البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

التنمية المستدامة 2030، خطوةٌ نحو الاستعمار الجديد

الباحث :  د. السيّد هاشم الميلاني
اسم المجلة :  الاستعمار
العدد :  2
السنة :  شتاء _ 2025 م
تاريخ إضافة البحث :  January / 13 / 2025
عدد زيارات البحث :  59
تحميل  ( 304.805 KB )
السيد الدكتور هاشم الميلاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ادعوا ان تكون بخير وعافية، ونبدأ على بركة الله بحوارية هذا العدد، في امل وضع الاجابات المناسبة مما يسهم في تقديم مادة علمية نافعة للقراء الكرام.

السؤال الأول: هناك سجالٌ في الوسط النخبوي حول (خطّة التنمية المستدامة 2030) التي أقرّتها الأمم المتّحدة عام 2015م، هل هي خطّةٌ تنمويّةٌ حقيقيّةٌ أم أنّها خطوةٌ كبيرة ٌتصبّ في صالح الغرب، وتُؤرشَف ضمن المشروع الاستعماري الجديد؟
الجواب: قبل الإجابة عن سؤالكم المهمّ والحيوي، أودّ الإشارة إلى نبذةٍ تعريفيّةٍ لخطّة (التنمية المستدامة)، وخلفيّاتها وأهدافها، ثمّ أُعرّج على جواب سؤالكم.

على أعتاب الدخول في القرن الواحد والعشرين وانتهاء الألفيّة الثانية والدخول في الألفيّة الثالثة، اجتمعت بعض الدول المهيمنة على العالم، ووضعت منشورًا يتكوّن من ثمانية بنودٍ ليعمّم على العالم ويكون فاتحة الألفيّة الثالثة، أطلقوا عليه عنوان: (الأهداف الإنمائيّة للألفيّة)، لينفّذ خلال خمسة عشر عامًا إلى عام 2015م، ولكن بعد ظهور بوادر الفشل والإخفاق في تحقّقه جلسوا مرةً ثانيةً واستفادوا من نقاط القوّة والضعف، وعملوا لمدّة سنتين كانت حصيلتها خطّة التنمية المستدامة 2030 لتبدأ من 2016 وتنتهي في 2030. تحتوي هذه الخطّة على 17 هدفًا، و169 غايةً في شرح تلك الأهداف، وتعتمد هذه الخطّة على ثلاثة أبعادٍ عامّةٍ هي: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي، وتمّ تصويت جميع الدول عليها، هذا هو الإطار العامّ للخطّة.

السؤال الثاني: ما هو تقييمكم لخطّة التنمية المستدامة؟
الجواب: إذا أردنا أنْ نكون منصفين وموضوعيّين، لا بدّ من تقييم الخطّة على مستويين، المستوى الأوّل النظر إلى الخطّة كمنظومةٍ متكاملةٍ كتبت بأيادي غربيّة، والمستوى الثاني النظر إليها بشكلٍ تجزيئي لتقييم كلّ مفردةٍ وكلّ هدفٍ وكلّ غاية، وهنا في المستوى الثاني نجد أمورًا إيجابيّةً كثيرةً لو تحقّقت على أرض الواقع من دون مؤثّراتٍ استعماريّةٍ لخدمت البشريّة، طبعًا مع اختلافنا معهم في جزئيّاتٍ وأهدافٍ وغاياتٍ جزئيّةٍ أخرى تخالف الشريعة الإسلاميّة، وحتّى تعاليم الأديان التوحيديّة.

أمّا مع لحاظ المستوى الأوّل والنظر إلى الخطّة في كلّيتها نقول، ونعتقد بأنّها خطّةٌ استعماريّةٌ تهدف إلى هيمنة المنظومة الغربيّة على العالم أجمع.

إنّ المنظومة الغربيّة بعد نجاحاتها الاقتصاديّة والسياسيّة والعلميّة قد جعلت نفسها المركز والميزان والمحك وجعلت الباقي أطرافًا؛ لذا ترى لنفسها الحقّ في تعميم ثقافتها المادّيّة على جميع العالم، وإجبار الكلّ على متابعة هذه الثقافة، وهذا ما شاهدناه من خلال الغزو الاستعماري ونهب ثروات البلاد مع تطعيمه بالتنظير الفلسفي، وتفوّق العرق الأوروبي، وما شاكل، ولكن ما بعد أصبح الاستعمار المباشر أمرًا مُكلّفًا لدول الغرب ولا جدوى فيه أبدلوه بالاستعمار الجديد من خلال الأيادي التي زرعوها في سائر البلدان، أمّا اليوم، فقد تحوّل الاستعمار الجديد بلونٍ آخر، وتبلور في خطّة التنمية المستدامة 2030م، ليأخذ بعدًا عالميًّا على جميع الدول النامية وغير النامية.

السؤال الثالث: كيف يمكن استنتاج ذلك ولم يرد التصريح في متن الخطّة أو الإشارة إلى أيّ هدفٍ استعماري؟ بل الخطاب خطابٌ إنسانيّ وخدميّ؟
الجواب: عندما نتعامل مع المنظومة الغربيّة لا بدّ أنْ نلحظ عدّة أُمور ٍكي لا تختلط علينا الأوراق:
المنظومة الغربيّة في كلّيتها منظومةٌ علمانيّةٌ مادّيّةٌ نفعيّةٌ تنطلق في تعاملها مع الغير من منطلق النفع والمصلحة التي تعود إليها، وكذلك من منطلق التفوّق والهيمنة.

الموقف الأوّل تّجاه هذه المنظومة المادّيّة هو موقف سوء الظنّ وعدم الاعتماد، إذ التجارب أثبتت مكر هذه المنظومة وعدم إرادتها الخير لباقي الدول والشعوب إلّا بمقدار ما يصبّ في مصالحها.
سياسة الحيطة والحذر وقراءة ما وراء السطور، وهذا ما التفت اليه علماؤنا في تعاملهم مع الغرب وتقييم أعماله، وعلى سبيل المثال يقول العلّامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في وصف المنظومة الغربية تجاه الاسلام: «لم تدع حيلةً إلّا سلكتها، ولا ملاك خدعةٍ إلا امتلكتها، ولا قوى مكرٍ إلّا استعملتها، ولا ربوة غدرٍ إلّا افترعتها، ولا مظنّة باب عدوان إلّا قرعتها، ولا سيطرة سلطةٍ إلا ضربتها». ومن هذا المنطلق وهذه البصيرة واجه العلّامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء السفير الاميركي عندما زاره في النجف، فعتب الشيخ على موقف أميركا تجاه فلسطين، فقال له السفير الأميركي: «هذه أمةٌ ضعيفةٌ ظلمها هتلر، وشرّدها من أوطانها؛ فأصبحت بلا وطنٍ ولا مأوى، ونحن عادتنا الشفقة والرحمة ننصر المظلوم، ونعطف على الضعيف»! فقال له الشيخ غاضبا: «تعسًا وبؤسًا لهذه الرحمة؛ تنصرون المظلوم بما هو أفظع ظلمًا وأشد هضمًا! ترحمونهم بأنْ تظلمونا وتسكنونهم في بيوتنا وتشردونا! هلا أسكنتموهم في بلاد أمريكا وأراضيها الواسعة؟» .

علينا ألّا ننخدع بالكلمات والعبارات البرّاقة والدعايات الجميلة في ظاهرها، إذ قاموس المعاني في المنظومة الغربيّة يختلف عنه عندنا، فالمصطلح والمفهوم الذي يقصدون منه يخالف ما نفهمه نحن، فبعد دراسة المصطلحات والمفاهيم الواردة في الخطّة وتفسيرها وفق المنظومة الغربيّة تنكشف الخطوة والخطوات الاستعماريّة الناعمة المدرجة في الخطّة.

ورد التصريح في خطّة التنمية المستدامة أنّها عالميّةٌ جاءت لتغيّر حياة الإنسان، وجعلها الموقع الإلكتروني للأمم المتّحدة ثاني خطوةٍ مهمّةٍ وكبيرةٍ بعد تأسيس الأمم المتّحدة، ممّا يعني أنّها خطّةٌ تصبّ مصبّ عولمة قيم الغرب، تمّ تدوينها بمعزل عنّا، ولم نطّلع عليها، وعلى تفاصيلها، إلّا بعد الإعلان عنها، وطلب التصويت عليها.

هذه الأمور كلّها مؤشّراتٌ واضحةٌ على كونها في امتداد الاستعمار الغربي الجديد.

السؤال الرابع: عادةً ما نرى في القرارات واللوائح الدوليّة الصادرة من الأمم المتّحدة تحفّظ بعض الدول على القرارات أو المفردات، فدول العالم الثالث أو الدول الإسلاميّة بإمكانها التحفّظ على بعض بنود هذه الخطّة لئلّا تقع في مخالفات مع الدين أو الشرع أو القانون الداخلي، وبهذا نخرج عن بعض الإلزامات أو الهواجس التي ذكرتموها؟
الجواب: هذا في الواقع أمنيةٌ وحُلمٌ لا يمكن تأويله ولا تفسيره؛ لأنّ من دوّن هذه الخطّة ملتفتٌ إلى هذا المخْلَص فحاول سدّه نهائيًّا؛ لذا أورد في أكثر من مكان بعدم إمكان التحفّظ ولزوم الالتزام بجميع البنود؛ لأنّها كلٌّ منسجمٌ غير قابلٍ للتجزئة. ورد في مقدّمة الإعلان: «فهذه أهدافٌ وغاياتٌ عالميّةٌ تشمل العالم أجمع... وهي متكاملةٌ غير قابلةٍ للتجزئة، تحقّق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة». وفي مكان آخر: «أنّنا نعلن اليوم عن إرساء 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة و16 غاية مرتبطة بها، وهي أهداف وغايات متكاملة وغير قابلة للتجزئة». وهذا النصّ أيضًا أو قريب منه يتكرّر في أماكن أخرى من الإعلان، وعليه حتى لو تحفّظت بعض الدول فإنّ تحفّظها لا اعتبار له، ولا يحقق لها مأمنًا ومفرًّا من الإلزامات القانونية والحقوقية التي تترتب على مخالفة بنود هذه الخطة.

السؤال الخامس: تفضلتم بإمكان تقييم الخطّة على مستويين، تطرّقتم إلى المستوى الأوّل، وكان التقييم أنّها خطّةٌ استعماريّةٌ غربيّةٌ للسيطرة على العالم، وتمرير نمط سلوكٍ غربيّ في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة، فما هو تقييمكم على المستوى الثاني، أي المفردات والبنود الجزئيّة؟
الجواب: ربّما لا يسعنا الوقت لتسليط الضوء على جميع المفردات، وتفكيكها، ولكن يمكن الحديث عن الأبعاد الأساسيّة الثلاثة التي ذكرها الإعلان وهي: البعد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي، والإشارة إلى بعض المفردات في كلّ بُعدٍ من هذه الأبعاد.

ولكن قبل الخوض في ذلك لا بدّ من الالتفات إلى ما ذكرته في بداية الحوار من اختلاف قاموس المعاني الغربيّة معنا، فالمفاهيم والمصطلحات المستخدمة هنا لها حمولاتٌ خاصّةٌ لم تترجم في هذا الإعلان، ولم يُفصح عنها هنا، بل لها مرجعيّةٌ تمّ التصويت عليها وتفسيرها في قرارات ولوائح أخرى صدرت من الأمم المتّحدة. وهذا ما يصرّح به هذا الإعلان نفسه، فقد ورد ذيل عنوان (مبادئنا والتزاماتنا المشتركة) ما نصّه: «يُسترشد في الخطّة الجديدة بمقاصد ميثاق الأمم المتّحدة ومبادئه، بما فيها الاحترام التامّ للقانون الدولي، وترتكز الخطّة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدوليّة لحقوق الإنسان، وإعلان الألفيّة ... ونحن نؤكّد من جديد نتائج جميع المؤتمرات الرئيسة، ومؤتمرات القمّة التي عقدتها الأمم المتّحدة، والتي أرست أساسًا متينًا للتنمية المستدامة، وأسهمت في تشكيل الخطّة الجديدة، وهي تشمل إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، ومؤتمر القمّة العالمي للتنمية المستدامة، ومؤتمر القمّة العالمي للتنمية الاجتماعيّة، وبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكّان والتنمية، ومنهاج عمل بيجين...».

فهذه القرارات واللوائح تعدّ قاموس معاني هذه الخطّة، وتفسّر المفردات في ضوئها، وعلى سبيل المثال عندما يقال في ذيل عنوان (رؤيتنا) في هذه الخطّة: «عالم يستثمر في أطفاله، وينمو فيه كلّ طفلٍ بعيدًا عن إسار العنف والاستغلال». فهي عبارةٌ جميلةٌ عامّةٌ نتّفق معهم في ظاهرها، غير أنّ سائر اللوائح حدّدت معنى العنف ضدّ الأطفال ليشمل حتّى ولاية الأب على الابن، وعدم حقّ التّدخل في شؤون الطفل الخاصّة وإنْ احتوت على إدمان أو شرب الكحول أو قضايا جنسيّة محرّمة.

كما أنّ المنظومة الغربيّة حينما تدعو إلى السلام ونبذ العنف، تقصد منه نفي أنواع المقاومة وحقّ الدفاع عن النفس؛ لتكون هي راعية السلام، وإذا صادف وقامت بقتل آلاف من الأبرياء لا يكون ذلك عنفًا، بل دفاعًا عن السلام والبشريّة، أمّا لو قمت أنا بالدفاع عن نفسي ووطني فهذا عنف يجب التخلّي عنه. فمن الخطر البالغ ترسيخ هذه الأدبيّات في أذهاننا، وهذا ما يحاول العدوّ من تمريره بشكلٍ ناعم، فترانا نتكلّم بكلّ حماسٍ عن نبذ العنف والسلام والشراكة العالميّة، ولا نعلم ما وراء الأكمة، ولم نلتفت إلى تعاليم الدين، وقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، فالأدبيات التي يمرّرها الغرب على ألسنتنا تهدف إلى انسلاخنا من جميع أنواع الحمية والدفاع عن المعتقدات والصمود أمام العدو، والاستعداد له، وما شاكل ذلك.

أو عندما نـأتي الى موضوع حقوق الإنسان وكرامة الإنسان، فمفهوم الإنسان في المنظومة الغربيّة يختلف عن معناه في المنظومة الدينيّة؛ الإنسان عندهم في الدرجة الأولى هو الإنسان الغربي، فله الحقّ التامّ والكرامة التامّة وإنْ ارتكب الموبقات وقتل الأبرياء، وقد التفت إلى هذا الأمر الناقد الخبير بشأن الاستعمار السيد جمال الدين الأفغاني حيث قال بشأن الإنجليز: «الانجليز كأمة ليس من ينكر أنّها من أرقى الأمم، تعرف معاني العدل وتعمل بها، ولكن في بلادها ومع الإنجليز أنفسهم، وتنصف المظلوم إذا كان من الإنجليز، تعلم أنّ للإنسان حقًّا في الحياة، وهذا الإنسان في عرفهم هو الإنجليزي، وغيره من البشر ليس بإنسان». أمّا الإنسان في المنظومة الدينيّة إذا ارتكب الموبقات وقتل النفس المحترمة سوف يفقد كرامته وإنسانيّته، ولا بدّ من الاقتصاص منه، ويصبح أضلّ من الأنعام، حتى لو كان مسلمًا في الظاهر.

ومثال آخر: ينصّ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة على حقوق المرأة وتمكينها وورد في الفقرة السادسة منه: «ضمان حصول الجميع على خدمات الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة، وعلى الحقوق الإنجابيّة على النحو المتّفق عليه وفقًا لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ومنهاج عمل بيجين». وعندما نأتي إلى منهاج عمل بيجين ليفسّر لنا هذه الفقرة نراه يفسح المجال أمام البغاء وممارسة الجنس عند المراهقين، والإجهاض بشرط رعاية الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة. يقول منهاج بيجين في المادّة 94: «تعني الصحّة الإنجابيّة قدرة الناس على التمتّع بحياةٍ جنسيّةٍ مرضيّةٍ ومأمونة...». من دون فرق بين البغاء والزواج والشذوذ الجنسي، كما يدعو المنهاج إلى تعليم المراهقين استعمال الواقي للحدّ من الأمراض الجنسيّة، وكذلك تعليم النساء ومساعدتهن على الإجهاض في الحمل غير المرغوب فيه، هذه الأمور كلّها تدخل ضمن الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة عندهم.

والخلاصة التي أُريد أنْ أصل إليها أنّنا عند تحليل مفردات إعلان التنمية المستدامة لا بدّ من عدم الانخداع بالدعايات البرّاقة والمصطلحات الجميلة، بل لا بدّ من الالتفات إلى معنى هذه الجمل والمفاهيم في المنظومة الغربيّة المادّيّة والعلمانيّة.

السؤال السادس: ذكرتم أنّ التنمية المستدامة تعتمد على ثلاثة أبعادٍ أساسيّة: اقتصاديّة، واجتماعيّة، وبيئيّة، فما هو تقييمكم للبعد الاقتصادي وما يندرج تحته من مفردات وقرارات جزئيّة؟
الجواب: لا بدّ من التنويه أوّلًا: الى أنّ مصطلح التنمية ولد في الغرب واختصّ بالوضع الاقتصادي، فعندما يقال التنمية يتبادر إلى الذهن التنمية الاقتصاديّة، أمّا اليوم فقد تمّ تعميمه ليشمل جميع الأمور بما فيها الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة وغيرها، ولكن مع هذا تبقى الغلبة للوضع الاقتصادي، وهذا ما نراه ونشهده في خطّة التنمية المستدامة أيضًا حيث إنّ معظمها يتعلّق بالوضع الاقتصادي ومكافحة الفقر والجوع وما شاكل.

إنّ المفردات والمفاهيم الاقتصادية المستعملة في هذا الإعلان إيجابيّة، ونحن أيضًا ندعو إليها، ونتمنّى إزالة الجوع والفقر وازدهار العمل والصناعة في جميع الدول، كما أنّ الإسلام من أول المنادين بمكافحة الفقر والجوع من خلال تعاليمه، ولكن نقول: أوّلًا: هذه المفاهيم المستعملة هنا تتناقض مع السياسات الاقتصاديّة المتبعة في المنظومة الغربيّة المبتنية على الليبراليّة، والعولمة، وسياسات صندوق النقد الدولي، والشركات التجاريّة العملاقة التي لا همّ لها سوى زيادة الأرباح، وهذه السياسات هي التي سبّبت الطبقيّة في المجتمع وأنواع الفقر والجوع.

وثانيًا: إنّ سياسات هذه المؤسّسات الكبرى لم تكن بريئةً، بل أُنشئت لتصبّ في مصالح الدول الكبرى، وحتّى لو قامت بتقديم مساعداتٍ ومعوناتٍ للدول الفقيرة، فإنّ الهدف الأساس هو النفع العائد إلى الدول المانحة لا الدول المستفيدة، وبهذا الصدد قرأت بحثًا للدكتور كيشور محبوباني الباحث السنغافوري الشهير في مجلة الاستغراب حول تقييم مساعدات الغرب يشير فيه إلى أنّ منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد تحوّلت إلى نادٍ للأثرياء؛ لذا يرى أنّ المساعدات الغربيّة لم تُصمّم لمساعدة المستفيدين بشكل رئيس، بل جاءت لمصلحة المانحين أوّلًا، وينقل عن ريتشارد هولبروك مساعد وزير الخارجيّة لشؤون آسيا والبحر الهادئ أنّه قال: «أخبرني أنّ إحدى مسؤوليّاته الرئيسة هي تعليم مسؤولي الوكالة الأميركيّة للتنمية الدولية وتذكيرهم بأنّ الهدف الأساس من المساعدات الأميركية هو تعزيز المصالح الوطنيّة الأميركيّة، وليس الإحسان إلى العالم». كما يذكر محبوباني أنّ ما يقدّر بسبعين بالمئة من المساعدات المرسلة إلى أفغانستان بين عامي 2002 و2004 م، قد أُنفقت على النفقات الداخليّة لوكالة الأمم المتّحدة، ويضيف قائلًا إنّ المساعدات الغربيّة قد صُمّمت لكي تكون آليةً لرشوة الدول النامية ودفعها لدعم المصالح الغربيّة، بينما كانت مصالح الدول المستفيدة هامشيّة في أفضل الأحوال.

وينقل محبوباني عن كريستوفر باريت الخبير الاقتصادي في جامعة كورنيل أنّ الهدف من المساعدات الأميركيّة الغذائيّة إنّما هو بالأساس دعم المزارع المحلّية ودعم الصادرات الزراعيّة التجاريّة، وتعزيز أهداف أميركا الجيوستراتيجيّة، والتخلّص من الفائض، ودعم الصناعة البحريّة، ليس الهدف الرئيس إطعام الجائعين، ولكن هكذا يتمّ ترويجه.

وإلى الأمر نفسه يشير هشام شرابي في كتابه (المثقّفون العرب والغرب)، بأنّ المشروعات العصرية التي بدأتها الامبريالية في الدول المستعمرة من إنشاء الطرق، وسكة الحديد، وتسهيلات المرافئ، والمؤسسات الإدارية والتعليمية والصحية والزراعية، لم تكن لتنفّذ لولا انهّا تخدم المصالح الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية للاستعمار.
وتأييدًا لما قلته يشير السيد جمال الدين الأفغاني إلى الأزمة المالية التي أصابت مصر آنذاك، فقامت بريطانيا بتنقيص فوائد الدين الذي أعطته لمصر؛ ممّا أدّى إلى اعتراض باقي الدول الأوروبية التي أقرضت مصر أيضًا. ثم يقول جمال الدين إنّ هذه الخطوة من بريطانيا لم تكن رحمةً وشفقةً على مصر وأهلها، وإنما لكي تسود على مصر، إذ كانت ترى أنّ بقاء الفشل المالي لمصر يرجع بنفعه على سائر الدائنين من الأمم الغربية المختلفة، فلا يكون حظّ الخزينة الإنجليزية الخاصة من ثروة مصر وافرًا؛ ولذا بادرت إلى تخفيض فائدة الديون لتستأثر فيما بعد بما تزعم التفضل به الآن على المصريين، فهي تسعى إلى فائدتها الخاصة ليس إلّا.

ونقرأ في كتاب بالغ الأهميّة اسمه (الاغتيال الاقتصادي للأمم) أنّ مؤلّفه جون بركنز كان قرصانًا اقتصاديًّا، ويشرح أنّ مهمّة هؤلاء القراصنة أنْ يسلبوا ملايين الدولارات بالغشّ والخداع من دولٍ عديدةٍ في سائر أنحاء العالم، ويحوّلون المال من البنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكيّة وغيرها من مؤسّسات المساعدة الدوليّة ليصبّوه في خزائن الشركات الكبرى، وجيوب حفنة من العائلات الثريّة التي تسيطر على الموارد الطبيعيّة، فيقومون بإعطاء قروضٍ كبيرةٍ للدول ممّا يسبّب عجز الدول المستدينة عن أداء الديون، وهنا يقومون بإملاء متطلّباتهم على تلك الدول من قبيل السيطرة على تصويت الدول لصالحهم في الأمم المتّحدة، أو إنشاء قواعد عسكريّة، أو الهيمنة على موارد الثروة، كالبترول، وإلّا يتمّ تفعيل الديون وعجز الدولة عن تسديدها مع الأرباح الكبيرة المترتّبة عليها، ممّا يسبّب غلاء المعيشة والتضخّم وسائر المشاكل الاقتصاديّة.
ثالثًا: أنّ تقديم المعونات لا بدّ أنْ تكون على نحو تقديم التقنيّة وطرق التنمية الصحيحة للدول الفقيرة؛ لتتمكّن من الاستفادة من مواردها الطبيعيّة الداخليّة، ومكافحة الفقر من خلال تهيئة فرص العمل والزراعة والصيد، وما شاكل، ولكن نرى الأمر خلاف ذلك؛ إذ المساعدات زادت الفقر فقرًا، وأصبح الناس في الدول الفقيرة بلا عمل، ولا خبرة، ينتظرون المساعدات فقط. وبهذا الصدد يقول كيشور محبوباني: «يوثّق كتاب (المساعدات الميّتة) كيف أعاقت المساعدات الغربيّة تطوّر أفريقيا من خلال سحب حوافز التنمية الذاتيّة؛ فأصبحت الدول الإفريقيّة مدمنةً على المساعدات ومرتبطةً بسلسلة إعادة دفع الفوائد على ديونها، وعوضًا من حلّ مشاكل أفريقيا أسهمت المساعدات في تفاقهما!».
رابعًا: أنّ المنظومة الغربيّة رسمت الخارطة الاقتصاديّة على نحوٍ ماكرٍ، فلا يمكن للدول النامية التي تريد النموّ والتنمية أنْ تجتاز هذه الخارطة، فالمصانع والتقنيّات والإعلام والأموال والمصارف كلّها بيد الغرب، يتحكّم فيها كيفما يشاء، فلا يسمحون بالاستقلال الاقتصادي والوصول إلى العلوم والمعارف المحوريّة، بل هي حكرٌ عليهم، وأداةٌ للسيطرة والهيمنة، فترى أنّ جميع الخيوط الماليّة ترجع إليهم فالحصول على المياه الصحّيّة، والتخلّص من الجوع والصحة والطاقة الآمنة والأمن الغذائي وغيرها من الدعايات الإنسانيّة البرّاقة، لا بدّ أن تُدار جميعها من خلال الشركات الغربيّة الكبيرة.

ومن الطريف ما ورد في رقم (30) تحت عنوان (الخطّة الجديدة) من إعلان التنمية المستدامة: «ونحثّ الدول على الامتناع عن سنّ وتطبيق أيّ تدابير اقتصاديّة أو ماليّة أو تجاريّة أُحاديّة الجانب تتنافى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتّحدة، وتعرقل التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة الكاملة ولا سيّما في البلدان النامية». فهذه الفقرة تؤكّد بصراحة الاستعمار الاقتصادي الغربي حيث لا يسمح للدول بتخطّي مفردات وقوانين المؤسّسات الماليّة الكبيرة التي أسّسها الغرب لرعاية مصالحه، فإذا أرادت دولة الوصول إلى الاستقلال الاقتصادي والمالي والتجاري الحرّ، وبمنأى عن تسلّط هذه المؤسّسات، فإنّه يمنع ولا يسمح لها وإنْ بلغ ما بلغ. هذه هي المصداقيّة والموضوعيّة والإنسانيّة التي ملؤوا الدنيا بها، وهي لا تعدو مصالحهم الخاصّة وإنْ تجاوزت ذلك فمرفوضة ومحاربة. فمن المضحك ما ورد في رقم 52 من هذه الخطّة: «فهي خطّة الناس وضعت على أيدي الناس لصالح الناس». نعم الناس هم الغربيّون والباقون هم ناس ما داموا يعملون في مصالح الغرب، وإلّا لم تكن لهم أيّ كرامةٍ، وأيّ احترام.

فهذه الأمور وغيرها تدعونا إلى التأمّل والتريّث وعدم الانخداع بما ورد في إعلان التنمية المستدامة 2030م، في بعدها الاقتصادي وأنْ ننظر إليها ببصيرة.

السؤال السابع: البعد المهمّ الثاني الذي تؤكّد عليه خطّة التنمية المستدامة هو البعد الاجتماعي، وأهمّ المفردات والأهداف المذكورة في هذا البعد موضوع التعليم وتمكين المرأة، كيف تنظرون إلى هذين الأمرين؟
الجواب: نتطرّق في البداية إلى التعليم، ثمّ نعرّج على مسألة المرأة. يُعدّ التعليم أمرًا مهمًّا في زماننا الحاضر، ومكافحة الأمّية واجبٌ وطنيٌّ ودينيٌّ لا بدّ أنْ يسعى له الجميع، وقد أكّد الإسلام كثيرًا على العلم والتعلّم، حتّى ورد في الحديث أنّ أجنحة الملائكة تُفرش لطالب العلم. ولكن التعليم اليوم وفق المنظومة الغربيّة فيه ما هو إيجابي وما هو سلبي، ونحن لا نستنكف من تعلّم العلم حتّى أنّ الإسلام حثّ على تعلّم الحكمة ولو كانت من المنافق أو الكافر، وقد قال بعض العلماء: «لا ضير في التتلمذ عند الآخرين، ولكن المشكلة أنْ نبقى تلاميذ إلى الأبد»، نعم التلمذة لا بدّ أنْ تكون مقدّمةً للإبداع الوطني والتقدّم وتبيئة العلوم بما يتوافق مع المصالح الوطنيّة والدينيّة. فتعلّم التقنية وسائر العلوم الصناعيّة والطبيّة وغيرها أمرٌ مستحسنٌ لا نستنكف منه.

أمّا الأمر السلبي في هذه الخطة، والذي لا نوافقه:
قد أدخلوا في نظام التعليم التعليم الجنسي للأطفال والمراهقين، والتعليم الجنسي عندهم لا يعني الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، وتقبيح الرذائل والفواحش، ولزوم كفّ النفس عن الشهوات إلّا بالطرق الشرعيّة، بل يعني إطلاق الشهوات وممارسة الجنس كيفما شاء، ومتى شاء، ومع أأأ أيّ شخص شاء، شريطة أنْ يكون آمنًا!

انظر إلى ما ورد في منهاج عمل بيجين ج3 (الهدف الاستراتيجي) (ك): «إيلاء الاهتمام الكامل لتعزيز قيام علاقات بين الجنسين تهتم بالإنصاف والاحترام المتبادل... تصميم برامج محدّدة موجّهة إلى الرجال من جميع الأعمار وإلى المراهقين... تهدف إلى توفير معلوماتٍ كاملةٍ ودقيقةٍ عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسؤول، بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكريّة المناسبة والفعّالة بغية الوقاية من فيروس نقص المناعة...».
الدعوة إلى تعليم حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين ونبذ العنف والمواطنة العالميّة وما شاكل، وهي مفاهيم ومصطلحات لها حمولاتها الخاصّة في المنظومة الغربيّة لا سيّما موضوع المساواة بين الجنسين.

السؤال الثامن: إذًا نظام التعليم بحسب رأيكم منحازٌ أيضًا، ويلبّي سياسات الغرب، وينتهي إلى الاستعمار الثقافي أو الاستعمار التعليمي، حاله حال الاقتصاد؟
الجواب: نعم، مائة بالمائة. انظروا هل يسمحون لنا بالاستقلال العلمي والإبداع، لماذا يصرّون على البعثات العلميّة؛ لأنّهم من خلالها يتعرّفون على النخب، ويفتحون لهم أبواب التعليم عندهم، ولا يسمحون لهم بالرجوع إلى أوطانهم بشتّى الوسائل من قبيل الإغراء وإعطاء الوظائف، وحتّى التهديد والاغتيال، وإذا سمحوا لهم بالرجوع يجعلونهم أداةً طيّعةً بأيديهم تخدم مصالحهم بعد رجوعهم، ويهيئون لهم فرص العمل في المواقع الحساسة لتبقى التبعية للغرب والتحكم في مقدرات البلاد والعباد.

وهنا استذكر مقولةً للباحث المغربي محمّد نور الدين أفايه حيث قال في كتابه (في النقد الفلسفي المعاصر) ما نصّه: «فمنذ بداية القرن التاسع عشر والغرب يعمل على إجهاض كلّ محاولات النهوض العربيّة والإسلاميّة إلى الآن... عمليّة الخصي التي يقوم بها الغرب للعرب والمسلمين تتمّ بطرقٍ وأساليب غير مباشرة من خلال العلاقات الاقتصاديّة والسياسيّة بواسطة الثقافة والإعلام...».

السؤال التاسع: فكيف الأمر في شأن المرأة وما ذاع اليوم في الوسط الاجتماعي من موضوع المساواة وتمكين المرأة؟
الجواب: ينصّ الهدف الخامس من خطّة التنمية المستدامة على: «تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين كلّ النساء والفتيات». ثمّ يشرح هذا الهدف بعدّة فقراتٍ معظمها تخالف تعاليم الدين؛ إذ الدين الإسلامي له موقفٌ خاصٌّ في موضوع تساوي حقوق الرجل والمرأة، والزواج المبكر، والختان، والصحّة الجنسيّة والإجهاض، والميراث والملكيّة، أمّا خطّة التنمية المستدامة فترفض جميع هذه التعاليم، وهنا يحصل التقاطع.

علمًا بأنّ هذه الخطّة قد أولت مسألة المرأة اهتمامًا خاصًّا؛ لأنّها نصف المجتمع، ومن دون إقناعها لا تتحقّق التنمية المستدامة بزعمهم؛ لذا تعدّ مسألة المرأة مسألةً محوريّةً وإنْ خصّصوا لها هدفًا واحدًا.

ومن الطريف ما ورد في الإعلان هذا من التنديد بالاستغلال الجنسي للمرأة والقضاء عليه، والحال أنّ الغرب هو الرائد في ذلك بلا منازع حيث أصبحت المرأة في الغرب أداةً بيد الرجل يستفيد منها في الملاهي والأفلام والدعايات ومراكز العمل، ثمّ ينبذها بعد ما يتمّ عمله، فالمرأة في الغرب مستغَلّةً بامتياز، ليست لها أيّة كرامةٍ، وبمجرّد ما تفقد مفاتنها وتصل إلى الشيخوخة ترمى في سلّة النفايات ويُستبدل بها غيرها.

السؤال العاشر: بقي البعد الثالث من أبعاد خطّة التنمية المستدامة وهو موضوع البيئة، الأمر الذي نشترك جميعًا في لزوم الاهتمام به ورعايته لأنّه يتعلّق بحياة الإنسان وصحّته، فكيف هو تقييمكم له؟
الجواب: كما تفضلتم فإنّ موضوع البيئة في غاية الأهميّة؛ إذ تتعلّق بحياة الإنسان وصحّته ونموّه، والاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها قد ورد في تعاليم الدين كثيرًا، وربّما يكون الدين أهم عامل للحفاظ على البيئة من الضياع والعبث، وهناك مقولةٌ قيّمةٌ لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، يجب أنْ تكتب بماء الذهب وتُعرّف إلى العالم أجمع، فقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام) كما ورد في نهج البلاغة: «اتّقوا الله في عباده وبلاده فإنّكم مسؤولون حتّى عن البقاع والبهائم». فوفق المنظومة الدينيّة لا يحقّ للإنسان العبث في البيئة وإفسادها بل إنّه مسؤول أمام الله تعالى في كيفيّة تعامله معها.

ونحن إذا نظرنا إلى الغرب لرأيناه في صدارة الإضرار بالبيئة من خلال النفايات النوويّة والتلاعب البيولوجي، وتحسين الجينات وغازات المصانع، وتلوّث المياه والبحار، والعالم الثالث المسكين ليس له دورٌ في ذلك، ولا يكون سوى مستورد للبضائع، وما زالت الدول الكبرى مليئةً بالأسلحة النوويّة والبيولوجيّة والفايروسات الفتّاكة والأسلحة الممنوعة التي تدمّر البيئة.

السؤال الحادي عشر: أمّا الآن وقد شارفنا على نهاية هذا الحوار فكلمة أخيرة وختاميّة.
الجواب: نحن مع النقاط الإيجابيّة الموجودة في هذا الإعلان شريطة ألّا تُفسّر وفق المنظومة الغربيّة، فنحن مع التعليم، ورفع الظلم والعنف عن النساء، ومكافحة الفقر والجوع، والمحافظة على البيئة لكن بمعانيها السليمة التي لا تتناقض مع الدين والقيم والفطرة.

ونقول لمن دوّن هذا الإعلان يلزم إشراك الجميع في تدوينه ومراعاة أعراف وتقاليد وتراث الشعوب وعدم إهمال الدين والأخلاق، حيث لا نرى للدين ودوره في بثّ السلام والعدالة والاندماج أيّ أثر، وكذلك لم نر هدفًا يتعلّق بالأخلاق رغم أهميّته ودوره في سلامة المجتمع.

مضافا إلى أنّ الوضع الأمني والعسكري الذي تشهده المنطقة خلال هذا العام لا يساعد تحقيق بنود هذا الإعلان وتطبيقها على العالم؛ لذا نتوقع من المنظومة الغربية إصدار قراراتٍ استعماريةٍ جديدةٍ أوسع وأشد من هذه الخطة.

وختامًا أتمنى أنْ تُعقد ورشٌ علميّةٌ تجمع نُخب العالم الإسلامي لمناقشة هذه الخطّة وتعديلها، أو كتابة خطّةٍ تنمويّةٍ جديدةٍ أخرى تتناسب مع الدين الإسلامي ونمط الحياة الإسلامية وقيمنا الشرقيّة، من خلال دعوة العلماء والنخب الإسلاميّة للمشاركة في ذلك، وتعميمها على الدول الاسلامية لتأخذ طريقها نحو التطبيق.

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وشكرًا لكم على إتاحة هذه الفرصة.