتميّ بسبب شعورهم الدائم بالخوف من فقدان تفوّقهم العرقي ما لم تُتخذ العناية الطبيّة والثقافية المناسبة. ويدلّ شيوع مفهوم (الانحطاط)[54] في المستعمرات على مدى تأثير هذا الشعور الهش على سياسات العرق الاستعماريّة. فعلى الرغم من أنّ الأفكار العرقيّة التي تطوّرت وانتشرت في الدولة الأم[55] كانت تركز على الدونيّة المفترضة للآخر المستعمَر، كانت نظيراتها في المستعمرات تركز أيضًا على نقاط الضعف المحتملة، وخطر التدهور الذي قد يصيب الذات المستعمِرة[56].

كان من بين أسباب الانحطاط المحتملة الاختلاط العرقي. كانت هناك بعض الآراء التي رأت في اختلاط الدم الأبيض والمحلي وسيلةً لتكيّف البيض مع بيئة جنوب آسيا. لكن مع أواخر القرن التاسع عشر، تلاشى هذا الرأي أمام نظرةٍ أكثر سلبيّة؛ ففي مقال نُشر في مراجعة كلكتا[57] عام 1858، وُصِف الاختلاط العرقي بأنّه ينتج آثارًا رهيبة ومشؤومة، ووصف بأنّه اتحادٌ غير طبيعي أو مزيجٌ قاتلٌ سيؤدي إلى فقدان المجتمع كلّ فضيلته وتفوّقه قريبًا[58]. لحماية بياضهم، يجب ألّا يُسمح لأعضاء المجتمع الأوروبي بإنجاب ذريةٍ من أصول مختلطة.

وقد جادل الخبير الطبي المؤثر، و. ج. مور، في كتابه (الصحة في المناطق المدارية)[59] 1862م، بأنّ التزاوج بين الأعراق قد يضمن الاستيطان، لكن بطريقةٍ تُعرِّض لخطر الانحطاط، وأنّ وجود بيضٍ منحدرين ليس ما يتطلّبه الحكم البريطاني. وكما قال: «السؤال هو ما إذا كان بالإمكان تكوين نسلٍ أوروبي قوي وصحّي والحفاظ عليه»[60]. وهكذا، في فترة ما بعد التمرّد، ارتفعت مشاعر مناهضة التزاوج بين الأعراق بشكلٍ متزايد بين أفراد المجتمع الأوروبي في الهند[61].
ومع ذلك، كانت إشكاليّة التزاوج بين الأعراق مجرد جزءٍ من الصورة الأكبر. فقد كان يُنظر إلى التأثير الواسع النطاق للبيئة الهنديّة بوصفه تهديدًا لصفات الأوروبيين العرقيّة؛ وبذلك، كان منع التزاوج بين الأعراق شرطًا ضروريًّا، لكنّه غير كافٍ لمنع الانحطاط. كانت السلطات الاستعماريّة تدرك تمامًا أنّ العديد من الخصائص غير المرغوبة لدى الأوروبيين مكتسبة بيئيًّا، وليست وراثيًا؛ ولهذا السبب، أصبحت بعض الأشكال اللاماركية[62] لنظريّة التطور[63] شائعةً في الهند الاستعماريّة، بدلًا من النماذج الاجتماعيّة الداروينيّة التي كانت تؤكّد على الوراثة[64].

كان تأثير المناخ الهندي على البنية الجسديّة للأوروبيين موضوعًا رئيسًا في النقاشات البريطانيّة حول الانحطاط. وقد أصبح السؤال حول ما إذا كان بإمكان البريطانيين التكيّف مع البيئة الجديدة – أو التأقلم[65] كما كان يُطلق عليه غالبًا – مسألة ملحة، خاصّةً خلال العقود الأولى من الحكم الملكي. بعض الآراء حول التأقلم كانت تعدّ ليست عديمة الجدوى فقط، بل أيضًا خطيرة للغاية. فقد كان يُعتقد أنّه إذا تعرّض الأوروبيّون لفتراتٍ طويلةٍ للمناخ الحار والرطب في الهند، فإنّهم سيتحوّلون إلى كائناتٍ منحطّة. وقد دعم هذا التفكير علماء وأطباء كانوا قلقين بشأن صحّة البريطانيين في شبه القارة الهنديّة[66].
في نهاية المطاف، كان يُنظر إلى التأثير المقلق للبيئة الهنديّة على أنّه اجتماعي ثقافي بعمق، وليس فقط طبيًّا أو طبيعيًّا. إذ كان يُعتقد أنّ بقاء الأوروبيّين بعيدين عن وطنهم لفتراتٍ طويلةٍ سيؤدي إلى اكتسابهم ثقافة الحياة الهنديّة بطرقٍ لا رجعة فيها. لاحظ الجراح العسكري جورج ييتس هانتر[67] في كتابه (الصحة في الهند)[68] (1873)، أنّ العائدين من شبه القارة الهنديّة غالبًا ما أصبحوا مندمجين في معايير المجتمع الاستعماري لدرجة أنّهم، عند عودتهم إلى بريطانيا، كانوا يُلاحظ أنهم «ضائعون في بحر الحياة الإنجليزيّة»[69]. تعكس هذه النظرة وصمةً كانت مرتبطةً بالإقامة في المستعمرات نفسها، بغض النظر عن مدى الحرص على ممارسة الفصل العرقي[70].

رغم أنّ فترة الإقامة في المستعمرات قد تستمر لعدّة عقود، كان من الضروري للسادة والسيّدات من مجتمع (راج) أنْ ينكروا بشدة أنّ الهند هي مكان إقامتهم الدائم. فقط بريطانيا يمكن عدّها موطنهم الحقيقي والمصدر الأصلي لقيمهم ومعاييرهم. كان الأوروبيّون في الهند عمومًا يُعدّون عابرين مؤقتين، يتطلعون دائمًا إلى العودة إلى الجزر البريطانيّة بمجرد انتهاء مسيرتهم الاستعماريّة[71]. في هذا السياق، وُجّه اهتمامٌ كبيرٌ إلى الجيل الأصغر في المجتمع الأوروبي. في الواقع، كانت مسألة صحّة الأطفال البيض وتطوّرهم الأخلاقي في صلب النقاشات البريطانيّة حول الانحطاط؛ ذلك لأنّ التأثيرات البيئيّة المذكورة تنغرس بشكلٍ أعمق لدى الأطفال الصغار، الذين كانت بنيتهم الجسديّة والعقليّة ما تزال في مراحلها التكوينيّة، ممّا يجعلهم عرضةً للتأثيرات الخارجيّة بشكلٍ خاصّ.

عادةً، كان يُعتقد أنّ الأطفال الأوروبيين يجب أنْ يغادروا الهند ليتربوا ويتعلموا في بريطانيا عند بلوغهم سن السادسة أو السابعة. وكان السبب في ذلك ثقافيًّا أكثر منه طبيًّا؛ فقد كان الاتصال اليومي مع الخدم الهنود يُعدّ ضارًا بشكلٍ خاصٍّ لتشكيل الطابع الأخلاقي للطفل. ففي المنازل، كانت المربيّات الهنديّات (الآيات)[72] والمرضعات (الدايات)[73] غالبًا ما يقمن برعاية احتياجات الطفل، ممّا ينطوي حتمًا على درجةٍ من الاتصال العرقي المتبادل. وبما أنّ الخدم كانوا يُعدّون مصدرًا خبيثًا للتأثيرات الثقافيّة الهنديّة، فقد كان هذا النوع من الاتصال يُنظر إليه على أنّه خطرٌ قد يحول الطفل بشكلٍ لا رجعة فيه إلى كائنٍ منحطٍّ لا يليق بعضو في المجتمع الأوروبي[74]. وقد أُثيرت هذه المخاوف وعُزّزت من خلال مخاوف اجتماعيّةٍ واقتصاديّةٍ ذات صلة. فبحلول أواخر القرن التاسع عشر، كان من المقرر أنْ تكون المؤهلات التعليميّة البريطانيّة شرطًا أساسيًّا للحصول على المناصب المرموقة في الخدمة الاستعماريّة المخصّصة للأوروبيين. وكانت الأهميّة التي أُعطيت للتعليم البريطاني مرتبطة أيضًا بتجاهل الأوروبيين في الهند عادةً لتعليم أطفالهم هناك. فقد فقدت المدارس الجبلية[75] - رغم أنها كانت مُصممةً على نمط المدارس الإنجليزيّة الراقية - جاذبيتها كخيارٍ تعليمي للعائلات (المحترمة) في الهند البريطانية[76].

تأديب وإلغاء الأشكال الفوضويّة للبياض
تحديد الراج البريطاني للبياض الاستعماري على أساس قيم النخب في الوطن الأم، لم يكن يعني أنّ جميع الأوروبيين في الهند كانوا يُعدّون محترمين بما يكفي[77]. في الواقع، صُنفت نسبة كبيرة من السكان البيض في الهند بعد التمرد كـ (بيضٍ فقراء)، ممّا وضع البناء الرسمي للبياض في توترٍ دائمٍ مع واقعه الديموغرافي الفعلي. وعلى الرغم من عدم الرغبة المذكورة سابقًا للإمبراطورية في السماح بتشكيل طبقةٍ عاملةٍ بيضاء بشكلٍ كامل، كان من المستحيل على الحكم البريطاني التخلّص تمامًا من وجود الرجال والنساء البيض من أصولٍ طبقيّةٍ أدنى ممّا هو مرغوب فيه. فعلى سبيل المثال، كانت هناك حاجةٌ إلى جنود بأعدادٍ أكبر من ذي قبل؛ لأنّ خدمتهم عُدّت لا غنى عنها، خاصّةً بعد التمرد الذي أدّى إلى فترةٍ من التوتر العرقي المتزايد [78].

كانت النادلات الأوروبيّات – وهن بيضاوات، ولكن من طبقاتٍ غير محترمة – يقدمن خدمات للرجال في المجتمع الأوروبي عبر بيع خيال - إنْ لم يكن واقع - التوافر الجنسي[79]. وحتى البغايا الأوروبيّات – اللواتي ربما كان وجودهن الأكثر رعبًا بين مجموعات الطبقات الفرعيّة البيضاء – كانت لديهن وظيفة شبه رسميّة: كانت الخدمة الجنسيّة التي قدمنها مفيدةً في منع الرجال البريطانيين من ارتكاب الاغتصاب أو الاختلاط العرقي أو المثليّة[80]. ورغم عدّ هذه المجموعات شرًّا لا بد منه، فقد مُنحت، بشكلٍ غريب، مساحة للوجود ضمن النظام الاستعماري البريطاني.

مع عدم تعريف الهند كمستعمرةٍ استيطانيّة، كانت الفرص المتاحة للرجال والنساء البيض من الطبقة العاملة محدودة بطبيعتها. وكانت المشكلة بالنسبة للإمبراطورية أنْ معظم هذه المجموعات البيضاء التابعة في الهند لم تجد عملًا بعد تركها وظائفها المحدّدة، ممّا جعلهم يتجولون بلا وسيلة عيش. في الهند البريطانية، لم يكن الفقراء الأوروبيون فقراء فحسب بالمقارنة مع الفئات الفقيرة الأخرى؛ بل كانوا فقراء بطرقٍ تلحق الضرر السياسي بالحكم البريطاني. فإذا كان من المفترض أنْ يكون بياض المجتمع الأوروبي المستعمِر مشروطًا باحترام أعضائه، لم يكن هناك مكان ببساطة للفقراء ضمن العضويّة المتخيلة. في الواقع، كانت فئة (البيض الفقراء) متناقضة ذاتيًّا؛ فكيف يمكن لشخص أبيض أنْ يكون فقيرًا، ولا يزال يُعدّ أبيضَ؟ كان منظر شخص أوروبي يتجوّل بين الرعايا الهنود في حالة فقرٍ يُنظر إليه على أنّه يزعزع النظام العنصري للراج بشكل عميق. وقد خُشي أنْ الصورة الجماعيّة للأوروبيين ستتأثر في نظر الرعايا المستعمَرين.
كان لا بد من ترويض الآثار الفوضويّة التي يُفترض أنْ الأوروبيين الفقراء يولدونها والسيطرة عليها. وكانت إحدى الطرق الواضحة لتحقيق ذلك هي تقليل عددهم إلى الحدّ الأدنى عن طريق إضفاء الطابع المؤسسي عليهم، ومن ثم ترحيلهم إلى بريطانيا عندما يُكتشف أنّهم في حالة بطالة. وقد جرى تطبيق ذلك من خلال إدخال قوانين تشرد الأوروبيين[81] (1869، 1871، و1874). وفقًا لهذا التشريع، يمكن إدخال البريطانيين والأوروبيين الآخرين الذين يُصنفون متشردين في مؤسّسات عملٍ أو إعادتهم إلى الوطن. وقد أدرجت إحصائيّات حكومة الهند ما يصل إلى 5,000 متشرد، تم وضعهم في مؤسّسات العمل بين عامي 1876 و1897 [82].

مع ذلك، كانت هذه الإجراءات غير كافيةٍ بشكلٍ كبير، ممّا سمح لعددٍ كبيرٍ من البيض (غير المحترمين) بالانفلات من نظام المراقبة والسيطرة المؤسّسي. وبقاؤهم في الهند بشكلٍ دائمٍ بدلًا من إعادتهم إلى وطنهم جعلهم يُعرفون بـ (الأوروبيّين المقيمين)[83]، وغالبًا – إنْ لم يكن دائمًا – اندمجوا من خلال الزواج بين الأعراق في المجتمع الموجود مسبقًا من (الأوراسيّين)[84]، وهم أشخاص مختلطو الدم ذوو أصلٍ أوروبي من ناحية الأب[85]. في سياق الاستبعاد المشترك لهذين النوعين من الأصول البيضاء – الأوروبيين المقيمين والأوراسيّين – من العضويّة في المجتمع الأوروبي، جرى دمجهما ومعاملتهما كفئةٍ اجتماعيّةٍ واحدةٍ تُعرف باسم (المجتمع المقيم)[86]، رغم الاختلافات الكبيرة بينهما[87]. اعتبارًا من عام 1911، كان ما يقرب من ثلثي السكان من أصلٍ أوروبي في منطقة كلكتا، قد تم توطينهم، وإذا سمحنا لأنفسنا بالتجرؤ على افتراض أنّ النسبة نفسها تنطبق في أماكن أخرى، يمكننا استنتاج أنّه في الهند البريطانية كان هناك نحو 93,000 أوروبي غير مقيم، 47,000 أوروبي مقيم، و160,000 أوراسي[88].

نموّ المجتمع المقيم كان ليبرز كتناقضٍ آخر لتجانس الجماعة الأوروبيّة المتخيَّل، إذ لم يكن من المفترض أنْ يستقر عملاء الإمبراطوريّة البيض في الهند بشكلٍ دائم، ولا أنْ يشاركوا في اختلاط الأعراق. لم يكن بالإمكان عدّ الشخص (أبيضَ) بشكلٍ حقيقي، وهو مقيم في الوقت نفسه. تفاقمت مشكلة البياض المحلّي بسبب العدد المتزايد من الأوراسيّين والأوروبيّين المقيمين الذين كانوا يعانون من الفقر الشديد، ممّا جعل المجتمع المقيم يظهر بصورةٍ سلبيّة[89]. بالنسبة للنخب الحاكمة والمصلحين الاجتماعيين الذين كانوا يسعون لبناء نظام إمبراطوري يقوم على هيبة البياض، كان هذا الفقر في المجتمع المقيم أكثر إزعاجًا من حالة البيض الفقراء لثلاثة أسباب. أولًا، حتى في حالة البطالة، لم يكن بالإمكان إبعاد الأوراسيّين والأوروبيّين المقيمين عن المشهد الاستعماري عن طريق إعادتهم إلى بريطانيا؛ لأنّهم كانوا يُصنَّفون قانونيًّا كـ(سكّان الهند الأصليّين)، وليس أوروبيّين بريطانيّين. ثانيًا، كان يُنظر إلى تدهور المجتمع المقيم على أنّه أكثر عمقًا بسبب إقامة أعضائه عبر الأجيال في الهند، وارتفاع نسب الاختلاط العرقي بينهم. ثالثًا، وعلى عكس نظرائهم غير المقيمين، كان لدى الفقراء من الأوراسيّين والأوروبيّين المقيمين عادةً عائلات لإعالتها، بما في ذلك أطفال نشأوا بالكامل في الهند. وحينما كان الفقر يضربهم، كما كان يحدث غالبًا، كان يتسبب في تدهور حالتهم الاقتصاديّة للأجيال المتعاقبة، ممّا جعل الفقر مزمنًا وأكثر صعوبةً في القضاء عليه.

ونظرًا لأنّ الهند كانت، وليس بريطانيا، موطنهم، كان يُنظر إلى الأوراسيين والأوروبيين المقيمين كأعضاء غير حقيقيين في المجتمع الأوروبي، وتم استبعادهم بشكلٍ كبيرٍ من امتيازاته. كانت فرصهم في الاختلاط الاجتماعي مع الأوروبيّين من الطبقات المحترمة محدودة. فعلى سبيل المثال، لم يكن الآباء في المجتمع الأوروبي يرغبون في أنْ يتواصل أطفالهم مع أطفال المقيمين، خوفًا من أنْ يكتسبوا سماتٍ ثقافيّة خاصّة بالأخيرين، خصوصًا لهجتهم، التي كانت تُعدّ علامةً على الانحطاط الاستعماري والوضع الاجتماعي الأدنى. كان مطلب جمعيّة الأوراسيّين والأنجلو-هنود[90] – وهو جهازٌ سياسي يمثّل المجتمع المقيم، وأُسس فرعه الأول في كلكتا عام 1876 – بأنْ يُعامَلوا كعنصرٍ إيجابي ومساوٍ من المجتمع الأوروبي في الهند، مرفوضًا مرارًا[91]. كانت رؤية المجتمع المقيم تُعدّ تناقضًا مع مفهوم البياض الاستعماري البريطاني، الذي أصبح بحلول أواخر القرن التاسع عشر محدّدًا بصرامة من حيث العرق، والطبقة، ومكان الإقامة.

في الوقت نفسه، لم يكن بإمكان السلطات الاستعماريّة وأعضاء المجتمع الأوروبي المعنيّين تجاهل تزايد فقر المجتمع المقيم. لم يكن ذلك نابعًا من شعور بالتعاطف تجاه مجموعةٍ ذات أصلٍ أبيض، بل كان مرتبطًا بشكلٍ عميقٍ بسياسات (هيبة البياض). فقد كان أفراد المجتمع المقيم ليسوا من أصلٍ أبيض فقط، بل مسيحيين وناطقين بالإنجليزيّة. كان المقيمون سواء رغبوا أم لا، في مخيلة الهنود – والذين كان عددٌ متزايدٌ منهم ينتقد الحكم البريطاني – يُعدّون جزءًا من المجتمع المستعمِر. وهذا جعل فقرهم المرئي مسألة تتعلّ ق بالصورة الجماعية للمجتمع الأوروبي .كما أكد تشارلز جون كانينغ، الحاكم العام للهند، بعبارته الشهيرة في عام 1860: «بضع سنوات قليلة ستجعل [المجتمع المقيم]، إذا أُهمل، عاريًا صارخًا على الحكومة، وعلى الإيمان الذي سيعتنقه، ولو بالاسم فقط، مهما كان جاهلًا وفاسدًا»[92].

كان الوجود المرئي للفقراء المقيمين يُشار إليه باسم (المسألة الأوراسية)[93]، ممّا يعكس حقيقة أنّ أغلبيّة الأفراد المعنيين كانوا من الأوراسيّين. ومن خلال خطاب مسألة الأوراسيّين، سعى البريطانيّون المعنيون، ولا سيّما الفاعلين الخيريّين والتربويّين، إلى استكشاف وتحديد والسيطرة على أماكن الفوضى التي يُفترض أنّ الفقراء من الأوراسيّين والأوروبّيين المقيمين قد خلقوها.
في البداية، كان هناك بعض التفاؤل بأنّ المسألة الأوراسيّة يمكن حلّها من خلال توفير التعليم المدرسي، والذي كان من المتوقع أنْ يفتح آفاقًا للتوظيف لشباب المجتمع المقيم. ورغم أنّه لم يكن من المفترض أنْ يتنافس هؤلاء المقيمون على وظائف الخدمة العامة مع البريطانيين الذين تلقوا تعليمهم في الوطن الأم، فإنّ الأمل كان معقودًا على أنّهم قد يتمكنون من متابعة مهنٍ محترمةٍ ضمن إمكانيّاتهم القانونيّة كـ(سكّان الهند الأصليين). ومع ذلك، فشل هذا إلى حدٍّ كبير، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنّ الحكم البريطاني، خصوصًا من منتصف القرن التاسع عشر، اعتمد استراتيجيًّا على الهنود المتعلّمين بالإنجليزيّة لتأمين اليد العاملة المكتبيّة التي تكمل عمل الموظّفين الأوروبيّين. في الواقع، كانت هذه السياسة الحكوميّة أحد الأسباب التي أدّت إلى تدهور الوضع الاقتصادي لأفراد المجتمع المقيم في المقام الأول.

لذلك حاول البريطانيون ــ خصوصًا في العقد الأخير من القرن التاسع عشر فصاعدًا ــ التعامل مع المسألة الأوراسيّة من خلال مجموعةٍ من التدابير الخاصّة بمكافحة الفقر. تم إطلاق لجان لدراسة الفقر، فقدّمت اقتراحاتٍ تتعلّق بإصلاح الإسكان، وتنظيم المساعدات الخيريّة، والتدريب التأهيلي والانضباط. وكانت أكثر هذه التدابير تطرّفًا تلك التي تشمل نقل وإعادة توطين، أو هجرة أفراد المجتمع المقيم على نطاق جماعي. وقد لاقت هذه المقاربة قبولًا؛ لأنّها أظهرت في النهاية أنّ مشكلة الفقر في المجتمع المقيم لن تُحلّ من دون اقتلاع أفراده من الأحياء الفقيرة التي يعيشون فيها[94].
ركز اهتمام المربّين، الخيريّين والمبشّرين بشكلٍ أساسي على الجيل الأصغر في المجتمع المقيم. وكان يُعدّ من الضروري بنحوٍ متزايد فصل الأطفال الأوراسيّين والأوروبيّين المقيمين عن آبائهم في سنٍّ مبكرة، وتربيتهم في عزلةٍ تامةٍ عن بقيّة المجتمع الاستعماري. لم يعد التعليم المدرسي التقليدي كافيًّا لتحويل الطابع الأخلاقي لهؤلاء الأطفال، الذي كان يُعتقد أنّه قد تشكّل من خلال تعرضهم اليومي لتأثيرات أفراد أسرهم، وخاصة الأم، التي كانت تُعدّ بشكلٍ لا رجعة فيه (منحطّة) بسبب إقامتها في المستعمرات والأحياء الفقيرة الحضريّة.
في الواقع، أصبحت إزالة الأطفال وهجرتهم تُعدّ تقريبًا الطريقة الوحيدة لحلّ ــ وليس فقط تخفيف ــ المسألة الأوراسية. وفي بداية القرن العشرين، جرى تطبيق هذه الفكرة فعليًّا من قبل مبشّرٍ إسكتلندي يُدعى جون غراهام[95]، من خلال مؤّسسة (منازل سانت أندرو الاستعماريّة)[96] التي أسّسها في كالمبونغ، في منطقةٍ جبليةٍ بالقرب من دارجيلنغ[97]. لا يعني هذا أنّ هذه المؤسّسة قد حلّت المشكلة فعليًّا؛ فعلى الرغم من أنّ الهجرة كانت الهدف النهائي لهذه المنازل، فإنّ الحقيقة هي أنّ عددًا قليلًا فقط من تلاميذها تمكّنوا من مغادرة الهند كأطفالٍ مهاجرين إلى المستعمرات التابعة للإمبراطوريّة البريطانيّة[98].

الإجرام الأبيض، العنصريّة، وردود الفعل القوميّة الهنديّة
لنواصل الآن مناقشة التناقضات الاستعماريّة للبياض وحدود السيطرة البريطانيّة الاستعماريّة من خلال التركيز على مسألة القانون والنظام. وفقًا للأيديولوجيّة الرسميّة، كان من المفترض أنْ يكون أفراد المجتمع الأوروبي في الهند غير مرئيين أو شفافين، ينشرون بصمتٍ ــ لكن بنحوٍ دائمٍ ــ قيمَ الحداثة الغربيّة المرغوبة، بما في ذلك سيادة القانون[99]. ومع ذلك، في الواقع، كان هذا التصوّر الذاتي يُنتهك بشكلٍ صارخٍ من خلال المطالب الصاخبة لبعض الفئات البيضاء الاستعماريّة للحصول على معاملةٍ استثنائيّة، وسلوكهم السيء الظاهر للعيان. بالنسبة للسلطات الاستعماريّة، لم تكن مشكلة البيض الفقراء تتعلّق فقط بمشهد تشرّدهم الفاضح. بل كانت هناك مشكلةٌ أخرى تنبع من وجودهم غير المنضبط، وهي إساءتهم المتكرّرة للرعايا الهنود، بما في ذلك الجرائم الجسديّة ذات الطبيعة الجنائيّة. ولم يكن هذا إلّا ليصبح مسألةً سياسيّةً كبيرةً، حيث لم يتوانَ الهنود عبر الصحافة المحليّة عن التعبير عن غضبهم تجاه هذه الجرائم – بما في ذلك السرقة، والاغتصاب، والقتل – التي ارتُكبت ضد شعبهم[100].

كانت مشكلة الإجرام الأبيض متجذرةً بعمق. لم يكن المنتقدون الهنود غاضبين فقط من السلوكيّات العنصريّة للمجرمين الأوروبيين، بل كان غضبهم يتفاقم بسبب حقيقة أنّ هؤلاء المجرمين نادرًا ما يُقدَّمون إلى العدالة، رغم التزام بريطانيا المزعوم بمبدأ المساواة أمام القانون. ومن بنتينك[101] إلى ليتون[102] وصولًا إلى ريپون[103]، عدّ الحكّام العامّون للهند أنّ سيادة القانون مكوّنًا أساسيًّا في الراج البريطاني. وبطبيعة الحال، عبّروا عن قلقهم ليس فقط من سلوك الأوروبيين السيء، بل أيضًا من النظام القانوني الاستعماري، الذي كان يُعدّ من قبل النخب الهنديّة تمييزيًا ومخالفًا لروح الحضارة الأوروبيّة. كانت المشكلة بالنسبة للحكومة أنّ المجتمع الأوروبي في الهند لم يكن موحّدًا بشأن مسألة القانون؛ فقد دافع العديد من أعضائه غير الرسميين بشدة عن امتيازاتهم، ووصفوا أيّ محاولاتٍ من الحكومة لمساواتهم بالرعايا الهنود بأنّها (قوانين سوداء)[104].
من بين أكثر المدافعين صخبًا عن الوضع فوق القانون للرعايا البريطانيّين الأوروبيّين كانوا المزارعين، الذين اشتهروا بممارسة العنف اليومي ضد العمّال الهنود الذين كانوا يوظفونهم. وقد كرهوا بشكلٍ خاصٍّ فكرة أنْ يكون الأوروبيّون تحت رئاسة قضاة هنود في المحاكمات الجنائيّة، وكانوا في طليعة الحملة المناهضة لما يُعرف بـ (قانون إيلبرت)[105] عام 1883 [106]. كان هذا القانون إجراءً ليبراليًّا اقترحه كورتني إيلبرت[107]، عضو قانوني في مجلس الحاكم العام للهند، بهدف إزالة القيود المفروضة على القضاة الهنود في القضايا الجنائية. في النهاية، استسلمت الحكومة لضغوط المعارضين للقانون، وخرج التشريع الفعلي بلا تأثيرٍ فعلي، متضمنًا شرطًا ينصّ على أنّه في الحالات التي يُحاكَم فيها أوروبي، يجب أنْ يتكون نصف هيئة المحلّفين على الأقلّ من الأوروبيّين.

سياسيًّا، كان وجود المزارعين غالبًا غير مرحّبٍ به في الأوساط الحاكمة. كانت مطالبهم العالية بحقوقٍ عرقيّةٍ خاصّة، وسلوكهم غير المتحضّر بما في ذلك إساءة معاملة الهنود، تتعارض مع المبادئ المعلَنة رسميًّا للحكم البريطاني. ومع ذلك، من الناحية الاقتصاديّة، كانت الإمبراطوريّة تستفيد من وجود المزارعين. أظهرت الجدل حول قانون إيلبرت أنّ الحكومة الاستعماريّة، في نهاية المطاف، كانت تتساهل، حتى لو لم تشجع، على الموقف العنصري الصريح لبعض فئات المجتمع الأوروبي. لكن هذا التساهل كان له ثمن؛ فقد أصبحت مسألة عدم المساواة القانونيّة أحد الأسباب الرئيسة لنشوء الحركة القوميّة الهنديّة في أواخر القرن التاسع عشر[108].
لكن مواقف الأوروبيين غير الرسميين لم تكن المشكلة الوحيدة فيما يتعلّق بمسألة التمييز العنصري. فقد لا يكون المسؤولون الأوروبيّون في الهند قد أبدوا صوتًا عاليًا حول حقوقهم وامتيازاتهم، مثل نظرائهم غير الرسميّين، لكنهم كانوا في موقعٍ يمكّنهم من الاستفادة من نوع العنصريّة التي ازدادت شعبيّتها خلال الحملة ضدّ قانون إيلبرت. ففي معارضتهم للقضاة الهنود، جادل معارضو القانون بأنّ المسؤولين الهنود – وخاصة الرجال البنغاليين المتعلمين بالإنجليزيّة – كانوا (أنثويين)، ممّا جعلهم، بحسب الادعاء، أقلّ شأنًا من المسؤولين البريطانيين، الذين يُعدّون وحدهم رجالًا حقيقيين، وبالتالي مناسبين للحكم[109].

عكست هذه العنصريّة الموجّهة جنسيًّا شعورًا متزايدًا بانعدام الأمان لدى البريطانيّين المستعمرين. ففي وقت الجدل حول قانون إيلبرت، برز عددٌ من الرجال الهنود من الطبقات العليا الذين تلقوا تعليمًا عاليًا، وأتقنوا أساليب الحياة الأوروبيّة لدرجة أنّهم أصبحوا يُعدّون تهديدًا لامتيازات المسؤولين البريطانيين التي لم تكن موضع تساؤلٍ سابقًا. فكلّما ازداد تأهيل الهنود المتعلّمين باللغة الإنجليزيّة، قلّت ثقة المسؤولين البريطانيين[110]. من المهم إدراك أنّ الأسطورة التي تُصوِّر الخدمة المدنيّة الهنديّة كالإطار الصلب للحكم البريطاني في الهند لا تعكس الحقيقة بالكامل؛ إذ لم يكن العديد من أعضائها من نخبة المجتمع الإنجليزي. فرغم المحاولات الإمبراطوريّة على مدى عقود لجذب خريجي أكسفورد وكامبريدج من العائلات الحاكمة في المجتمع الإنجليزي إلى الهند، كان أغلب المسؤولين في الهند من خلفيّات أكثر تواضعًا، بما في ذلك عدد كبير من الرجال الإسكتلنديين والويلزيين والأيرلنديين. وحتى الحرب العالميّة الأولى، ظلت الخدمة المدنيّة الهنديّة[111] – وهي الفرع العلوي والرئيسي للإدارة الاستعماريّة – بشكلٍ كبيرٍ «أوروبيّة». ولم يكن ذلك لأنّ الموظفين الأوروبيين كانوا أكثر كفاءة أو تأهيلًا، بل بسبب الترتيبات المؤسّسية التي منعت فعليًّا المرشحين الهنود المتميزين[112]. كان الهنود يرون ذلك تعبيرًا عن الموقف العنصري البريطاني تجاه الرعايا غير الأوروبيين في إمبراطوريتها. في الواقع، إلى جانب مسألة العنف الأبيض والإفلات من العقاب، كانت مسألة الخدمة العامّة سببًا رئيسًا آخر لظهور القوميّة الهنديّة في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر.


المصادر والمراجع
Blunt, Alison, Domicile and Diaspora: Anglo-Indian Women and the Spatial Politics of Home, Oxford: Blackwell, 2005.
J. May, Andrew, “Our miniature heaven: Forming identities at Dr Graham’s homes”, in: Viehbeck (ed.), Transcultural Encounters in the Himalayan Borderlands: Kalimpong as a ‘Contact Zone’, Heidelberg: Heidelberg University Publishing, 2017.
WrightAshley, “Maintaining the bar: Regulating European barmaids in colonial Calcutta and Rangoon”, Journal of Imperial and Commonwealth History, 45 (1), 2017.
Tambe, Ashwini, “The elusive ingénue: A transnational feminist analysis of European prostitution in colonial Bombay”, Gender and Society, 19 (2), 2005.
Bear, Lines of the Nation and Anjali G. Roy, ‘Performing Britishness in a railway colony: Production of Anglo-Indians as a railway caste’, in: Zarine L. Rocha and Farida Fozdar (eds.), Mixed Race in Asia: Past, Present and Future, London: Routledge, 2007.
Parry, Benita, Delusions and Discoveries: India in the British Imagination, London: Verso, 1998.
Cohen, Benjamin, In the Club: Associational Life in Colonial South Asia (Manchester: Manchester University Press, 2015).
Sinha, Mrinalini, “Britishness, clubbability, and the colonial public sphere: The genealogy of an imperial institution in colonial India”, Journal of British Studies, 40 (4), 2001.
Spangenberg, Bradford, “The problem of recruitment for the Indian Civil Service during the late nineteenth century”, JAS, 30 (2), 1971.
Hawes, Christopher J., Poor Relations: The Making of a Eurasian Community in British India, 1773–1833, Richmond: Curzon, 1996.
Century (Manchester: Manchester University Press, 1995), esp.
McMenamin, D., “Identifying domiciled Europeans in colonial India: Poor whites or privileged community?”, New Zealand Journal of Asian Studies, 3 (1), 2001.
Washbrook, David A, “Avatars of identity: The British community in India”, in: Robert Bickers (ed.), Settlers and Expatriates: Britons over the Seas, Oxford: OUP, 2010.
Ghosh, Durba, Sex and the Family in Colonial India: The Making of Empire, Cambridge: CUP, 2006.
Collingham, E.M, Imperial Bodies: The Physical Experience of the Raj, c.1800–1947, Cambridge: Polity Press, 2001.
Buettner, Elizabeth, Empire Families: Britons and Late Imperial India, New York: OUP, 2004.
Kolsky, Elizabeth, Colonial Justice in British India: White Violence and the Rule of Law, Cambridge: CUP, 2010.
Gowans, Georgina, “A passage from India: Geographies and experiences of repatriation, 1858–1939”, Social & Cultural Geography, 3 (4), 2002.
Prakash, Gyan, Another Reason: Science and the Imagination of Modern India, Princeton, NJ: Princeton University Press, 1999.
Arnold, David, Science, Technology and Medicine in Colonial India, Cambridge: CUP, 2000.
Fischer-Tiné, Harald, “White women degrading themselves to the lowest depths”: European networks of prostitution and colonial anxieties in British India and Ceylon ca.1880–1914, IESHR, 40 (2), 2003.
Fischer-Tiné, Harald, “Hierarchies of punishment in colonial India: European convicts and the racial dividend, c.1860–1890’, in: idem and Gehrmann, Empires and Boundaries.
Fischer-Tiné, Harald, Low and Licentious Europeans: Race, Class, and ‘White Subalternity’ in Colonial India, New Delhi: Orient Blackswan, 2009.
De, Sarmistha, Marginal Europeans inColonial India, 1860–1920, Kolkata: Thema, 2008.
History of Colonialism in South Asia, edited by Harald Fischer-Tiné and Maria Framke. New York: Routledge, 2022.
Sen, Indrani, “Colonial domesticities, contentious interactions: Ayahs, wet-nurses and memsahibs in colonial India”, Indian Journal of Gender Studies, 16 (3), 2009.
Sen, Indrani, Gendered Transactions: The White Woman in Colonial India, c.1820–1930, Manchester: Manchester University Press, 2017.
Intimate Historical Self (New York: Columbia University Press, 2007); Uther Charlton-Stevens, Anglo-Indians
McCabe, Jane, Race, Tea and Colonial Resettlement: Imperial Families, Interrupted, London: Bloomsbury, 2017.
Osterhammel, Jürgen, Colonialism: A Theoretical Overview, Princeton, NJ: Markus Wiener, 2005.
Kolsky, Elizabeth, Colonial Justice and Bailkin, Jordanna, “The boot and the spleen: When was murder possible in British India?”, Comparative Studies in Society and History, 48 (2), 2006.
Caplan, Lionel , Children of Colonialism: Anglo-Indians in a Postcolonial World, Oxford: Berg, 2001.
Bear, Laura, Lines of the Nation: Indian Railway Workers, Bureaucracy, and theIntimate Historical Self, New York: Columbia University Press, 2007.
Procida, Mary A, “Good sports and right sorts: Guns, gender, and imperialism in British India”, Journal of British Studies, 40 (4), 2001.
Minority Politics in South Asia: Race, Boundary.
Mizutani, Satoshi, “A Race Apart’? The European community in colonial India” In Routledge Handbook of the
Mizutani, Satoshi, The Meaning of White.
Harrison, Mark, Climates and Constitutions: Health, Race, Environment and British Imperialism in India, 1600–1850, New Delhi: OUP, 1999.
Sinha, Mrinalini, Colonial Masculinity: The ‘Manly Englishman’ and the ‘Effeminate Bengali’ in the Late Nineteenth
Sinha, Nitin and Nitin Varma (eds.), Servants’ Pasts, 18th–20th Centuries, vol. 2, New Delhi: Orient Blackswan, 2019.
Marshall, Peter J, “The whites of British India: A failed colonial society”, International History Review, 12 (1), 1990.
prostitution and colonial anxieties in British India and Ceylon ca.1880–1914’, IESHR, 40 (2), 2003.
R.M, George, “Homes in the empire, empire in the home”, Cultural Critique, 26, 1993.
Anderson, Valerie, Race and Power in British India: Anglo-Indians, Class and Identity in the Nineteenth Century, London: I.B. Tauris, 2015.
Renford, Raymond K., The Non-Official British in India to 1920, New Delhi: OUP, 1987 .
House of Commons, Report of the Select Committee on Colonization and Settlement (General) (London: House of Commons, 1859), iii.
Review of Education in India in 1886, Calcutta: Government of India, 1888.
Mizutani, Satoshi, “Contested boundaries of whiteness: Public service recruitment and the Eurasian and Anglo-Indian Association, 1876–1901”, in: Fischer-Tiné, Harald and Susanne Gehrmann (eds.), Empires and Boundaries: Rethinking Race, Class and Gender in Colonial Settings, London: Routledge, 2008.
Mizutani, Satoshi, The Meaning of White: Race, Class, and the Domiciled Community in British India, 1858–1930, Oxford: OUP, 2011.
Marks, Shula, “What is colonial about colonial medicine? And what has happened to imperialism and health?”, Social History of Medicine, 10 (2), 1997.
Harrison, Mark, “Science and the British Empire”, Isis, 96 (1), 2005.
Fischer-Tiné, Harald and Susanne Gehrmann (eds.), Empires and Boundaries: Rethinking Race, Class and Gender in Colonial Settings, London: Routledge, 2008
Roye, Susmita and Rajeshwar Mittapali (eds.), The Female Gaze: The British Raj and the Memsahib, Amherst: Cambria Press, 2013.
Arnold, D., The poison panics of British India’, in: Harald Fischer-Tiné (ed.), Anxieties, Fear and Panic in Colonial Settings: Empires on the Verge of a Nervous Breakdown, New York: Palgrave Macmillan, 2016.
Metcalf, Thomas, Ideologies of the Raj, Cambridge: CUP, 1995.
Glover, William J., “A feeling of absence from old England”: The colonial bungalow, home cultures, Home Cultures, 1 (1), 2004.
Metcalf, Thomas, The Aftermath of Revolt: India, 1857–1870, Princeton, NJ: Princeton University
Nechtman, Tillman W, Nabobs: Empire and Identity in Eighteenth-Century Britain, Cambridge: CUP, 2010.
Moor, W.J., Health in the Tropics; or, Sanitary Art Applied to Europeans in India, London: Medicina Literis, 1862.
Waltraud, Ernst, “Idioms of madness and colonial boundaries: The case of the European and “native” mentally ill in early nineteenth-century British India”, Comparative Studies in Society and History, 39 (1), 1997.
Spodek, Howard, ‘City planning in India under British rule’, EPW, 48 (4), 2013.
Anon., «Colonisation of India», The Calcutta Review, 30, 1858,


---------------------------------
[1]. ساتوشي ميزوتاني (Satoshi Mizutani)، هو أستاذ في كلية الدراسات العالمية والإقليمية في جامعة دوشيشا (Doshisha University) في كيوتو، اليابان
Mizutani, Satoshi. “‘A Race Apart’? The European community in colonial India” In Routledge Handbook of the
History of Colonialism in South Asia, edited by Harald Fischer-Tiné and Maria Framke. New York: Routledge, 2022.
ترجمة: فريق المركز
[2]. a race apart
[3]. Ann Laura Stoler
[4]. poor whites
[5]. Marks, «What is colonial about colonial medicine? And what has happened to imperialism and health?», 205–19; Harrison, «Science and the British Empire», 56–63.
[6]. David Arnold
[7]. Waltraud Ernst
[8]. Kenneth Ballhatchet
[9]. للحصول على نظرات نقدية حول العلم في الهند البريطانية، يُنصح بمراجعة
Prakash, Another Reason: Science and the Imagination of Modern India (Princeton, NJ: Princeton University Press, 1999); and Arnold, Science, Technology and Medicine in Colonial India, Cambridge: CUP, 2000.
[10]. Sex and the Family in Colonial India
[11]. Durba Ghosh
[12]. Ghosh, Sex and the Family in Colonial India: The Making of Empire, Cambridge: CUP, 2006.
[13]. Children of Colonialism
[14]. Lionel Caplan
[15]. Lines of the Nation
[16]. Laura Bear
[17]. Anglo-Indians and Minority Politics in South Asia
[18]. Uther Charlton-Stevens
[19]. Eurasians
[20]. Anglo-Indians
[21]. Caplan, Children of Colonialism: Anglo-Indians in a Postcolonial World, Oxford: Berg, 2001; Bear, Lines of the Nation: Indian Railway Workers, Bureaucracy, and the Intimate Historical Self, New York: Columbia University Press, 2007; Uther Charlton-Stevens, Anglo-Indians and Minority Politics in South Asia: Race, Boundary Making and Communal Nationalism, Abingdon: Routledge, 2017.
[22]. Elizabeth Collingham
[23]. Imperial Bodies
[24]. Empire Families
[25]. Elizabeth Buettner
[26]. Collingham, Imperial Bodies: The Physical Experience of the Raj, c.1800–1947, Cambridge: Polity Press, 2001; Buettner, Empire Families: Britons and Late Imperial India, New York: OUP, 2004.
[27]. Elizabeth Kolsky
[28]. Colonial Justice in British India
[29]. Kolsky, Colonial Justice in British India: White Violence and the Rule of Law, Cambridge: CUP, 2010.
[30]. Harald Fischer-Tiné
[31]. Low and Licentious Europeans
[32]. white subalternity
[33]. Fischer-Tiné, Low and Licentious Europeans: Race, Class, and ‘White Subalternity’ in Colonial India, New Delhi: Orient Blackswan, 2009; similar ground is covered in Sarmistha De, Marginal Europeans in Colonial India, 1860–1920, Kolkata: Thema, 2008.
[34]. The Meaning of White
[35]. domiciled Europeans
[36]. Mizutani, The Meaning of White: Race, Class, and the Domiciled Community in British India, 1858–1930, Oxford: OUP, 2011.
[37]. للاطلاع على مناقشة حول هذه الأنواع المختلفة من الأنظمة الاستعماريّة، يُنصح بمراجعة:
Osterhammel, Colonialism: A Theoretical Overview, 10–12.
[38]. The Select Committee on Colonization and Settlement
[39]. House of Commons, Report of the Select Committee on Colonization and Settlement (General), iii.
[40]. Mizutani, The Meaning of White, 18–23.
[41]. للحصول على دراسةٍ تاريخيةٍ مفصلةٍ عن النادي في الهند البريطانيّة، انظر:
Cohen, In the Club: Associational Life in Colonial South Asia, Sinha, «Britishness, clubbability, and the colonial public sphere: The genealogy of an imperial institution in colonial India», 489–521; and Procida, «Good sports and right sorts: Guns, gender, and imperialism in British India», 454–88.
[42]. civil lines
[43]. Collingham, Imperial Bodies, 165.

انظر أيضًا:
Spodek, «City planning in India under British rule», 53–61.
انظر أيضًا الفصل الذي كتبته سواتي تشاتوباديايا (Swati Chattopadhyaya) في هذا الكتاب.
[44]. bungalow
[45]. Metcalf, Ideologies of the Raj, 177–8؛ See also: Glover, “A feeling of absence from old England»: The colonial bungalow, home cultures, 61–82.
[46]. memsahibs
[47]. Washbrook, «Avatars of identity: The British community in India», 178–204, 180.
انظر أيضًا:
Marshall, «The whites of British India: A failed colonial society», 2–44.
[48]. Sen, Gendered Transactions: The White Woman in Colonial India, c.1820–1930, 115–17.
انظر أيضًا:
Roye and Mittapali (eds.), The Female Gaze: The British Raj and the Memsahib, Amherst: Cambria Press, 2013.
[49]. انظر:
George, «Homes in the empire, empire in the home», 95–127, esp. 107–15.
[50]. Parry, Delusions and Discoveries: India in the British Imagination85.
[51]. hill stations
[52]. لتحليل شامل لمحطات التلال الاستعماريّة، يُنصح بمراجعة الفصل الذي كتبته نانديني باتاشاريا (Nandini Bhattacharya) في هذا الكتاب.
[53]. Metcalf, Ideologies of the Raj, 177.
كما أظهر ديفيد أرنولد (David Arnold) مؤخرًا، فإن هذه المخاوف المتفرقة تحولت أحيانًا إلى مخاوف ملموسة لدى المزارعين والمستوطنين الأوروبيين من احتمال تعرضهم للتسمم من قبل خدمهم الهنود. يمكن الاطلاع على التفاصيل في دراسته:
Arnold, «The poison panics of British India», in: Fischer-Tiné (ed.), Anxieties, Fear and Panic in Colonial Settings: Empires on the Verge of a Nervous Breakdown, 49–72.
[54]. degeneration
[55]. metropole
[56]. colonizing ‘self’
[57]. The Calcutta Review
[58]. Anon, «Colonisation of India», The Calcutta Review, 163–88, 181.
[59]. Health in the Tropics
[60]. Moor, Health in the Tropics; or, Sanitary Art Applied to Europeans in India, 280.
[61]. انتشار هذه الأيديولوجية في تلك الفترة لا يعني أن ظاهرة الاختلاط العرقي قد توقفت بالفعل. تُظهر الأبحاث الحديثة التي أجرتها فاليري أندرسون (Valerie Anderson) أن العلاقات الزوجية بين الأوروبيين (خصوصًا من الطبقة الدنيا) وغير الأوروبيين (الهنود والأوراسيين) كانت شائعة. انظر كتابها:
Anderson, Race and Power in British India: Anglo-Indians, Class and Identity in the Nineteenth Century, 73–90.
[62]. Lamarckian
[63]. evolution theory
[64]. Buettner, Empire Families, 32.
[65]. acclimatise
[66]. Mizutani, The Meaning of White, 29–30. See also: Harrison, Climates and Constitutions: Health, Race, Environment and British Imperialism in India, 1600–1850, New Delhi: OUP, 1999.
[67]. George Yeates Hunter
[68]. Health in India
[69]. Quoted in ibid., 26.
[70]. بحلول أواخر القرن الثامن عشر، كانت الهند تُتصوَّر بشكل واسع في بريطانيا كأرض غريبة تُفسد الأوروبيين ثقافيًا وأخلاقيًا، كما يظهر في الخطاب الإمبراطوري حول «النابوب» (nabob). انظر:
Nechtman, Nabobs: Empire and Identity in Eighteenth-Century Britain, ambridge: CUP, 2010.
[71]. انظر أيضًا:
Gowans, «A passage from India: Geographies and experiences of repatriation, 1858–1939», 403–23.
[72]. ayahs
[73]. dais
[74]. Buettner, Empire Families, 38–9.
حول الخدم المنزليين الهنود، انظر أيضًا:
Sen, «Colonial domesticities, contentious interactions: Ayahs, wet-nurses and memsahibs in colonial India», 299–328; and: Sinha and Varma (eds.), Servants’ Pasts, 18th–20th Centuries, vol. 2, New Delhi: Orient Blackswan, 2019.
[75]. hill schools
[76]. Mizutani, The Meaning of White, 43–5.
[77]. يعتمد هذا القسم إلى حد كبير على كتابي «معنى البياض» (Meaning of White)، وخاصة الفصول من 2 إلى 5.
[78]. Metcalf, The Aftermath of Revolt: India, 1857–1870, 297.
[79]. Wright, «Maintaining the bar: Regulating European barmaids in colonial Calcutta and Rangoon», 22–45.
[80]. للاطلاع على موضوع البغايا الأوروبيات، يُنصح بمراجعة:
Fischer-Tiné, “White women degrading themselves to the lowest depths”: European networks of prostitution and colonial anxieties in British India and Ceylon ca.1880–1914, 163–90; and: Tambe, «The elusive ingénue: A transnational feminist analysis of European prostitution in colonial Bombay», 160–79.
[81]. European Vagrancy Acts
[82]. Fischer-Tiné, Low and Licentious Europeans: Race, Class, and ‘White Subalternity’ in Colonial India, 163–6.
[83]. domiciled Europeans
[84]. Eurasians
[85]. للتعرف على التشكيل التاريخي للمجتمع الأوراسي في الفترة المبكرة من الحكم البريطاني، يُنصح بمراجعة:
Hawes, Poor Relations: The Making of a Eurasian Community in British India, 1773–1833, Richmond: Curzon, 1996.
[86]. domiciled community
[87]. للاطلاع على وجهة النظر حول الأوروبيين المقيمين كمجموعة مميزة، يُنصح بمراجعة:
McMenamin, «Identifying domiciled Europeans in colonial India: Poor whites or privileged community?», 106–27.
[88]. لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، انظر:
Mizutani, The Meaning of White, 72.
[89]. هذا لا يعني أنّه لم يكن هناك أفراد بارزون أو محترمون. انظر:
Carlton-Stevens, Anglo-Indians and Minority Politics in South Asia.
يجب ملاحظة أنّ قسمًا من المجتمع المقيم كان لديهم وظائف مستقرة في خدمة السكك الحديدية. انظر:
Bear, Lines of the Nation; and G. Roy, ‘Performing Britishness in a railway colony: Production of Anglo-Indians as a railway caste’, in: Rocha and Fozdar (eds.), Mixed Race in Asia: Past, Present and Future, 195–210.
[90]. Eurasian and Anglo-Indian Association
[91]. Mizutani, The Meaning of White, 181–218.
[92]. مقتبس من:
Review of Education in India in 1886, 294.
[93]. Eurasian question
[94]. لمزيد من المعلومات حول خطط إعادة التوطين، انظر:
Blunt, Domicile and Diaspora: Anglo-Indian Women and the Spatial Politics of Home, Oxford: Blackwell, 2005.
[95]. John Graham
[96]. St Andrew’s Colonial Homes
[97]. J. May, «Our miniature heaven: Forming identities at Dr Graham’s homes», in: Viehbeck (ed.), Transcultural Encounters in the Himalayan Borderlands: Kalimpong as a ‘Contact Zone’, 55–70.
[98]. Mizutani, The Meaning of White, 137–80.
حول تجربة الأطفال الذين هاجروا بالفعل، انظر، على سبيل المثال:
McCabe, Race, Tea and Colonial Resettlement: Imperial Families, Interrupted, London: Bloomsbury, 2017.
[99]. rule of law
[100]. Fischer-Tiné, Low and Licentious Europeans: Race, Class, and ‘White Subalternity’ in Colonial India, 145; Kolsky, Colonial Justice n British India: White Violence and the Rule of Law, 199.
[101]. Bentinck
[102]. Lytton
[103]. Ripon
[104]. Black Acts
[105]. Ilbert Bill
[106]. Renford, The Non-Official British in India to 1920, 202–69.
انظر أيضًا:
Mizutani, «Contested boundaries of whiteness: Public service recruitment and the Eurasian and Anglo-Indian Association, 1876–1901», in: Fischer-Tiné and Gehrmann (eds.), Empires and Boundaries: Rethinking Race, Class and Gender in Colonial Settings, 86–106.
[107]. Courtney Ilbert
[108]. لمزيد من المعلومات حول جميع النقاط التي نوقشت هنا حول العلاقة بين القانون والعنف والأوروبيين، يُنصح بمراجعة:
Kolsky, Colonial Justice; and Bailkin, «The boot and the spleen: When was murder possible in British India?», 462–93.
[109]. تمت ملاحظة مسألة عدم المساواة العرقيّة أيضًا في السجون، حيث كان يتم التعامل مع المدانين الأوروبيين بمعاملة خاصة فيما يتعلق بالعقاب. انظر:
Fischer-Tiné, «Hierarchies of punishment in colonial India: European convicts and the racial dividend, c.1860–1890», in: idem and Gehrmann, Empires and Boundaries, 41–65.
لم تكن السجون المؤسسة الاستعماريّة الوحيدة التي تم فيها تطبيق أشكال مختلفة من المعاملة حسب العرق. ففي المصحات العقلية، تم تخصيص ترتيبات مؤسسية للنزلاء الأوروبيين تراعي حساسياتهم الاجتماعيّة والثقافية، في حين أن الترتيبات للنزلاء الهنود شملت خلط المرضى من الطبقات الدنيا، بغض النظر عن جنسهم أو طبقتهم الاجتماعيّة أو جنسهم. انظر:
Ernst, «Idioms of madness and colonial boundaries: The case of the European and “native” mentally ill in early nineteenth-century British India», 159–60, 163.
[110]. حول هذه النقاط المتعلقة بالعنصرية القائمة على النوع ومسألة الخدمة العامة، يُنصح بمراجعة:
Sinha, Colonial Masculinity: The ‘Manly Englishman’ and the ‘Effeminate Bengali’ in the Late Nineteenth
Century (Manchester: Manchester University Press, 1995), esp. 33–68, 100–37.
[111]. Indian Civil Service
[112]. حول هذه النقاط المتعلقة بالخدمة المدنية الهنديّة، يُنصح بمراجعة:
Spangenberg, «The problem of recruitment for the Indian Civil Service during the late nineteenth century», 341–60.