العدد 2

العدد 2

رئيس التحرير :

د. هاشم الميلاني

مدير التحرير :

د. عمار عبد الرزاق الصغير

سكرتير التحرير :

د. فرقان الحسيني

 

فهرس المحتويات :

الافتتاحية : الاستعمار سياسة الإبادة واستلاب المقدرات

الحوارات

التنمية المستدامة 2030، خطوةٌ نحو الاستعمار الجديد

د. السيّد هاشم الميلاني

بحوث ودراسات

المواجهة بين إنجلترا والعلماء في نهضة المشروطة

 السيد عباس الرضوي

إرهاصات الاحتلال البريطاني للعراق

 د. ياسين شهاب شكري

 جيوبولتيك سورية وأهميّتها من منظار الاستعمار الفرنسي

 د. إبراهيم أحمد سعيد

الغزوات البريطانيّة الثلاث لمصر،  وقائع الاحتلال وطرائق المقاومة الشعبيّة

 د. محمود شوقي عثمان

الوجه الخفي للتعليم الاستعماريّ الفرنسيّ في الجزائر

 د. عبدالقادر بوحسون

قراءات علمية

مصاديق الجهاد ضدّ الاستعمار وفق رؤية السيّد هبة الدين الشهرستاني

د.محمد باقر البهادلي

قراءة في كتاب نحن وازمنة الاستعمار (الحلقة الاولى)

علي رعد

ترجمات

علمُ الإنسانِ و(الهَيْمَنةُ العقلانيّةُ)

 بِينْوَا دُو ليتْوَالْ

وثائق

ما بعثه المجاهدون الليبيّون إلى المرجعيّة الشيعيّة في النجف الأشرف

رئیس اللجنة الطرابلسية بمصر

ترجمة ملخصّات المحتوى بالإنكليزيّة

 

الافتتاحية

الاستعمار سياسة الإبادة واستلاب المقدرات

حفزّت مجموعةٌ من العوامل قوى الشرّ العالميّة لتوجيه اهتمامها إلى المنطقة العربيّة والتسابق للسطوة عليها منذ بدأ الاستعمار على يد الإسبان والبرتغال في نهايات القرن الخامس عشر الميلادي، ولعل الباعث الأكبر على الاستعمار كان هو العامل الاقتصادي؛ فهو الأكثر حضورًا، إذ إنّ بوساطة السيطرة على مقدرات الشعوب تتولّد قوة السيطرة على القرار السياسي، وتتوسّع دائرة التفوّق والاقتدار، ومن ثم الهيمنة والتحكم والاستعباد.

ومنذ عصر النهضة والثورة الصناعية وظهور الشعور بالفوقية على العالم تحولت اهتمامات القوى الكبرى ودول الاستكبار العالمي لاستغلال ثروات الشعوب ومواردها واحتكار أسرار العلوم منعًا لانتشارها؛ لتبقى هي الوحيدة من يتحكم بمستقبل عالم الانسان تمهيدا لامتلاك قوة التقدم في شتى المجالات، وضمانًا لبقاء الشعوب مستضعفة متأخرة.

ومن هنا أسرعت القوى الاستعمارية بشراهة تتحرى ضمانات ديمومة انتعاشها الاقتصادي في الاوطان المتأخّرة والمنشغلة في وضعها الداخلي، لتنمية مجالاتها العلمية والعسكرية وغيرها، حتى أنجزت تقدمًا سريعًا في المجالات كافة لاسيما الصناعية والعسكريّة؛ وهذا مكّنها من زيادة في قوة التسلّط على دول الشرق الأوسط والأدنى وأفريقيا، التي تمتلك موقعًا جغرافیًا استراتيجيًا، والثروات الطبيعيّة المتنوعة، ممّا يجعلها مواطن غنيّة بالمواد الخام الرخيص لصناعات الدول الاستعمارية، وأسواقًا سهلة لتصدير صناعاتها إليها، فضلًا عن امتلاك هذه الدول المستهدفة الهوية الدينية القويّة، التي تمثّل تهديدًا مستقبليًّا على الدول الاستكباريّة ومشاريع تمدّدها؛ فعمدت إلى تدمير تلك الدول، أو إضعافها،  وضمان عدم نهوضها بسهولة.

هذا المشروع الظلامي الذي نعيش آثاره وصوره الجديدة جيلًا بعد آخر قام منذ شروعه على إستراتيجيات الإعلام المضلّل، وتعميق الفرقة، وإيجاد الخصومة بين البلدان المتجاورة أو بين أبناء البلد الواحد، والعدوان عليهم؛ لتنشغل الشعوب ببعضها، فتبقى تحت وطأة قوة الاستعمار متأخرةً مستضعفةً.

وقد تأسست مجلة الاستعمار وهي تحمل همّ بيان صور تلك الحقبة السوداء، وأسبابها وآثارها الممتدّة في الواقع الراهن، لأيقاظ الضمير الجمعي، وتعزيز الهويّة الأصيلة، وتكوين وعيٍ وطنيٍّ غير مستغفلٍ، يميّز الصديق من العدو.

في هذا العدد من (مجلّة الاستعمار) التي يصدرها المركز الإسلاميّ للدراسات الاستراتيجيّة ـ أحد التشكيلات الفكريّة للعتبة العباسيّة المقدّسة ـ مجموعةٌ من الأبحاث التي تتناول شؤون الاستعمار في العالم الاسلامي.

تفتتح المجلة بحوثها بحوارٍ حول مشروع التنمية المستدامة الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 2015 م، بمدةٍ تنفيذيةٍ قدرها 15 عامًا، حينما رسمت 17 هدفًا لجدول أعمال التنمية المستدامة لأعمال عام 2030م، تمهيدًا لتطبيقه على جميع البلدان، وقد قُوبل بمخاوف كبيرة؛ لأنّ ظاهر المشروع إيجاد حلولٍ للعالم بتحقيق الإنصاف الاجتماعي، والتوازن البيئي، وتحسين استثمار الموارد الطبيعية، وصولًا إلى الانتعاش الاقتصادي؛ لكنه يضمر تهديداتٍ خطيرةً على الطبقات الاجتماعية، تعزّز من سيطرة الرأسمالية الليبرالية، واستمرار هيمنة الدول المتقدمة الانتاجية على حساب الدول النامية الاستهلاكية.

حوار التنمية لرئيس تحرير مجلة الاستعمار السيّد هاشم الميلاني جاء بعنوان (التنمية المستدامة 2030 خطوة نحو الاستعمار الجديد) تعرّض فيه إلى بنية هذا المشروع الداخليّة والخارجيّة، والمخاطر المودعة فيه، وكيف أنّه يمثّل وجهًا للاستعمار الجديد، وطرق الهيمنة على العالم، تم صياغته وتنظيره بأسلوبٍ قانونيّ وفلسفيّ وبمقاييس غربيّةٍ لا تنطبق على سائر بلدان العالم، ولا تراعي خصوصيّتها وأبنيتها الفكريّة، ولا هويّتها الدينيّة والثقافيّة، ولا تركيبتها الاجتماعيّة.

في محور (الدراسات والبحوث) يتصدّر بحثٌ في نهضة المشروطة، ذلك المبدأ القانوني الذي ينصّ على أنّ القوانين التي توضع في إدارة البلاد من اللازم ألّا تتخّطى أو تتقاطع مع قوانين وتشريعات المذهب الرسمي للأكثرية فيه، وهو شرط يقيّد السلطة ويحدّ من فوضى التحرّر في سنّ القوانين، ويمنعها من الاستبداد وإقصاء حقوق الأكثرية، ويلزمها باحترام إرادتها. والمشروطة تمثّل نوعًا من المواجهة بين الاستعمار الإنجليزي والروسي مع علماء الدين في إيران.

والبحث الآخر حول نهاية حقبة الاحتلال العثمانية، وبداية حقبة الاحتلال البريطاني للعراق الذي كان مهتمًا بموقع العراق المحوري بين عالمَيِ الشرق والغرب، وتوسّطه بحرَيِ الخليج والمتوسّط، وطبيعة خطّ الملاحة والنقل البري والسككي، ممّا كان باعثًا مهمًّا للتحرّك في السيطرة عليه من قبل دول ألمانيا وفرنسا مستغلين ضعف الدولة العثمانية وانشغالها بالحرب العالمية، فكان مشروع احتلال العراق من قبل بريطانيا الذي واجهت فيه مقاومةً عظيمةً لمدة أربع سنوات قبل السيطرة.

هذا الدافع الاستعماري تشترك فيه الدول المستعمرة كافة، فهو غير بعيدٍ عن التفكير الاستعمار الفرنسي، الذي استغل موقع سوريا وقربها من مقر الدولة العثمانية، وأهمية الساحل البحري، ناهيك عن تراجع قوة السلطة العثمانية التي انشغلت بالملذّات والتوافه فضعفت وانهارت بنيتها الداخلية، وتهرّأت أنظمتها العسكرية والقانونية لتأتي فرنسا باتفاقٍ بريطانيّ لاحتلال سوريا، ووضع أسس اتفاق سايكس بيكو ووعد بلفور، وهكذا أخذ البحث بتناول مجمل الأحداث التي عاشتها سوريا ما قبل الحرب العالمية الأولى، وما بعدها من اضطرابٍ وتنازعٍ وتطرّفٍ داخليّ وخارجيّ على يد العثمانيين ضدّ العرب.

وفي هذا العدد بحثٌ أيضًا عن الغزوات البريطانية الثلاث على مصر عام (1801-1807-1882م)، تطرق لذكر هذه المراحل وأسبابها وشخصياتها، ومن ثَمّ تعرّض الباحث فيه إلى بدايات الحركة الوطنيّة المصريّة، والإخفاقات التي مرّت بها لتنتهي إلى مرحلة اليقظة والنهوض على يد مصطفى كامل. كما تعرّض لملامح جهود أحمد عرابي وسعد زغلول، وبعض معاهدات تلك الحقبة في مصر.

وقد تمادت دول الاستعمار فلم تكتفِ بالسيطرة على الشعوب ومقدّراتها، حتى تدخّلت في تحديد شكل الهويّة الدينيّة والعلميّة والتربويّة والثقافيّة للشعوب المستعمَرة، فحاولت مثلًا فرنسا بمشروعٍ همجيّ ضاغطٍ فرض تغيير اللغة المتداولة في الجزائر، وإلزام اللغة الفرنسيّة لغةً أساسيةً في التربية والتعليم، في سبيل القضاء على البناء الدينيّ والتربويّ والثقافيّ للجزائريين، وجعلهم تبعًا لأنظمتها ولغتها.

وفي العدد بحوثٌ أخرى في محور (قراءات علميّة)، منها بحث حول السيّد هبة الدين الشهرستاني (رح)، ودوره في التعبئة الجماهيريّة ومقاومة الاحتلال البريطاني. ومنها قراءة في كتاب (نحن وأزمنة الاستعمار) الذي أصدره المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية عام 2018 بمشاركة نخبةٍ من الباحثين وبواقع 4 أجزاء. فضلًا عن بحوثٍ أخرى تجري في سياق موضوع المجلّة نفسه.

نأمل أنْ يقدّم العددُ الثاني من (مجلّة الاستعمار) في مطلع العام الجديد 2025م، المعرفةَ المناسبةَ لقرائها الكرام في موضوع تخصّصها.  واللهُ وليُّ التوفيق.