البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الدبلوماسية الروحية والمخطط الإبراهيمي المشروع الاستعماري الجديد

الباحث :  د.هبة جمال الدين
اسم المجلة :  الاستعمار
العدد :  1
السنة :  2024م
تاريخ إضافة البحث :  November / 2 / 2024
عدد زيارات البحث :  85
تحميل  ( 1.451 MB )
الملخص
تناقش هذه الورقة قضية الدبلوماسية الروحية وتوظيفها كمدخلٍ لمخطّطٍ استعماريّ جديدٍ في المنطقة؛ ليتم توظيفها لتغيير النظرة السياسية للأديان كمصدرٍ للصراع والحلّ في الوقت ذاته، عبر صهر المشترك الديني وصولًا إلى هويةٍ إبراهيميّةٍ جديدةٍ عبر الدين والسياحة والثقافة الداعمة لمفهوم الأسرة والأخوة الإبراهيمية، لتحقيق السلام الديني العالمي، غايته الحقيقيّة إيجاد بيئةٍ فكريّةٍ ونفسيّةٍ للقبول بالمستعمر تحت ستارٍ دينيّ داخل مشروعٍ سياسيّ استعماريّ، يكفل الهيمنة والسيادة والتحكم المركزي للصهيونية اليهوديّة المدعومة من الصهيونيّة المسيحية العالمية.
في هذا المضمار، ستحاول الورقة البحث في اشتقاق الدبلوماسية الروحية وما يسمّى بالإبراهيمية كمخطّطٍ استعماريّ بأدواتٍ دينيّةٍ جديد؟ في هذا الإطار سيتم البحث في تساؤلات فرعية تتمثل في ماهية مفهوم الدبلوماسية الروحية ومرتكزات المفهوم، وهل ترتبط الإبراهيمية بوصفها نعتًا للأديان السماوية بمصطلح الدبلوماسية الروحية، وما الهوية الإبراهيمية المطروحة؟ وكيف يمكن ترجمتها؟ وما الغاية الأساسية لها؟ وهل شهدت مشروعات سياسية على الأرض منفذّة أو مطروحة تطبيقًا للمفهوم؟ وكيف يمكن عدّها مشروعًا استعماريًّا ذا مسحةٍ دينية. وتنقسم بدورها إلى قسمين، الأول يناقش مفهوم الدبلوماسية الروحية وإرهاصات ظهوره والمرتكزات المفاهيمية له، والثاني يطرح مفهوم الهوية الإبراهيمية كمرتكزٍ مهمٍّ للدبلوماسية الروحية، ومشروعات الاستعمار الجديد، وما يحمله من مشروعاتٍ سياسيةٍ على الأرض.

الكلمات المفتاحية: المخطّط الإبراهيميّ، الاستعمار الجديد، معركة هرمجدون، الدبلوماسية الروحية، مسار إبراهيم، الولايات المتحدة الإبراهيمية.

مقدمة وتأصيل نظري للمفهوم:
أضحى الدين حاضرًا في خطابات الساسة في الإدارة الأمريكية الجمهورية والديموقراطية في عهدي ترامب وبايدن على التوالي كمدخلٍ للاستعمار الجديد ذي المسحة الدينية؛ للوصول لمعركة هرمجدون كغاية التاريخ كغاية تدعمها الصهيونية المسيحية؛ فنجد وزير الخارجية الجمهوري بومبيو في 19 يناير 2019 يعرف نفسه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالمسيحي من الكنيسة الإنجيلية، ويخاطب الجمهور قائلا «نحن جميعًا أبناء إبراهيم: مسيحيون، مسلمون، ويهود. في مكتبي، أحتفظ بالكتاب المقدس على مكتبي مفتوحا ليذكرني بالله وكلمته، وبالحقيقة»[2]، كذلك الحال بشأن الرئيس بايدن الديموقراطي يستخدم الإنجيل في كلماته المتكررة، ويقتبس نصوصه في خطاباته، كما حدث في إفطار الصلاة الوطني حيث خاطب الشعب الأمريكي بالآتي: «الإيمان يمكن أنْ يجمع البلاد معًا في وقتٍ مظلم» [3]. ممّا يثر إشكاليةً كبيرةً حول اهتمام الساسة في الإدارة الأمريكية بالدين على الرغم من المعتاد عليه في السياسة الدولية منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، وإبعاد الدين عن مجريات السياسة الدولية. ولكننا الآن أصبحنا نرى تطوّرًا جديدًا يطرح تساؤلًا مهمًّا:

«هل يمكن عدُّ استخدام تلك الإشارات تطورًا في السياسة الخارجية الأمريكية؟ هل الأمر محض الصدفة أم أنّه مؤشرٌ على إعادة استخدام الدين وتوظيفه في السياسة الدولية كحاكم في العلاقات بين الدول؟».
إنّ استحضار الدين في الخطابات السياسيّة يزيل الستار عن ظهور اتجاهٍ بين الساسة بالولايات المتّحدة الأمريكيّة توظّف فيه العبارات الدينية خلال الأحاديث والتصريحات[4]. فقد أخذ العديد من السياسيين الأمريكان يدللون على أهمية الدين في صنع السياسة الخارجية في الوقت الراهن؛ من بينهم مادلين أولبرايت – وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأسبق - التي ترى أن وجود «عالم من دون دينٍ أمر غير مناسب، فهو الجحيم بعينه، بل إنّ على الدبلوماسيين الأمريكان أنْ يفكّروا بشكلٍ أوسع حول دور الدين في السياسة الخارجية، وبالتبعية في اختيار الخبراء المعاونين لهم؛ فيجب أن يطوّروا قدرتهم للتعرّف على الكيفية التي تمكّن المبادئ الدينية من المساهمة في خلق الصراع، والتوقيت الذي يمكنها من أنْ تطفئ نار الحرب. ويجب أيضًا أنْ يعيدوا توجيه مؤسّسات السياسة الخارجية ليأخذوا تمامًا في الاعتبار القوة الهائلة للدين في التأثير على كيفية تفكير الشعوب، وطريقة شعورهم وتصرّفهم. فالدوافع الدينية لا تختفي بسهولةٍ؛ فأغلبها تكون مختبئةً وتظهر في اللحظة المناسبة. فعلى صنّاع القرار في أمريكا أنْ يتعلّموا جيدًا أكبر قدرٍ ممكنٍ عن الدين، بل ويضمّنوا هذه المعرفة في أطار استراتيجيتهم. حتى إن برين هيهر وصف ذلك التحدي بجراحة المخ التي تعدّ مهمةً وحتميةً، وخطرةً جدًّا في الوقت ذاته إذا حدث فيها خطأ خلال إجرائها» [5].

ومثّل هذا التوجّه طفرةً جديدةً في النظر دور الدين في حلّ النزاعات في العلاقات الدولية. فهو ليس محرّكًا للنزاع فقط، وإنّما مصدرٌ للحلّ في الوقت ذاته، وهذا خلاف النظرة السائدة للدين بوصفه سببًا للصراعات القائمة في العالم، التي عبّر عنها بوضوح صموئيل هنتنغتون في نظرية (صراع الحضارات)، إنّ الهويات الدينية والثقافية للأشخاص ستكون المصدر الرئيس للنزاع في عالم ما بعد الحرب الباردة [6]، وأبرز نموذجٍ ذلك الصراع العربي الإسرائيلي[7]. فبدأ الباحثون خاصة في الخبرة الأمريكية بتغيير النظر للدين، فكتب عالم اللاهوت انز كوانج الابور حول تناقض السلام والعنف في الأديان العالمية، مؤكّدًا على قوة الجماعات الدينية في تعزيز السلام. حيث عدّ ذلك مدخلًا جديدًا للنظر للدين كنافذةٍ للحلّ بوصفه بوتقةً يمكنها أنْ تصهر المختلف بين الأديان التي تجمع المشترك الديني معًا، وتنحي الخلافات جانبًا لتحقيق السلام العالمي، الذي تحدثت عنه النظرية المثالية لأرنولد توينبي في بداية عشرينات القرن الماضي، وباسيل ماثيوز في كتابه بعنوان (مسار الاسلام الفتيّ: دراسة في صدام الحضارات)، تبعه المستشرق برنارد لويس في كتابه (ثقافات في صراع) عام1993 .

ولم تكن نظرية نهاية عجلة التاريخ وسيادة النموذج الأمريكي بمنأى عن تناول الدين، فقد حدثت مراجعاتٌ فكرية قدّمها رائد هذه النظرية فرنسيس فوكو ياما، إذ رأى أنّ حكم القانون وتطبيق الديموقراطية لن يتأتى إلّا بالبحث عن مصدر للقواعد الاجتماعية غير الثابتة التي تتجسد في القيم الأخلاقية المشتركة بين أفراد المجتمع، وهذا يتجسّد في الدين. فالمكان المناسب لتحقيق هذا الغرض هو دراسة الدين، وخصّ الأديان السماوية وسمّاها بالأديان التي حدّدت مجتمعات ما قبل العصر الحديث، مثل إسرائيل القديمة (وفقًا لوصف فوكوياما)، وأوروبا في العصور الوسطى، والعالم الإسلامي في وقت مبكر. فالقواعد الدينية هي الضمان والمحكّ الحاكم للمؤمنين، بوصفها مستمدةً من السلطة الإلهية، ومن ثم تتسم بالالتزام؛ فطاعتها أمرٌ واجبٌ بما في ذلك السيادة والسلطة السياسية التي يعدّها المجتمع والحكّام مستمدةً من الإله. فالحاكم هو بمنزلة نائبٍ له على الأرض. ويؤكد أنّ قبول المجتمعات الدينية لسيادة القانون أمرٌ طبيعي؛ فهي أكثر قبولًا له من غيرها من المجتمعات التي تدين بدياناتٍ أخرى محدودةٍ بنطاقٍ جغرافي كما هو الحال بالصين.

فالمجتمعات الدينية القديمة كان احترامها موجّه أوّلًا للكتب المقدسة، ودور العبادة، وتشترك جميعها في الزي كقواعد مشتركةٍ بين الأديان، ترمز للعدالة المشتركة، وكلّ مجتمع دينيّ (الإسلامي، الإسرائيلي، الروماني المسيحي)، يعترف صراحة بوجوب العيش بموجب القانون المحدّد دينيًا[8].
من هنا يمكن القول إنّ فوكوياما نظر للأديان الثلاثة بوصفها مدخلًا لسيادة النموذج الديموقراطي الغربي وحكم القانون المصاحب له، بل إنّه تحدّث عن المشترك الديني كمطيّةٍ للوصول إلى نهاية التاريخ التي تتم عبر الهيمنة الغربية. ممّا مثّل مدخلًا مهمًّا عند الحديث عن الدبلوماسية الروحية.
ويفسّر العديد من المحلّلين اهتمام الولايات المتحدة بالدين بسيطرة الصهيونية المسيحية على الساسة في الولايات المتحدة، التي تؤمن بفكرة العودة الأصولية المتجدّدة للجذور كأساسٍ لحركة التاريخ بالعالم. تعدّ مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها هـي: تـدبير وتهيئـة كـلّ الأُمور التي من الممكن أنْ تعجّل عودة المسيح إلى الأرض، ومن الـسيطرة علـى العـالم، ومن ثم فتعدّ ما يُنجز داخل الساحة السياسية الدولية تكليفًا إلهيًّا؛ وبذلك أضحى الدين مدخلًا لتفسير الدور الأمريكي في العالم؛ بوصفه محرّكًا ومبررًا ومفسّرًا[9]. وهذا ما وصفه كلٌّ من أنطونيو سبادارو، والقس مارسيلو فيغيروا، بأنّه تحالف الكاثوليك المحافظين والإنجيليين حول برنامج سياسي صريح، ويضربون المثل مثال بـ (جون مور)، الذي يعد ّمن أبرز الزعماء الإنجيليين الذين يدعمون وينصحون ترامب[10].

وبدأت بعض المؤسّسات البحثية بالولايات المتحدة بإعادة قراءة السياسة الخارجية الأمريكية من منظورٍ ديني؛ عبر إعادة قراءة النصوص وربطها بالأحداث السياسية بوصفها المحرّك لسلوك الساسة بالولايات المتحدة، ويأتي في مقدمة هذه المنظمات مؤسسة (مجتمع المؤرّخين للسياسة الخارجية الأمريكية)، ومن أشهر باحثيها Andrew J. Rotter، الذي قدّم تفسيرًا من الكتاب المقدّس لقرارات الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ إنشائها، فعلى سبيل المثال عدّ قضية ضمّ الفلبين عام 1899 م نتيجة إرشادٍ إلهيّ حظي به الرئيس الأمريكي ويليم ماكينلي؛ فقد جاءه صوتٌ ليخبره لينطلق، فاكتشف بأنّ قضية الضمّ قضيةٌ سماويةٌ لا تردّد فيها، وذهب إلى ما هو أبعد حيث عدّ روتر أنّ قرار إلقاء الولايات المتحدة القنبلة علي هيروشيما خلال حرب الولايات المتحدة ضدّ إلمانيا 1917 م، ترجمةً لنظرة ويلسون إلى الحرب من منظور قصة التضحية التي استبدل فيها الرب التضحية والطاعة بالبركة والحماية للمسيحين؛ فجاء قرار اتّخاذه للحرب داخل الكونجرس في إطار ما سمّاه (الاعلان المقدّس)، فالتضحية من أجل طاعة أوامر الله استرشادًا بقصة سيدنا إبراهيم خلال التضحية بابنه، وذكر روتر بأنّ هذا التفسير هو ما وصفته الكنيسة بأمريكا بـ(الفكر المسيحي بالعالم العلماني). ويدلل على استخدام الدين في تصريحات عددٍ من القادة خلاف ويلسون كالرئيس فرانكلين روزفيلت، فقد صرّح أنّه يمثّل دائمًا شيئين؛ الفكر الديموقراطي، والدين المسيحي. ووصف دالس – وزير خارجية أمريكا الأسبق - الحرب الباردة بالمنافسة الدينية بين الإيمان والإلحاد، ولم يفته الإشارة إلى تصريح الرئيس بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر بأنّها حربٌ صليبية، رغم اعتذاره عن هذا الوصف لاحقًا [11].

ويأتي طرح روتر متوافقًا مع ظهور اتّجاهٍ جديدٍ يطرح مدخلًا دينيًا لتفسير الأحداث السياسية، وينتقد التفسير العلماني لها، إذ يقدّم كلٌّ من Scott W. Hahn & Benjamin Wiker مقاربةً جديدةً يسمّونها بــ (تسيس الكتاب المقدّس Politicizing Bible)، يقرّران فيها أنّ الكتاب المقدّس يقدم تفسيرًا يوميًّا للسلوك والصراع على السلطة، ويبرر التحالفات السريّة للمفكّرين الذين تجمعوا معًا لتحقيق أهداف الرب ضدّ الأولويات الروحية للكنيسة، حيث ينظر هذا الطرح إلى ما هو أبعد من ادّعاء الحياد والموضوعية في الدراسات العلمانية، ويقدّم ربطًا بين الأحداث السياسية ونصوص الكتاب المقدّس؛ عبر تتبع المشاريع والكتابات السياسية والتشكيك في القضايا التي تعدّها مدارس اللاهوت من المُسلَّمات[12].
في هذا الصدد، يعدّ روتر أنّ مسيرة السياسة الخارجية الأمريكية تعكس إيمان الساسة بالدولة؛ فهي الغاية من حياة المسيح التي تجسّدت في تعليم البشر، ومعاناته من أجل إنقاذ البشرية. ومهمّة أمريكا تتمثّل في الإدراك العالمي للرسالة؛ لذلك فصناّع القرار الأمريكان عبر السنين قاموا بحفر السرد القصصي للمسيحية داخل الخرائط الذهنية لعقولهم، وحاولوا نقله إلى خرائط العالم، وهذا ما قاموا به خلال إدراكهم وتنفيذهم للسياسة الخارجية الامريكية. ويؤكّد أيضًا أنّ صنّاع القرار بالولايات المتحّدة لا يستطيعون الفصل بين معتقداتهم وإيمانهم وبين آرائهم العملية ومهامهم العلمانية، فنظرتهم الدينية للعالم تظهر خلال كتابتهم للمذكرات فما يسمعونه بالكنائس يوم الأحد تظهر في قراراتهم يوم الاثنين خلال اليوم. وظهر ذلك في أداء الرجال والنساء الذين مارسوا السياسة الخارجية الأمريكية. ويرى أنّ هناك طريقتين لمتابعة تأثير العهد القديم على قرارات السياسة الخارجية الأمريكية (وفقًا لرأي الكاتب)[13]:

أخذ اللغة على محمل الجد. حينما يتم استعمال مجازات من الأنجيل، أو يتم الاشارة إلى القصص الواردة في الكتاب المقدّس
السماح بنحوٍ مقيّد بالموافقة على عبارة أن (افتراض كون الأشخاص المتدينين ينظرون إلى لعالم من منظور الدين، وحينما يتم مواجهتهم بمواقف شبيهة تناولها الكتاب المقدّس سيقومون بالاستجابة وفقًا لهذا المنظور، والنهج الذي تناوله الإنجيل)، كما يتذكرون ويؤمنون، أو وفقًا لاستيعابهم للنصّ. فحينما يعدّ الساسة السياسة الخارجية كياناتٍ دينيةً سينظّرون للقرارات السياسية، بأنّ الآباء الأوائل قد واجهوا مثل هذه المواقف واختاروا قراراتٍ محددةً لها انبعاثاتٍ دينيةٍ واردةٍ بالكتاب المقدس [14].
وفي هذا السياق، وترجمة لاهتمام الأدارات الأمريكية المتعاقبة بالدين عقب انتهاء الحرب الباردة جاءت قضية حوار الأديان للظهور كأحدى القضايا المهمة في أجندة السياسة الخارجية، بوصفها وسيلةً لتصدير الاهتمام للعالم الخارجي، وكمصطلح يُشير إلى التفاعل، والبناء والإيجابي بين الناس من تقاليد دينيّةٍ مختلفة، ومعتقداتٍ روحيّة، وإنسانيّة سواء أكان ذلك على مستوى الفرديّة، أم المؤسسيّة، إذ يتم في هذا الحوار تعزيز التفاهم بين الأديان أو المعتقدات المختلفة لزيادة قبول الآخر[15].

في هذا السياق، تم تنظيم سلسلةٍ من المؤتمرات التي شغلت العديد من الساسة والمحلّلين، وجاء الاهتمام بها لعددٍ من المبررات؛ من أبرزها سعي بعض الدول إلى نشر وترويج معتقداتها الدينية والقيمية، أو احتواء التوجهات الدينية لبعض الدول والتنظيمات التي ترى فيها تحدّيًا لمنظومتها القيمية، أو الرغبة في تحسين صورتها والتصدّي للاتهامات التي توجّه لها بدعم الإرهاب والفكر المتطرّف. وفي إطار تسيس قضية حوار الاديان تم النظر إليها من منطلق إدارة الصراعات الدولية؛ ففي عام 2001 م، نظّمت الأمم المتحدة تقريرًا بعنوان (تجاوز الانقسام وحوار الحضارات)، وتوصلت إلى دور حوار الأديان في ترسيخ التعاون الإقليمي، وخلق مشتركٍ بين الدول التي تختلف في سياستها الوطنية التي تعلي من مصلحتها القومية على أية اعتباراتٍ أخرى. من منطلق أنّ حوار الأديان يمكن أنْ يقلّل من تكلفة إدارة الصراعات، ويزيد من الجوانب الإيجابية الكامنة؛ لأنّه سيشمل البني التحتية في المجتمعات الوطنية كمؤثرٍ على الساسة عبر التواصل مع الرأي العام العالمي، ويزداد المردود إذا كان للبعد الديني دورٌ في نشأة الصراع [16] .

وكان مدخل حوار الأديان بوابةً لتطوير مصطلح الدبلوماسية الروحية القائمة على تحويل الحوار إلى خدماتٍ تقدّمها الأديان، من شأنها بناء جسور تربط بين الشعوب؛ كمكافحة الملاريا وحملات الإغاثة؛ فلا يعود دور الأديان إدارة النزاع أو الصراع، وإنّما يكون دورًا فاعلًا على الأرض في خلق سلامٍ دينيّ عالمي[17]. من هذا المنطلق يمكن القول إنّ الحديث عن حوار الأديان وتحويلها إلى حوارٍ خدمي كان أحد روافد المفهوم الجديد الذي بدأ يناشد بالمشترك الديني وإعادة قراءة النص الديني كمدخلٍ جديدٍ لحل الصراعات داخل الساحة السياسية، عبر مفهوم الدبلوماسية الروحية.
في هذا الصدد، ستحاول الورقة الإجابة عن تساؤلٍ مهمٍّ يتمثّل في ماهية مفهوم الدبلوماسية الروحية ومرتكزات المفهوم، هل ترتبط الإبراهيمية بوصفها نعتًا للأديان السماوية بمصطلح الدبلوماسية الروحية، وما الهوية الإبراهيمية المطروحة؟ وكيف يمكن ترجمتها؟ وما الغاية الأساسية لها وهل شهدت مشروعاتٍ سياسيةً على الأرض منفذّة أو مطروحة تطبيقًا للمفهوم.

في هذا الصدد، ستنقسم الورقة إلى قسمين رئيسين، الأول يناقش مفهوم الدبلوماسية الروحية ومرتكزات المفهوم متضمنًا الديانة الإبراهيمية كميثاقٍ قيميّ محدّد، والقسم الثاني يطرح مفهوم الهوية الإبراهيمية والمشروعات المنفذّة على الأرض لتدعيم الهوية، واستخدامها لتغير شكل المنطقة عبر التكامل الإقليمي.

القسم الأوّل: مفهوم الدبلوماسية الروحية ومرتكزات المفهوم:
يقدم هذا القسم استعراضًا لمفهوم الدبلوماسية الروحية واتجاهات تعريفها، والمفاهيم التي يرتكز عليها المفهوم.
1. مفهوم الدبلوماسية الروحية:
جاء الاهتمام بمفهوم الدبلوماسية الروحية مع مطلع الألفية الجديدة كأحد المتغيّرات الدولية للسياسية الدولية، التي رفعت شعارات تحقيق السلام العالمي، وحلّ النزاعات، ومكافحة الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، والتي لها تأثيرٌ على السياسات المجتمعية الداخلية. فهي طرحٌ جديدٌ يقدّم على الأرض مدعومًا من القوى الغربية (المعسكر الغربي) على رأسها الولايات المتحدة، والمملكة البريطانية، والكيان الصهيوني (إسرائيل)، وبعض حلفاء الولايات المتحدة.

ورغم أنّ هذا التناول للدين ليس بالجديد عن العمل السياسي، فإنّ ربطه بالروح التي مصدرها الله (عز وجل)، كان بهدف تحقيق أهداف الدولة من خلال مخاطبة العقائد والتقاليد الدينية التي تمسّ القلب، التي تعدّ معيار التمييز وقانون الحكم على الأمور، بل هي مصدر كينونة الإنسان وفقًا لأفلاطون[18]؛ فالروحانيات هي إعادة تشكيل النفس البشرية التي تهدف إلى معالجة حالة الإنسان، وصورة الله، طبقًا لهذا التعريف، فإنّ إعادة التهيئة موجهة نحو القلب. أي أنّها تتعلّق بسياسات تمسّ القلب والشعور، وتحظى بالقبول والدعم الداخلي[19] . ومن ثم يمثّل هذا الربط الضمان لخلق الأتباع والمؤيدين لها نفسيًّا، وتشكيل رأيّ عامٍّ داعمٍ ومساندٍ لها. واختلفت الاتجاهات والمؤسسات في تعريف الدبلوماسية الروحية؛ فلا يوجد تعريفٌ محدّدٌ جامعٌ مانعٌ للمفهوم خاصة؛ بسبب حداثته، وهناك من تناوله أو أشار إليه بشكلٍ عابرٍ، أو تناول المفهوم من خلال الممارسات التطبيقية، وقد استطاعت الباحثة اشتقاق اتجاهاتٍ مختلفةٍ خلال تناول الفكرة أو المفهوم. وتمكّنت الباحثة من تقسيم الأدبيات التي تعرّضت للمفهوم إلى اتجاهين رئيسين، تتفرّع منهما اتجاهاتٌ فرعية أخرى؛ الأول تناول الهدف من المفهوم، والثاني هوية المفهوم.

الاتجاه الأول: التعريف وفقًا للهدف من المفهوم
هناك من رأى أنّ الدبلوماسيّة الروحيّة مدخلٌ للقضاء على الفقر العالمي كالبنك الدولي؛ ففي تقريره بعنوان (التنمية والدين عام 2007)، تحدّث عن السلام الديني العالمي كمدخلٍ لمكافحة الفقر الكوني عبر دبلوماسية المسار الثاني، لتحقيق تفاهمٍ مشتركٍ حول مسببات الفقر، وكيفية محاربته من خلال الأديان؛ إذ إنّه لا سلام بدون سلام بين الأديان الإبراهيمية، والمشاركة في تقديم خدماتٍ مبنيّةٍ علي قيم التعليم الديني لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، التي تحوّلت بعد ذلك إلى أهدافٍ للتنمية المستدامة [20] .

وهناك من عدّ الدبلوماسيّة الروحيّة مدخلًا لحلّ الصراعات، كالمركز الدولي للديانة والدبلوماسية بواشنطن؛ الذي عدّها مدخلًا لحلّ الصراعات المعتمدة على الهوية التي تتخطّى حدود قدرة الدبلوماسية الرسمية، عبر تكامل الأديان كجزءٍ من الحلّ. وتتمثّل الأسس الفكرية والروحية كإقترابٍ غير تقليدي لحلّ الصراعات التي يمكن ايجادها في الأديان، فهى البعد المفقود من صناعة الدولة STATECRAFT. والدبلوماسية المستندة على المعتقد، واللعب بالسياسة الواقعية كورقة رابحة، فهناك دورٌ إيجابي لما يمكن أنْ تؤدّيه العوامل الدينية والروحية في منع الصراعات وحلّها. فهي تقود دعم التغير الاجتماعي المستند إلى العدالة والمصالحة، وتوجد حالة قوية لتكامل الاعتبارات الدينية في إطار تطبيق السياسة الدولية[21]. فهى مدخلٌ جديدٌ لحل النزاعات والصراعات، تستخدم بدافع الشخصيات والظروف. وتختلف وفقًا للموقف؛ فالدبلوماسية المبكرة أو المانعة تقتضي التدخل السريع بعد اندلاع الصراع، أو في إطار عملية مصالحةٍ طويلة الأجل بالنسبة للصراعات القائمة الممتدة؛ مهمتها هو منع وحل الصراعات التي تعتمد على الهوية IDENTITY BASED CONFLICT: [22]

« كما كانت الهوية الدينية محرّكة للصراع المبكّر بين الأفراد أو الجماعات، يمكن أن تكون مخففةً للألم والصراع».
وهناك من عدّ هدفها الوصول إلى السلام الديني العالمي كاتحاد تراث إبراهيم، فيرى أنّها القوى المحرّكة للسلام عبر التقارب بين الديانات الثلاثة [23].

الاتجاه الثاني: ركزّ على هوية المفهوم كساحةٍ من ساحات التفاوض (دبلوماسية المسار الثاني)
يعرفه اندرو بترسون الدبلوماسيّة الروحيّة بأنّها دبلوماسية المسار الثاني لتحقيق الأهداف السياسية للدولة، كحلّ النزاعات والخلافات الحسّاسة، وتقريب وجهات النظر التي لا يمكن حلّها في العلن بطرقٍ تقليديةٍ خاصّةٍ التي لها جذورٌ دينيةٌ، كخطوةٍ للتقارب من أجل السلام العالمي، وإقامة علاقاتٍ طبيعيةٍ في المستقبل[24]. وهناك من أكّد على مدخليّة وآليّة هذا المسار من التفاوض (المدخل النفسي) لتحقيق الهدف المرجو، كمؤسسة إعادة اتّحاد أبناء إبراهيم، التي تعرفها بوصفها مفاوضات المسار الثاني باستخدام المدخل النفسي لدحض الأصولية في الأديان الثلاثة، لاستنتاج نهاية العالم والالتزام بشأن العلاقات المستقبلية التي تستند إلى القيم المشتركة الأخلاقية والاجتماعية [25].

وفي ظلّ حداثة المفهوم وعدم تحديده، حاولت الباحثة تقديم تعريفٍ إجرائيّ يرسم ملامح هذه المبادرة الجديدة على النحو الآتي: «مسار من مسارات التفاوض، يستهدف حلّ النزاع أو منع حدوثه من أجل بناءٍ سلامٍ دينيّ عالمي، عبر الجمع بين القادة الروحين والساسة داخل آلية المسار الثاني للمفاوضات Track II Diplomacy ؛ للتباحث حول القضايا الحسّاسة محلّ النزاع بهدف التوصّل إلى مشتركٍ عبر تقارب الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام- المسيحية- اليهودية)، أو ما يُسمّى بالديانات الإبراهيمية أو الدين الإبراهيمي (الدين العالمي الواحد) حسب ما يقدّم من طرح للقضاء على الاختلافات والوصول إلى متفق يقبله المجتمع، عبر ترجمته إلى خدماتٍ ملموسةٍ يشعر بها المواطن (الحوار الخدمي)؛ ليكون ولاؤه للدين الإبراهيمي، ويتم نقله للخريطة السياسية؛ لأنّ هذا المسار سيكون مركز صنع القرار السياسي بالعالم[26] بهدف خلق السلام الديني العالمي».
وعلى الرغم ممّا سلف ذكره فإنّنا ينبغي أنْ ندرك أنّ مفهوم السلام الديني العالمي ما هو إلّا سلامٌ مستندٌ إلى السيطرة عبر الدين والمشترك بين الأديان، ومستندٌ إلى تهميش المختلف عليه من ديانات تلت اليهودية ليصبح الإسلام والمسيحية ديانات بعيدة عن صيغ السلام العالمي الجديد بموافقة القادة الروحيين على اختلاف خلفياتهم ومرجعياتهم حتي وإنْ كانت دينية.

2. مرتكزات مفهوم الدبلوماسية الروحية:
اتساقًا مع ما تمّ طرحه يمكن التوصل إلى عددٍ من المرتكزات التي يمكن اشتقاقها من هذا المفهوم:
أولًا: الغاية الوصول إلى السلام الديني العالمي:
فالحاجة إلى بيئةٍ كونيةٍ لدعم نوعية التنمية الاقتصادية التي يمكن أنْ تفيد النسبة العظمى لسكان العالم. تتم عبر التقارب بين الأديان والوصول إلي المشترك الذي يطبق سياسيًّا عبر ربط المصالحة الدينية بالدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية، أي خلق انسجامٍ SYNERGY لحفظ السلام الذي يخدم هذه الاحتياجات كافة. وتحقيق السلام الديني العالمي [27].

ثانيًا: القضايا موضع الاهتمام ومنهجيّة الحلّ السياسي:
إعادة المصالح الدينية لما سمّوه «الشعوب الأصلية» على الخريطة (لكن من دون تحديد من هم الشعوب الأصيلة، حيث سيتم الاتفاق عليها خلال جلسات الحوار حول المشترك الوحي). ولكن هناك اتفاقية لدى الأمم المتحدة تحمل اسم الشعوب الأصلية، وهي الاتفاقية رقم 169 لعام 1991 (الأمم المتحدة، 1991) التي تحدّد ماهيتهم، وطرق التوصل إليهم، والحقوق التي يجب أنْ يحصلوا عليها[28]؛ بوصفها عناصر أساسية لمفاوضات السلام بين الشعوب التي لها تاريخ من التديّن. فعلى سبيل المثال يركّز معهد أطفال إبراهيم تحديدًا على الأديان الإبراهيمية، وعلى الصراعات التي تقسم الشعوب التي تديّن بالطاعة لله (كمشترك عام). والأكثر إلحاحًا من هذه الصراعات؛ هي بالطبع الصراعات العنيفة، هذا علاوة على الخلافات السياسية غير العنيفة ذات الأهمية الاجتماعية بين الجماعات الدينية. فعلى سبيل المثال بشأن النزاع في الشرق الاوسط، يتم النظر إليه بأنّ حلّه من خلال استغلال الإمكانات التي تتيحها الأديان لتكون مصدرًا للتفاهم المشترك؛ كسيارةٍ يمكن امتطاؤها نحو السلام، وتغير الرؤية السائدة من قبل، فالدين الذي قد يحمل أسباب النزاع، هو مصدرٌ للحلّ في الوقت ذاته، والذي يمكن ترجمته سياسيًا على الخريطة السياسية عبر تقديم نصرة أصحاب الحقّ الأصلي من منطلق ديني. [29]

ثالثًا: أماكن التدخّل (نطاق العمل):
يشمل نطاق عمل الدبلوماسية الروحية في الصراعات الطائفية COMMUNAL CONFLICT التي تتجاوز حدود الدبلوماسية الرسمية خاصّة التي تتلاقى فيها[30]:
المصالح الاستراتيجية للسياسة الخارجية للدولة الأم التي ترعى الفكرة أو المنظّمة الروحية.
مناطق الصراعات التي هجرتها الدبلوماسية أو التي لم تشترك في حلّها الدبلوماسية الروحية.
عدم قدرة الدبلوماسين الرسمين للوصول إلى الفاعلين الرئيسين للصراع.
الفاعلون الدينيّون المشتركون بشدّة في الصراع أو الذين لا يشتركون بدرجةٍ كبيرةٍ في عمليات السلام.
امتلاكها لعلاقاتٍ يمكن أنْ تيسّر الدخول للفاعلين الرئيسين للصراع وضمان القبول المحلّي لها.

رابعًا: دور القيم الدينية المشتركة:
الدين عامل مصالحة أكثر من كونه عامل انقسام، عبر استخدام مفاهيم الإيمان المشتركة كوسيلةٍ لبناء حسٍّ إنسانيّ مشتركٍ عبر مبادراتٍ على رأسها الأديان الإبراهيمية. فعلى سبيل الذكر اختبر جوناثان فوكس نظرية هنتنجتون صراع الحضارات، وتوصّل إلى أنّ الدين لا يسبّب الصراعات الدينية، ويستنتج فوكس أنّ هناك احصاءات تظهر أنّ الخلافات داخل الحضارات التي يهيمن عليها دينٌ إبراهيميٌّ واحدٌ أو غيره أكبر من الخلافات فيما بينهما. وتتصدر ذلك المسيحية القائمة - وفقًا له - ويأتي الإسلام في المرتبة الثانية. بسبب أنّ واقع هذه الأديان وطوائفها - وفقًا لرأيه - تطالب بالحصرية دومًا. وظهر في هذا السياق، مصطلح «الدين العام» بوصفه الامتداد الواسع لدور الله في الخلق مانحًا البشرية حقوقًا واضحةً ومحدّدة. وهذا الدين العام الهدف منه هو تحقيق الصالح العام: بمعنى الأساس الذي يجمع بين القادة الروحيين من أرجاء العالم كافة، ليؤكّدوا القيم المشتركة فيما بينهم، والالتزامات وليجتمعوا حول طاولةٍ واحدةٍ للحوار والعمل. فالدين العام هو عامل مصالحةٍ واستقرارٍ سياسي؛ فقيم التعاطف الأبدية وتحمّل أعباء الآخرين تعدّ أفكارًا تحبّذها الأديان والفلسفات الروحية من حول العالم، فمعظمها يشجع الصداقة، والمصالحة، والتعايش السلمي بين القبائل والثقافات والشعوب والدول واحترام، الخلاف، ، ولا تتعارض هذه العقلية والمفاهيم والأفكار الدبلوماسية[31].

خامسًا: الميثاق: المرجعية التي ترتكز عليها الدبلوماسية الروحية
يقدم للعالَم طرحين، إمّا الحديث عن الديانات الإبراهيمية، وإمّا الديانة الابراهيمية الموحّدة، لكن كما سيتضح أنّ الطرحين لا يختلفان عن بعضهما البعض. فكلاهما يقومان على عدّ تكامل الأديان جزءًا من الحل عبر[32]:
تجسير الصلة بين الأطر السياسية والدينيّة في دعم صنع السلام.
نشر الفرق الدينية التنفيذيّة المتداخلة في الأماكن التي فيها تهديد بإندلاع الصراعات، أو في أماكن حدوثها.
تدريب رجال الدين والمؤمنين على مهارات صنع السلام.
دعم ترجمة التعليم الديني الذي سيقلل سوء الفهم والصراعات.

أ. الديانات الابراهيمية[33]:
يشير مصطلح الديانات الإبراهيمية أو الإيمان الإبراهيمي (نسبةً إلى النبي إبراهيم (عليه السلام) أبي الأنبياء)، إلى الأديان السماوية الثلاثة «الاسلام- المسيحية- اليهودية»[34]، التي تجمع القادة الدينين والسياسين معًا لمشاركة للتراث المشترك والتشابهات في علم اللاهوت من أجل تحقيق سلامٍ دينيّ عالميّ قائمٍ على الضمير الجمعي العالمي[35].
يخصّ بعضهم مصطلح الديانة الإبراهيمية بمصطلح التراث اليهودي المسيحي[36]، لكون هذا المصطلح يستعمل لوصف الديانة الغربية والتقاليد الاخلاقية. ويحاول أنصار هذا الطرح أنْ يرجعوا جذور الحرب العالمية الثانية، والهلوكوست والصراع العربي الاسرائيلي الممتد، إذ عملت هذه الأزمات على تحريك الوازع الديني لقادة العالم والمتدنين للعمل من أجل السلام بين الأديان الثلاثة. ومن روّاد هذا الفكر الباحث الروماني الكاثوليكي لويس ماسينيون (1883-1962) الذي طرح مفهوم السلام بين الديانة المسيحية والإسلام، اعتمادًا على الإيمان «الجذر الشائع في إبراهيم». وفي الفترة الممتدة من 1962 إلى 1965م، صدرت وثائق من الفاتيكان تحدّثت عن التراث المشترك للأديان الثلاثة، واستخدمت النبي إبراهيم (عليه السلام) مصدرًا رئيسًا لمحاولة التقارب الديني. وفي اكتوبر 13 عام 2007م، وجّه مائة وتسعة وثلاثين باحثًا مسلمًا ورجل دينٍ خطابًا مفتوحًا لقادة كنائس العالم؛ عرضوا خلاله تفهمهم للأرضية المشتركة بين المسيحية والإسلام. حمل الخطاب عنوان (الكلمة المشتركة بيننا وبينكم)، استند العنوان إلى الآية القرآنية التي أشارت إلى «اهل الكتاب» للوصول إلى اتفاقٍ حول عبادة الإله، ويطلب الخطاب السلام والتفاهم بين المسلمين والمسيحين استنادًا إلى القيم التأسيسية للعقيدتين «حب إله واحد وحب الجار». وتجدد الطرح مرةً أخرى بعد حادث 11 سبتمبر 2011 م، إذ تمت الدعوة إلى الوحدة والسلام عبر ايجاد أرضيةٍ مشتركةٍ بين الأديان الثلاثة[37].
ويعي هذا الطرح وجود اختلافاتٍ بين كلٍّ من اليهودية والمسيحية والإسلام، فهناك اختلافاتٌ جوهريةٌ بين هذه الأديان الثلاثة، لكنّه يؤكد على الأفكار التعليمية الأساسية فيها لتكون الأساس المشترك بين الأديان الثلاثة، من ذلك:

أهمية النبي إبراهيم داخل الأديان الثلاثة كمرجعيةٍ روحيةٍ.
التوحيد لدى الأديان السماوية الثلاثة.
المرجعيّة الدينيّة المحوريّة للكتب المقدّسة رغم اختلافها.
القيم السماوية لدى الأديان الثلاثة خاصّة أنّ أغلبها مشتركة كالمحبّة والإخاء والتسامح.. الخ.
المقدّسات المشتركة داخل الديانات الثلاثة (رحلة سيّدنا إبراهيم والدول التي زارها خلال رسالته السماوية)، خاصة محورية قدسية مدينة القدس مدينة السلام في الأديان الثلاثة[38].

ب. الديانة الإبراهيمية العالميّة: الدين العالمي الموحّد
هو طرحٌ مقدّمٌ للولاء لدينٍ عالميّ واحدٍ يجمع القيم المشتركة بين الأديان، التي لا يوجد عليها خلافٌ. ويعدّ هذا الطرح الأقل قبولًا من الطوائف الدينية المختلفة بمختلف الأديان السماوية؛ لأنّه يفرغ جوهر الأديان ويمحو وجودها. ومن روّاد هذا الفكر القس Dr. Jaerock Lee من كوريا الجنوبية «مؤسس كنيسة مانمين بسيول، ورئيس منظمة عالم الروح المقدس الصليبي، ورئيس مؤسّسة الخلاص من العالم المسيحي»[39]. وقد أشار أيضًا إلى الدين الإبراهيمي الواحد الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ خلال تقرير الدين والدبلوماسية الصادر عن معهد بروكنجز الدوحة 2013.[40]، ومن الجدير بالذكر أنّ دكتور (لي) قد ألّف كتابًا حديثًا يحمل عنوان القدس الجديدة، يقدم القدس بوصفها المدينة الإبراهيمية.

سادسًا: الوسيلة: دبلوماسية المسار الثاني والتنسيق بين القيادات الروحية والسياسية:
يمكن لدبلوماسية المسار الثاني أنْ تضطلع بما لم تقدر عليه الدبلوماسية الرسمية؛ فهي وسيلة اتصالٍ لتمرير الأفكار والرسائل بصورةٍ غير رسمية إلى الطرف الآخر، وبالعكس. تقوم بإرساء الإنسانية المشتركة بين الأطراف لبناء العلاقات، وتسهيل البحث عن المصالح المشتركة. فالتفاعل قد يولّد أفكارًا ومبادراتٍ تتوفّر للمفاوضين الرسمين لدرسها وتطبيقها. فهي مرحلةٌ انتقاليةٌ تهدف لاحقًا إلى خلق الدبلوماسية المباشرة أو تعزيزها. وتقوم بإنشاء شبكات دبلوماسيّة المسار الثاني بين رجال الدين من كلا الطرفين، التي بإمكانها أنْ توفّر بدايةً دبلوماسيّةً عبر القيام بالآتي:[41]

تشجيع الديانات «الإبراهيمية» لدعم مفاوضات السلام الجديدة.
تكوين دائرة من العلماء المسلمين واليهود والمسيحيين الذين تعلّموا كيفية العمل معًا بشكلٍ وثيق، ودراسة التقاليد المقدّسة لبعضهم البعض، وتوليد نماذج للدراسة التعاونية بين ممارسي الديانات الإبراهيمية الثلاث[42].
تحاول مفاوضات المسار الثاني التركيز على خلق بيئةٍ من الرأي العام، مهيّئة ومؤيّدة تجعل أمام القيادة السياسية المساحة لخوض المخاطرة للحديث عن السلام، وتبنّيه. وهي النقطة المهمة لبناء سلامٍ حقيقي.
وقد طوّرت الدبلوماسية الروحية آلية المسار الثاني عبر دمج الإطار غير الرسمي المتمثّل في رجال الدين (القادة الروحين) أو المنظمات المستندة على العقائد (المراكز الدبلوماسية الروحية)، مع الساسة والدبلوماسيّين لضمان تحويل المشترك إلى واقعٍ سياسيّ فعليّ على الأرض كمركزٍ للحكم بالعالم.

وفي هذا السياق، من المهم الانتباه إلى أنّ مفهوم الدبلوماسية الروحية مفهومٌ ذو غطاءٍ استعماريّ يتم توظيفه بداخل المجتمعات التي تعاني من الصراعات الطائفية، تحت ادّعاء حلّ الصراعات، ولكن الغاية الحقيقة تغذية الطائفية عبر الحوار الديني لمناقشة الاختلافات وتنحيتها؛ ممّا يؤجج الأوضاع دينيًا، ويعمل على خلق النزاعات والتشكيك في الأديان عبر تنحية المختلف عليه، وهو الإسلام والمسيحية كدياناتٍ تاليةٍ لليهودية كديانةٍ متفقٍ على وجودها من قبل الديانات السماوية الثلاثة. ومن ثم قد يقود الأمر لدينٍ إبراهيميّ عالميّ كما نادى به جاروك لي، ممّا يعني الكفر بالديانات السماوية عبر وضع صيغةٍ جديدةٍ تأتي من خلال منابر التشكيك في الدين والبحث عن المشترك المقبول من المشككين عبر كتاب حرية التفكير العقائدي، ممّا يعني نشر الإلحاد والتهويد بالمنطقة.

القسم الثاني: الهوية الإبراهيمية مدخلًا للمخطّط الاستعماري الجديد:
يناقش هذا الجزء مفهوم الهوية الإبراهيمية الجديدة التي تدعمها وتسوقها الدبلوماسية الروحية كأحد مرتكزاتها، وسبل التمهيد للقبول بالمخطط الاستعماري كهويةٍ بديلةٍ عن الثوابت والمرتكزات الوطنية والدينية، وتكون هويةً تقبل بالمحتل تحت مفهوم الأسرة الواحدة والعائلة الإبراهيمية والأخوة الإنسانية، وتطرح سبل طرحها عبر طرقٍ جديدةٍ مقبولةٍ مجتمعيًّا كالسياحة الدينية مثل «مبادرة مسار إبراهيم» التي تتخذ من السياحة الدينيّة مدخلًا للمطالبة بتدويل أرض المسار التي تطرح خريطة أرض إسرائيل الكبرى كخطوةٍ أوليةٍ للتدويل ثم الاستعمار، وكذا تطرح سبل استثمارها سياسيًا للقبول بتغير خريطة المنطقة عبر مشروعٍ استعماري يندرج تحت مفهوم التكامل الإقليمي الإبراهيمي، أو ما يُسمّى بالولايات المتحدة الإبراهيمية، لينهض على أنقاض الدول القومية ليعلي من هيمنة إسرائيل مدعومة من الصهيونية المسيحية كبداية للوصول لمعركة هرمجدون نهاية التاريخ.

1. بناء هويةٍ إبراهيميّةٍ جديدة
تطرح الأسرة الإبراهيمية الواحدة كبديلٍ عن القومية العربية التي تسعى لإقامة هويةٍ جديدةٍ تقبل بوجود إسرائيل، وتنسخ الثوابت التاريخية والعربية، فاختيار الإدارة الأمريكية والصهيونية المسيحية لأبي الأنبياء كمحرّكٍ جامعٍ لأتباع الأديان التي أضحت تنعت بالإبراهيمية، ليعبّر عن الجذر الديني المشترك بين الأديان، ويوظّف للتأكيد على مفهوم الأسرة الواحدة في إطار إحياء ذكرى وقصة نبي الله إبراهيم، التي ترد في الكتب المقدسة الثلاثة كأبٍ لأسحق (نسله اليهود والأقباط)، وإسماعيل (نسله المسلمون)، فجميع أتباع الأديان الثلاثة الإبراهيمية هم أبناء إبراهيم، فهم أخوة وأولاد عمومة؛ فجميعهم أعضاء عائلةٍ واحدةٍ، ومن ثم فإنّ أيّ خلافٍ قائمٍ هو خلاف أسري عائلي يمكن حلّه بين أفراد الأسرة الواحدة[43]. ويزعم ويليم أوري رئيس مجلس أمناء مبادرة مسار إبراهيم بجامعة هارفارد أنّ السلام الدائم في الشرق الأوسط يدور حول قضيةٍ أساسيةٍ ألا وهي قضية الهوية[44]، فخلف الصراع يوجد «قصة» فكلٌّ من المسلمين واليهود والمسيحيين لديهم قصص الخاصة بشأن الأرض والتاريخ الذي يحدّد هويتهم، وتُعدّ هذه محرّكات الصراع، فتغيرها سيؤدّي إلى حلّ الصراع تدريجيًا. فالصراع يجب النظر إليه بأنّه شبيه للصراع الأسري الذي ينشأ بين أطراف العائلة الواحدة. فقصة نبي الله إبرهيم يعدّها بمنزلة نوعٍ من الترياق لإعادة تعريف الأطراف المتصارعة كأقارب، ترمز للاحترام والضيافة والترحاب كبدايةٍ لخلق أمّةٍ جديدة[45].

2. مسار إبراهيم Abraham Path Initiative:
يعد مشروع مسار إبراهيم تدعيمًا لمفهوم الهوية الإبراهيمية المشتركة باستخدام طرق الحج المشترك لبناء ذاكرةٍ مشتركةٍ بين شعوب المنطقة وحجّاج المسار من أتباع الأديان الإبراهيمية - كما يسمّونها -. وتستند فكرته إلى دراسةٍ قامت بها جامعة هارفارد عن التفاوض بين أبناء إبراهيم، في إطار مبادرةٍ تُسمّى «على خطى إبراهيم» التي تعيد طرح رحلة هجرة إبراهيم وأتباعه للتأكيد على المشترك، قُدّرت هذه الخطى أو المسيرة على مدار 55 يومًا، يتم خلالها الإعلان عن أسماء المدن والمناطق التي زارها (عليه السلام) على امتداد الرحلة، وحيثما يختلف الطريق وفقًا لمصادر القرآن والإنجيل لخلق رابطٍ مقدّسٍ بين الدول محل الرحلة[46]. فيقدّم مسار إبراهيم تجسيدًا لرؤية المشترك الإبراهيمي كمشتركٍ روحيّ يتم تسويقه سياسيًّا وثقافيًّا وتاريخيًّا وعقائديًّا في إطار رحلة النبي إبراهيم، التي امتدت وشملت عشر دول، تم تحديدها عبر تكامل الروايات بالأديان الثلاثة معًا؛ فالمسيحية واليهودية تتفقان على الطريق الذي سلكه نبي الله، حيث يبدأ من تركيا وينتهي بمصر، أما الإسلام فلديه إضافة مهمّة، وهي وصول نبي الله إبراهيم إلى مكّة، كأحد المحطّات الهامة في التاريخ الإسلامي، ومن ثم تطرح جامعة هارفارد عشر دولٍ سافر إليها نبي الله تغطيها المبادرة، وتمثّل تجسيدًا لمشروعٍ إقليمي. وتم مأسستها في مؤسسة مسار إبراهيم التابعة لجامعة هارفارد[47].

وطرحت مبادرة مسار إبراهيم في بداية إنشائها عددًا من الأهداف والتحديات بالمنطقة؛ فأعلنت أنّ هدفها كسر الحدود السياسية تجاه المسافرين على الطريق، خاصّة أمام الإسرائيليين بالمنطقة، وجاء ذلك في تقرير أعدّته باحثةٌ بجامعة هارفارد عام 2004م، تُسمّى (سوزان كولن)، إذ عملت في غزة والضفة مع الفلسطينيين ومع الإسرائيليين داخل الأراضي المحتلة، وتوصلت إلى أنّ المشروع ليكون ممكن التنفيذ لا بدّ من كسر وإزالة الحدود بالمنطقة. وعدّت أن وضع إسرائيل ورفض دول المسار التطبيع معها من أصعب التحديات بالمنطقة.

فوجد أوري – رئيس مجلس أمناء مؤسسة مسار إبراهيم بجامعة هارفارد- أنّه من الصعب فرض إقامة مشروعاتٍ معينةٍ في دول الطريق كالتطبيع مع إسرائيل – وذلك في البداية فقط - فمن الأفضل أنْ يتم ذلك بالتنسيق وحثّ الدول على تبنيها للمشروع، وليس فرضه عليها كأمرٍ واقعٍ – على أنْ يكون ذلك لفترة من الوقت- فالأمر لا يجب أنْ يظهر مرتبطًا بنهج طريق إبراهيم، تفاديًا لأية توتراتٍ سياسيةٍ، على أنْ يكون التطبيع أمرًا لاحقًا، وأنْ يتم بشكلٍ تدريجيّ خلال الإنشطة المستقبلية للمسار. وكان من أخطر التساؤلات المطروحة إثارة الجدل حول ملكية المسار، أي من يملك الطريق والتحكم فيه، تلاقى هذا التساؤل مع طرح الكاهن الياس عميدون – القيادي بتيار الصوفية العالمية- وتوصلوا إلى جعل مكانة خاصة لقادة كلّ مجموعةٍ صغيرةٍ تسير على الطريق، علاوة على المسافرين الأوائل سيكونون سفراء باسم الطريق، ووجودهم مهم في تطوير الطريق، والمبادرة ذاتها لحين مناقشة قضية ملكية أرض المسار بشكلٍ أوسع بعد اكتمال المشروع، فتم النظر اليها كقضيّةٍ مؤجّلة.[48] توضح الخريطة رقم1 مسار إبراهيم، كما تم التخطيط له.

الخريطة رقم 1:
مسار إبراهيم كما تمّ التخطيط له
[49]

ويدرس فريق العمل في السياسات الخارجية والدين التابع لوزارة الخارجية الأمريكية طرق العمل مع أحفاد إبراهيم الروحيين؛ لتطوير شبكةٍ من طرق الحجّ تربط المواقع المقدّسة في البلدان العشر من الشرق الأوسط، التي زارها إبراهيم، كمشروع نزع الألغام من وادي نهر الأردن الذي يضمّ ثالث أقدس موقعٍ مسيحيّ لما فيه موقع معمودية يسوع المسيح في الضفة الغربية، كشكلٍ عمليّ للتنسيق على أرض الواقع بين السياسي والروحي[50].

خريطة رقم2
رحلة الرسول إبراهيم وفقًا للديانات الثلاثة[51]

يتضح من الخريطة السابقة أنّ إضافة خطّ رحلة ابراهيم وفقًا للإسلام سيساعد إسرائيل في توسيع رقعه الرحلة، حيث تتماثل سير الرحلة في اليهودية والمسيحية وتتسع مسيرتها في الإسلام، ومن ثم ادخال مسيرة إبراهيم وفقًا للإسلام سوف تتلاقى مع مخطط أرض إسرائيل الكاملة - الذي يتشابه مع الخريطة الرسمية المعلنة من قبل جامعة هارفارد حول المسار- ، وتصل بالفعل لمكّة بالمملكة العربية السعودية كما يتّضح بالخريطة رقم 3 التي توضح المقارنة بين أرض إسرائيل الكبرى ورحلة إبراهيم من منظور التوراة والمسيحية والإسلام والخريطة الرسمية لمبادرة مسار إبراهيم وفقًا لجامعة هارفارد.

الخريطة رقم 3

المقارنة بين أرض إسرائيل الكبرى ورحلة إبراهيم من منظور اليهودية والمسيحية والإسلام والخريطة الرسمية للمسار وفقًا لجامعة هارفارد.[52]
فتلاقي الطرحان في «مفهوم الأرض الموعودة للنبي إبراهيم ونسله وفقًا للصهيونية»، يمكن الوصول إليها بتلاقي الرؤية الإسلامية والمسيحية واليهودية في رحلة النبي إبراهيم لتمتد من النيل للفرات مرورًا بشمال المملكة العربية السعودية، وتشكّل الدول العشر التي نصّ عليها المخطط الصهيوني «أرض إسرائيل الكبرى»، وهي تتوافق مع مسار إبراهيم الصادر رسميًا عن مبادرة مسار إبراهيم بجامعة هارفارد. ممّا يعكس الرغبة في تدويل مسار يطرح خريطة إسرائيل، ويكتب تاريخ استعماريّ صهيونيّ من قبل مروجي الاستعمار الجديد بالصهيونية المسيحية بالإدارة الأمريكية.

2. مشروع الاستعمار الجديد: مشروع التكامل الإقليمي الإبراهيمي «الولايات المتحدة الإبراهيمية»
تستند فكرة المشروع إلى الهوية الإبراهيمية والخبرة المشتركة بين أفراد الأسرة الإبراهيمية الواحدة، فهو مشروعٌ استعماريّ مستقبليّ يكتمل بعد تجذّر الهوية الإبراهيمية. وتتبلور فكرته في دراسةٍ أصدرها مركز Emergy)) للدراسات البيئية بجامعة فلوريدا، تطرح تطبيقًا لنموذج التكامل الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط تحت مسمّى الولايات المتّحدة الإبراهيمية، فالمشروع لم يقدم بوصفه مبادرةً سياسية، وإنّما رؤية استشرافية استعمارية بادّعاء الرغبة في بقاء المنطقة المهدّدة بالجفاف وندرة الموارد خلال المستقبل القريب. تحدث بعد موت الدول القومية بسبب فشلها في تلبية احتياجات شعوب المنطقة، علاوة على معول الهدم بفعل الإرهاب والصراعات الطائفية. ونظرًا لخطورة الوضع بسبب توزيع قدرٍ كبيرٍ من الموارد الطبيعية بتلك المنطقة في ظلّ ندرة الموارد بالعالم، خاصّة مع وجود كارثة تغير المناخ وما تحمله من تهديداتٍ كامنهٍ لكثيرٍ من دول العالم، مع غياب رشادة النظم المتحكّم في موارد المنطقة في إنتاج البترول وتصديره وتوظيف عوائده، ومن أجل الاستدامة وبقاء الكوكب، تأتي ضرورة إقامة اتّحاد فيدرالي يجمع كافة الدول المنهارة والمفكّكة معًا ( 18 دولة عربية وإيران، وقد يتوسع ليضم دولًا آسيويةً كأفغانستان ودولًا افريقيةً أخرى) تحت إدارة إسرائيل وتركيا، وسيتحقق قبول سكّان المنطقة لحكم إسرائيل بفعل الهوية الإبراهيمية، فتقبل خلالها الشعوب بحكم الكيان الصهيوني للأوطان العربية والإسلامية في إطار الأسرة الإبراهيمية والديانات أو الديانة الإبراهيمية الجامعة.

المشترك الروحي الإبراهيمي سيدفع الدول لقبول إقامة الولايات المتحدة الإبراهيمية رغم ندرة الموارد والصراع حولها، ستؤدّي إلى الاعتراف المتبادل بالقيم المشتركة، والاعتراف بالقيم البسيطة مثل الاشمئزاز من قتل بعضهم البعض، والعيش بسلام معًا كأسرةٍ إبراهيميةٍ واحدة. وتكون السلطة الفيدرالية في يد إسرائيل وتركيا، وشرعيتهما تتمثّل في امتلاك تكنولوجيا ترشيد الموارد الطبيعية أو ما يسمّى بـ «حوكمة إدارة المورد»، ليتحكما مركزيًا في موارد الدول العربية وإيران، وستتم مشروعات الربط بفعل القدرات التمويلية لدول الخليج العربي. ويروج لها بوصفها منظمةً سياسيةً تعكس رؤيةً فكريةً مستقبليةً قادرةً على إنتاج السلام والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تلبي احتياج الأطراف المتنازعة للعيش معًا في تناسقٍ مع الاعتماد على قاعدة الموارد التي تتسم بالندرة النسبية، يتم التشارك فيها عبر اتّحادٍ سياسيّ قائمٍ على المشترك الروحي الإبراهيمي لأبناء الأسرة الإبراهيمية الواحدة التي تم مأسستها في شكل اتحادٍ فيدراليّ بين دول المنطقة[53].

ويلاحظ أنّ الدراسة لم تتضمن الإشارة للقضية الفلسطينية، وربما يمكن تفسير ذلك بأنّ التمهيد لهذا الاتحاد الفيدرالي هو تصفية القضية الفلسطينية في دولةٍ واحدةٍ أو دولةٍ فلسطينيةٍ رمزيةٍ داخل دولةٍ إبراهيميةٍ واحدةٍ تتحكّم في سلطتها المركزية إسرائيل، وهذا ما يروج له شاؤل عوز خلال مبادرة الحركة الإبراهيمية بإسرائيل. [54]
ومن الجدير بالذكر أنّ المخطط بدأ التنفيذ على الأرض بداخل الدول العربية المنهارة من قبل مبادرات تقدّمها قوى المعارضة كنقطةٍ بدايةٍ للانتشار على مستوى إقليم الشرق الأوسط ككل. ومن أبرز هذه الدلائل إعلان «حزب الاتّحاد الديمقراطي بشمال سوريا» عن إنشاء «المجلس التأسيسي للنظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا» عام 2016. عبر إقامة ديمقراطية اجتماعيّة فيدرالية بين جميع الشعوب والفئات التي تقطن «شمال سوريا». تضمّ المكونات السورية المتعدّدة من العرب والأكراد، والآشوريين، والتركمان، والشركس، والمسلمين، والمسيحيين، والدروز، والعلويين، واليزيدين، وأعدادًا كبيرةً من الجماعات العرقية والدينية الأخرى. والإبراهيمية هي أساس الدولة الفيدرالية والمنطقة ككل، عبر الاهتمام بالثقافة الدينية الإبراهيمية وعبر دعم الجهود التي بذلها الأنبياء، هي التي أدّت إلى تطوّر ونمو القيم المعنوية والأخلاقية في المنطقة[55].

الخاتمة:
تعد الدبلوماسية الروحية بداية مرحلةٍ جديدةٍ في مجريات السياسة الدولية لنشر المخطّط الاستعماري الجديد للصهيونية المسيحية، الساعية نحو الوصول لمعركة هرمجدون، ليتم التسويق لها بوصفها مدخلًا لتحقيق الاستقرار في العلاقات الدولية داخل التنظيم العالمي، لتصبح آلية لتعزيز الطائفية وتغذية الفرقة تحت شعار الأسرة الإبراهيمية الواحدة المرتكزة على المشترك الإبراهيمي القائم على تنحية المختلف عليه من الديانات التالية لليهودية «المسيحية والإسلام» للتشكيك فيهما، والبحث عن مشتركٍ مقبولٍ من قبل مروّجي المشروع الصهيوأمريكي من خلال ما يسمّى بالقادة الروحين على اختلاف مرجعيتهم وخلفياتهم. كمدخلٍ للقبول بالدين العام الإبراهيمي «كتاب حرية التفكير العقائدي».
وتعدّ الدبلوماسية الروحية والإبراهيمية مدخلًا لخلق هويةٍ بديلةٍ محلّ الهوية الوطنية والقومية والدينية؛ لتقبل بالمستعمر تحت إطار الأخوة الإبراهيمية والإنسانية والأسرة الإبراهيمية الواحدة.

ويتم توظيف تلك الهوية للتمهيد لقبول المخطّط الاستعماري الجديد الذي يُروّج له عبر مشروعات الربط والتكامل الإقليمي الفيدرالي الإبراهيمي القائم على أنقاض الدول القومية؛ لتتحكم إسرائيل في الموارد مركزيًّا عبر تحكّمها في السلطة الفيدرالية للاتحاد الإبراهيمي. ولعلنا نعي سبب الإبادة الجماعية بغزة «طوفان الأقصى»، وحرب لبنان، ومحاولتها القضاء على محور المقاومة، ودعم الغرب والصهيونية المسيحية لتلك العمليات ولاتفاقات إبراهام كمدخلٍ لفرض التطبيع ترجمةً للهوية الإبراهيمية الجديدة، وما تحدثه من ترتيبٍ إقليميّ جديدٍ للتعجيل بالمخطّط الاستعماري الإبراهيمي الجديد.

لائحة المصادر والمراجع
أولًا: قائمة المراجع باللغة الإنجليزية
الوثائق:
الأمم المتّحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي، نص الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، 5 سبتمبر 1991، رابط:
https://bit.ly/2OV6HTY

نصّ خطاب بومبيو في الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة: مصر أرض الكفاح، شبكة سي ان ان بالعربية، متاحة بتاريخ 02/002/2019 ، 2019/01/11:
https://arabic.cnn.com/middle-east/articletext-pompeos-speech-american-university-cairo-egypt-land-struggle،

الكتب:
ألن كيسويتر والأسقف جون شاين، الدبلوماسية والدين: البحث عن مصالح مشتركة والانخراط في عالم من الاضطرابات والتغيرات الديناميكية، أوراق بحثية لمنتدى مرشوع العالقات الأمريكية مع العالم الإسلامي التابع لمعهد بروكنجز للعام 2013، واشنطن: معهد بروكنجز، تشرين الثاني 2013 متوفر بتاريخ 11/11/2017:

https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Religion-and-Diplomacy_Arabic_Web.pdf

المقابلات:
مقابلة مع المطران منير حنا: مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والإقليم الأفريقي، القاهرة، 16/11/2017

المقالات:
إحسان العقلة، تعريف حوار الأديان، موضوع، متوفر بتاريخ 19/11/2017:
http://mawdoo3.com/تعريف_حوار_الأديان

العالم الجديد، الروح عند الفلاسفة، متوفر بتاريخ 17/11/2017:
http://wherweare191.blogspot.com.eg/2016/07 http://blog-post_18.html

التاريخ المصور للأنبياء والرسل، بعد هجرة إبراهيم عليه السلام من بابل، متوفر بتاريخ 11/08/2018:‌
https://lovely0smile.com/Msg-1021.html

عصام عبد الشافي، البعد الديني في السياسة الخارجية: جدالات الفكر والحركة: الجزء الثاني، كنانة أونلاين، متوفر بتاريخ 19/11/2017:
http://kenanaonline.com/users/ForeignPolicy/posts/537892

فرزند شيركو، النظام الاتحادي الديمقراطي الجديد في شمال سوريا، منتدى فكرة : معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 27 أيار/مايو 2016:
https://www.washingtoninstitute.org/ar/fikraforum/view/northern-syrias-new-democratic-federal-system،

ثانيًا: قائمة المراجع باللغة الإنجليزية:
Books:
Allen Keiswetter and Bishop John Chane, Diplomacy and Religion: Seeking Common Interests and Engagement in a Dynamically Changing and Turbulent World, https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Religion-and-Diplomacy_English_Web.pdf, accessed on 05/11/2017
Andrew Preston, Sword of the Spirit, Shield of Faith: Religion in American War & Diplomacy, New York: Alfred A. Knopf, 2012 .
Scott W. Hahn & Benjamin Wiker, Politicizing the Bible: the Roots of Historical Criticism and the Secularization of Scripture 1300-1700 ,The Cross Road Publishing Company: Herder & Herder Book , 2013 , Barnes & Noble, www.branesandnoble.comlwlpoliticizing-the-bible-scott-w-hahn/1110929768#ProductDetailsTab, accessed on 23/03/2021
Roland Czada (& others), Religions and World Peace Religious Capacities for Conflict Resolution and Peacebuilding, CZADA, Roland; HELD, Thomas; WEINGARDT, Markus. Religions and World Peace. Baden-Baden, Nomos 2012, https://bundesstiftung-friedensforschung.de/wp-content/uploads/2017/09/religions.and_.world_.peace_.czada_.et_.al_..pdf, accessed on 15/01/2019

Periodicals:
Abhishek Banerjee, «Abrahamic Religions Good, Pagan Cultures Bad: How Liberal Media is Cheering Biden and Christian over America», Opindia, Feb, 6, 2021
Andrew J. Rotter, “the Religious Typology of American Foreign Relations”, Nazan Review of American Studies, Volume 29 2007: Proceeding of the NASSS 2007
Christian B. Flow and Rachel B Nolan, Go Forth from your Country: Negotiation expert plans multi-national retracing of Abraham’s path, Harvard Crimson, https://www.thecrimson.com/article/2006/11/16/go-forth-from-your-country-for, 16/11/2019
Daniel E. Campbell & Elliott Campbell, “The United States of Abraham: A Path toward Peace in the Middle East?”, Emergy Synthesis, No. 8, Conference Paper, January 2015, Proceedings of the 8th Biennial Emergy Conference (2015) , https://www.researchgate.net/publication/291818421
Francis Fukuyama, TRANSITIONS TO THE RULE OF LAW, Journal of Democracy, January 2010, VOLUME21, ISSUE1, PP. 31-44, https://www.journalofdemocracy.org/articles/transitions-to-the-rule-of-law/ accessed on 15/01/2019
Joseph V. Montville, “Track Two Diplomacy: The Work of Healing History”, The Whitehead Journal of Diplomacy and International Relations, Summer/Fall 2006, www.journalofdiplomacy.org, accessed on 11/10/2017
Kimberlyn Leary (&others), Negotiating the Path of Abraham, working papers, Harvard Business School, December 21, 2009, https://www.hbs.edu/ris/Publication%20Files/10-049.pdf, accessed on 12/12/2021
Missouri Synod, The Abrahamic Religions: An Evaluation from the Theological Perspective of The Lutheran Church, https://www.lcms.org/Document.fdoc?src=lcm&id=2937, accessed on 11/11/2017

Articles:
Claire E. Wolfteich, Spirituality, https://www.bu.edu/cpt/files/2010/04/Wolfteich-Spirituality-and-PT-2011-Wiley-Blackwell.pdf, accessed on 17/11/2017
David Van Biema, The Legacy of Abraham, Time Magazine, Sept. 30, 2002, http://content.time.com/time/magazine/article/0,9171,1003355,00.html, accessed on 15/05/2019
International Center for Religious & Diplomacy, http://icrd.org/approach/, accessed on 16/11/2017
Howard Steven Friedman, 5 Religions With The Most Followers, https://www.huffingtonpost.com/howard-steven-friedman/5-religions-with-the-most_b_853000.html, 25/06/2011
IvyPanda, Religion and Politics Religious Capacities for Conflict Resolution and Peacebuilding,
, https://ivypanda.com/essays/religion-and-politics/, Nomos 2012, accessed on 15/01/2019
Madeleine Albright, Faith & Diplomacy, https://globalengage.org/attachments/499_albright-faith-and-diplomacy.pdf, accessed on 11/10/2017
Michael Sean Winters, politics influenced religion, https://www.ncronline.org/news/opinion/distinctly-catholic/2017-politics-influenced-religion, Dec 29, 2017, accessed on 15/01/2019
Serhat S. Cubukcuoglu, JUDAISM, CHRISTIANITY, AND ISLAM: Are these monotheistic traditions intrinsically opposed to each other?, https://www.academia.edu/9533453/Conflict_in_Monotheistic_Religions, accessed on 15/01/2019
Thomas Walsh, The Abrahamic Faiths and Universalism: Faith-Based Actors in a Complex World, 2019, https://www.icermediation.org/news-media/meeting-coverage/the-abrahamic-faiths-and-universalism-faith-based-actors-in-a-complex-world/
Yoel Oz, The Abrahamic Federation Movement 3-2-1 Plan: The Deal of the Millennium, the times of Israel, 22 July 2020,https://blogs.timesofisrael.com/the-abrahamic-federation-movement-3-2-1-plan-the-deal-of-the-millennium/, accessed on 12/09/2020

Websites:
Abraham Path Initiative, Steps A long the Path: Annual Report 2013, Massachusetts Avenue: Abraham Path Initiative, https://www.scribd.com/document/228331532/Annual-Report-2013-Abraham-Path-Initiative, accessed on 22/03/2019
Abrahamic Reunion, http://stjamesbozeman.org/sites/default/files/abrahamic_reunion_flyer.pdf, accessed on 11/11/2017
Bible Journey, Abram’s Journey to Canaan, http://www.thebiblejourney.org/biblejourney2/23-the-journeys-of-adam-enoch-noah-abraham/abrams-journey-to-canaan/, accessed on 11/08/2018
Children of Ibrahamic Institute official website, http://abraham.lib.virginia.edu/studentuva.html, accessed on 05/11/2017
Christian Library, Abraham’s Journey from Mesopotamia, http://www.christianstudylibrary.org/link/abrahams-journey-mesopotamia, accessed on 11/08/2018
Official website of REV Dr. JAEROCK LEE, https://www.drlee.or.kr/english/01_Leejaerock/faith1.asp, accessed on 21/11/2017
Work Together, Washington DC, World Bank, 2006, http://siteresources.worldbank.org/EXTDEVDIALOGUE/Resources/Development_Faith.pdf, accessed on 22/11/2017

---------------------------------------
[1]. متخصصة في العلوم السياسية- بمعهد التخطيط القومي/ مصر.
[2]. نصّ خطاب بومبيو في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: مصر أرض الكفاح، شبكة سي ان ان بالعربية،
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2019/01/11/text-pompeos-speech-american-university-cairo-egypt-land-struggle، متاحة بتاريخ 02/002/2019
[3]. Abhishek Banerjee, Abrahamic Religions Good, Pagan Cultures Bad: How Liberal Media is Cheering Biden and Christian over America, Opindia, Feb, 6, 2021.
[4]. IvyPanda, Religion and Politics Religious Capacities for Conflict Resolution and Peacebuilding, https://ivypanda.com/essays/religion-and-politics/, Nomos 2012, accessed on 15/01/2019
[5]. Madeleine Albright, Faith & Diplomacy, https://globalengage.org/attachments/499_albright-faith-and-diplomacy.pdf, accessed on 11/10/2017
[6]. Serhat S. Cubukcuoglu, JUDAISM, CHRISTIANITY, AND ISLAM: Are these monotheistic traditions intrinsically opposed to each other?, https://www.academia.edu/9533453/Conflict_in_Monotheistic_Religions, accessed on 15/01/2019
[7]. Roland Czada (& others), Religions and World Peace Religious Capacities for Conflict Resolution and Peacebuilding, CZADA, Roland; HELD, Thomas; WEINGARDT, Markus. Religions and World Peace. Baden-Baden, Nomos 2012, https://bundesstiftung-friedensforschung.de/wp-content/uploads/2017/09/religions.and_.world_.peace_.czada_.et_.al_..pdf, accessed on 15/01/2019
[8]. Francis Fukuyama, TRANSITIONS TO THE RULE OF LAW, Journal of Democracy,
January 2010, VOLUME21, ISSUE1, PP. 31 - 44, https://www.journalofdemocracy.org/articles/transitions-to-the-rule-of-law/ accessed on 15/01/2019
[9]. إحسان العقلة، تعريف حوار الأديان، 2017.
[10]. Michael Sean Winters, politics influenced religion, https://www.ncronline.org/news/opinion/distinctly-catholic/2017-politics-influenced-religion, Dec 29, 2017, accessed on 15/01/2019
[11]. Andrew J. Rotter, “the Religious Typology of American Foreign Relations”, Nazan Review of American Studies, Volume 29 2007: Proceeding of the NASSS 2007, PP 23 - 27.
[12]. Scott W. Hahn & Benjamin Wiker, Politicizing the Bible: the Roots of Historical Criticism and the Secularization of Scripture 1300-1700 ,The Cross Road Publishing Company: Herder & Herder Book , 2013 , Barnes & Noble, www.branesandnoble.comlwlpoliticizing-the-bible-scott-w-hahn/1110929768#ProductDetailsTab, accessed on 23/03/2021
[13]. Andrew J. Rotter, the Religious Typology of American Foreign Relations, Nazan Review of American Studies, Op.cit.
[14]. مقابلة مع المطران منير حنا: مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والإقليم الأفريقي، القاهرة، 16/11/2017.
[15]. إحسان العقلة، تعريف حوار الأديان، 2017.
[16]. عصام عبد الشافي، البعد الديني في السياسة الخارجية: جدالات الفكر والحركة: الجزء الثاني، كنانة أونلاين، 2017.
[17]. Allen Keiswetter and Bishop John Chane, Diplomacy and Religion: Seeking Common Interests and Engagement in a Dynamically Changing and Turbulent World, https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Religion-and-Diplomacy_English_Web.pdf, accessed on 05/11/2017
[18]. وبعض علماء المسلمين يرى النفس هي الروح والجسد مجتمعين، ويرى البعض الآخر أنّ النفس قد تكون أو لا تكون خالدة، ولكن الروح خالدة حتى بعد موت الجسد. لمزيد من التفاصيل انظر: العالم الجديد، الروح عند الفلاسفة، متوفر بتاريخ 17/11/2017:
http://wherweare191.blogspot.com.eg/2016/07http://blog-post_18.html
[19].ClaireE.Wolfteich,Spirituality,https://www.bu.edu/cpt/files/2010/04/Wolfteich-Spirituality-and-PT-2011-Wiley-Blackwell.pdf, accessed on 17/11/2017
[20]. Katherine Marshall, Marisa Van Saanen, Development & Faith: Where Mind, Heart, Soul Work Together, Washington DC, World Bank, 2006, http://siteresources.worldbank.org/EXTDEVDIALOGUE/Resources/Development_Faith.pdf, accessed on 22/11/2017
[21]. The international Center for Religious & Diplomacy, http://icrd.org/approach/, accessed on 16/11/2017
[22]. Ibid
[23]. Abrahamic Reunion, http://stjamesbozeman.org/sites/default/files/abrahamic_reunion_flyer.pdf, accessed on 11/11/2017
[24]. Andrew Preston, Sword of the Spirit, Shield of Faith: Religion in American War & Diplomacy, New York: Alfred A. Knopf, 2012 , pp 409- 436
[25]. //Joseph V. Montville, “Track Two Diplomacy: The Work of Healing History”, The Whitehead Journal of Diplomacy and International Relations, Summer/Fall 2006, www.journalofdiplomacy.org, accessed on 11/10/2017
[26]. Children of Ibrahamic Institute official website, http://abraham.lib.virginia.edu/studentuva.html, accessed on 05/11/2017
[27]. Joseph V. Montville, Op.cit.
[28]. الأمم المتحدة حقوق الانسان مكتب المفوض السامي، نصّ الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، 1991.
[29]. Children of Ibrahamic Institute official website, Op.Cit.
[30]. The international Center for Religious & Diplomacy, http://icrd.org/approach/, accessed on 16/11/2017
[31]. Ibid
[32]. Ibid
[33]. قبل الإشارة إلى الطرح في هذا السياق تقتضي الضرورة الإشارة إلى أنّ الباحثة لا تروّج لما يسمّى بالديانات الإبراهيمية أو مصطلح الدين العام، أو الدين الإبراهيمي العالمي، أو ما يطلق عليه السلام الديني العالمي، لكن تودّ الاشارة لتوجيه النظر والبحث حول المخطط الخارجي الخطير الذي يتم إثارته خارجيًّا كأحد صور الإنذار المبكر. وترفض الباحثة تمامًا هذا الطرح ولا تتعاطى معه على الاطلاق.
[34]. البعض يضيف أحيانًا البهائية، وأحيانًا الأيزيدية، وفي أوقاتٍ أخرى الهندوسية، لكن الأكثر انتشارًا الأديان السماوية الثلاثة.
[35]. استنادًا إلى عدد أنصار أتباع الديانات السماوية، خاصة أنّ حوالي 32% من سكان العالم مسيحيون 2.2 بليون نسمة، وأنّ 23% مسلمون حوالي 1.6 مليار نسمة، و0.2 يهود،8 حوالي 14 مليون نسمة، أي أنّ ما يزيد عن 56% من سكان العالم إبراهيميّون. لمزيد من التفاصيل انظر:
Howard Steven Friedman, 5 Religions With The Most Followers, https://www.huffingtonpost.com/howard-steven-friedman/5-religions-with-the-most_b_853000.html, 25/06/2011
[36]. التراث اليهودي المسيحي هو مصطلح ازداد شيوعًا في العالم الغربي في الآونة الأخيرة، وهو يعني أنّ ثمة تراثًا مشتركًا بين اليهودية والمسيحية، وأنّهما يكوِّنان كلًّا واحدًا. ويعدّ التراث اليهودي المسيحي من المكونات الرئيسة للحضارة الغربي.
[37]. Missouri Synod, The Abrahamic Religions: An Evaluation from the Theological Perspective of The Lutheran Church, https://www.lcms.org/Document.fdoc?src=lcm&id=2937, accessed on 11/11/2017
[38]. Ibid
[39]. Official website of REV Dr. JAEROCK LEE, https://www.drlee.or.kr/english/01_Leejaerock/faith1.asp, accessed on 21/11/2017
[40]. ألن كيسويتر والأسقف جون شاين، الدبلوماسية والدين: البحث عن مصالح مشتركة والانخراط في عالم من الاضطرابات والتغيرات الديناميكية،أوراق بحثية لمنتدى مرشوع العالقات الأمريكية مع العالم الإسلامي التابع لمعهد بروكنجز للعام 2013، واشنطن: معهد بروكنجز، تشرين الثاني 2013، متوفر بتاريخ 11/11/2017:
https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Religion-and-Diplomacy_Arabic_Web.pdf
[41]. م. ن.
[42]. Children of Ibrahamic Institute official website, Op.Cit.
[43]. Thomas Walsh, The Abrahamic Faiths and Universalism: Faith-Based Actors in a Complex World, 2019, https://www.icermediation.org/news-media/meeting-coverage/the-abrahamic-faiths-and-universalism-faith-based-actors-in-a-complex-world/
[44]. الصراع حول الهوية يعيد مقولات الصهيونية حول تغيّر وتلاشي الهوية العربية، وتحديث الشخصية العربية عبر تدميرها والقضاء عليها، فتغيير الكينونة هي المحرّك للمبررات نفسها. خلاف أنّ ذلك فيه تزييف لحقيقة الصراع، وفيه ضياع للحق العربي.
[45]. Kimberlyn Leary (&others), Negotiating the Path of Abraham, working papers, Harvard Business School, December 21, 2009, https://www.hbs.edu/ris/Publication%20Files/10-049.pdf, accessed on 12/12/2021
[46]. Joseph V. Montville, Track Two Diplomacy: The Work of Healing History, Op.Cit
[47]. Abraham Path Initiative, Steps A long the Path: Annual Report 2013, Massachusetts Avenue: Abraham Path Initiative, https://www.scribd.com/document/228331532/Annual-Report-2013-Abraham-Path-Initiative, accessed on 22/03/2019
[48]. Christian B. Flow and Rachel B Nolan, Go Forth from your Country: Negotiation expert plans multi-national retracing of Abraham’s path, Harvard Crimson, https://www.thecrimson.com/article/2006/11/16/go-forth-from-your-country-for, 16/11/2006
[49]. David Van Biema, The Legacy of Abraham, Time Magazine, Sept. 30, 2002, http://content.time.com/time/magazine/article/0,9171,1003355,00.html, accessed on 15/05/2019
[50]. Children of Ibrahamic Institute official website, Op.Cit.
[51]. Christian Library, Abraham’s Journey from Mesopotamia, http://www.christianstudylibrary.org/link/abrahams-joَurney-mesopotamia, accessed on 11/08/2018
The Bible Journey, Abram’s Journey to Canaan, http://www.thebiblejourney.org/biblejourney2/23-the-journeys-of-adam-enoch-noah-abraham/abrams-journey-to-canaan/, accessed on 11/08/2018
التاريخ المصوّر للأنبياء والرسل، بعد هجرة إبراهيم (عليه السلام) من بابل، 2018.
[52]. هبة جمال الدين، الدبلوماسية الروحية والمشترك الإبراهيمي: المخطط الاستعماري للقرن الجديد، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، فبراير 2021، ص 214.
[53]. Daniel E. Campbell & Elliott Campbell, The United States of Abraham: A Path toward Peace in the Middle East?, Emergy Synthesis 8, Conference Paper, January 2015, Proceedings of the 8th Biennial Emergy Conference (2015) , https://www.researchgate.net/publication/291818421
[54]. Yoel Oz, The Abrahamic Federation Movement 3-2-1 Plan: The Deal of the Millennium, the times of Israel, 22 July 2020,https://blogs.timesofisrael.com/the-abrahamic-federation-movement-3-2-1-plan-the-deal-of-the-millennium/, accessed on 12/09/2020
[55]. فرزند شيركو، النظام الاتّحادي الديمقراطي الجديد في شمال سوريا، منتدى فكرة : معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى،
https://www.washingtoninstitute.org/ar/fikraforum/view/northern-syrias-new-democratic-federal-system، 27 أيار/مايو 2016